×
محافظة المنطقة الشرقية

«طرقاتنا بلا مخلفات».. حملة للأمانة وأرامكو للتخلص من مخلفات وأنقاض المباني

صورة الخبر

دأب بعض الصحفيين العرب والأجانب على مهاجمة دول الخليج بسبب أو من دون سبب. وقد بدأت هذه الحملات الإعلامية منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولم تتوقف. وكانت هذه الحملات تتهم بعض دول المجلس بدعمها للتطرف والإرهاب! وبعد أن أصبحت هذه الدول ضحية لأعمال إرهابية، وقامت بأعمال مشهودة لمحاربة التطرف ومنع تدفق الأموال لبعض الجمعيات الأجنبية، وحدّت من خطر الإرهاب، وطاردت شبكاته المتعددة العابرة للحدود، تغيّرت نغمة الانتقاد، وأصبحت موجهة ضد نظام الكفالة وطرق التعامل مع العمالة الأجنبية. وكانت الحملات الصحفية في الماضي ضد بعض الدول الخليجية مرتبطة بالحرب العربية الباردة في أواخر الخمسينيات والستينيات، غير أنّ تلك الحملات كانت ذات طابعٍ إقليمي، وكان بعض الصحفيين العرب يقتات من هذه الحملات، فيؤجِّر قلمه لمن يدفع أكثر، وكلما سنَّ قلمه وشحذ لسانه، كلّما زادت مدفوعاته، لكفّ أذاه عن هذه الدول ومصالحها. أما اليوم، فقد شهدت دول الخليج تطوراً اقتصادياً هائلاً، وتريد أن تصبح جزءاً من المجتمع الدولي. ولذلك، فهي تقوي من حضورها الدولي وتسهم في الأنشطة الرياضية العالمية، ونجحت في ذلك، فحققت الفوز باستضافة كأس العالم على أراضيها من قِبل دولة قطر عام 2022، وفازت دبي باستضافة المعرض الدولي إكسبو عام 2020. وتتبنى بعض الدول الخليجية، أو مؤسسات رسمية فيها، رعاية بعض الفرق الرياضية الأوروبية الكبرى، ناهيك عن استقطاب الجامعات والمتاحف العالمية المشهورة. وقد أثار ذلك حسد بعض هذه الجهات، كما أثار ضغينة بعض الكُـتاب الذين كانوا يعملون في وظائف فيها، ما حدا بهم للتصدّي للكتابة عن بعض دول الخليج بأسلوب مقزز، وبشكل شبه أسبوعي، في محاولةٍ للتأثير على سمعة هذه الدول، والتأثير على قبول العمالة الأجنبية للعمل فيها. وقد نجحوا في التأثير على زيادة أسعار هذه العمالة في بعض البلدان المضيفة، لمصلحة الدول المصدِّرة للعمالة والوسطاء، أكثر منها لمصلحة العمّال أنفسهم. وقد ظهرت عدّة مقالات خلال الصيف الماضي عن مشكلة العمّال النيباليين في دولة قطر، وتوالت التغطيات الإعلامية لمشاكل العمّال الأجانب في السعودية، ومحاولة الحدّ من تهريبهم إليها، أو المكوث فيها بشكلٍ غير قانوني. وانعكست هذه الحملات على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر، بشكلٍ يحاول تشويه الحقائق دون فهم طبيعتها ودراستها بشكلٍ معمّق. وقد ظهرت مؤخراً محاولات لاستقطاب دعم نقابات العمّال الأوروبية والأميركية لمثل هذه الحملات بداعي عدم مراعاة شركات البناء والمقاولين لمعايير وشروط العمل الدولية. وقد رأت هذه النقابات، وهي التي تقف بشكلٍ عنصري ضد العمالة الأجنبية في بلادها، في هذه الحملة فرصة للتنفيس عن نفسها والضغوط الحادثة في بلادها بسبب مستويات البطالة العالية فيها، وهجرة الشركات متعددة الجنسيات لهذه البلدان ذات التكلفة العمالية العالية، إلى بلدان أرخص نسبياً، سواءً في جنوب وشرق آسيا، أو على حدود الاتحاد الأوروبي في بلدان أوروبا الشرقية. والحقيقة أنّ هذا الكاتب هو آخر من سيدافع عن السياسات العمالية الخليجية الحالية، فأجور بعض العمالة الأجنبية في بلدان الخليج لا زالت ضعيفة أحياناً، ولكنها أعلى بكثير من مستويات الأجور في بلدانها الأصلية. فسائق سيارة نقل عادية يحصل في دول الخليج على حوالي 500 دولار في الشهر، بينما يحصل السائق نفسه، مؤدياً العمل نفسه، وفي ظروف أصعب، على نحو 150 دولاراً في بلده الأصلي. بمعنى أنه يتقاضى حوالي ثلاثة أضعاف معدّل راتبه الأصلي من خلال عمله في أيّ دولة خليجية. وقد حاولت دول الخليج تحسين ظروف عمل هؤلاء العمّال، وسنت القوانين التي تمنع العمل في وقت الظهيرة، حيث تصل درجات الحرارة إلى نحو 50 درجة مئوية في الشمس. كما فرضت على أصحاب العمل الالتزام بعقود تفرض عليهم توفير السكن والإجازات، والمرتبات والمكافآت للعمّال والمتعاقدين. كما طبّقت قوانين التقاعد بسبب العجز، أو الشيخوخة، لهؤلاء العمّالن بحيث يحصلون على مرتبات تقاعدية بعد قضائهم عشرين عاماً على رأس عملهم في دول الخليج العربية. وحتى لو افترضنا أنّ هؤلاء الصحفيين مدفوعون بقيم أخلاقية، ومنطلقات إنسانية للدفاع عن العمّال الأجانب، فإنّ القياس هنا يجب أن يكون بمعيارٍ واحد. فبعض الدول الغربية تتعامل مع اللاجئين الأجانب بقدرٍ كبير من الاحترام والإنسانية، وتقدِّم لهم الدعم والمساعدة بكل الطرق الممكنة. غير أنّ هناك دولاً غربية أخرى تحتجز هؤلاء اللاجئين الذين يصلون إليها في معسكرات أشبه ما تكون بالمعتقلات، أو قد تتم مطاردتهم ومنعهم من الوصول إلى السواحل، وربما قضى العديد منهم وغرق في عرض البحر من مثل هذه الممارسات. غير أنّ هؤلاء الصحفيين لم يتفوهوا بكلمة نقدٍ واحدة لهذه الممارسات غير الإنسانية. وتحتاج الآلة الإعلامية في دول الخليج العربية لتصبح ذات صوتٍ أعلى، خاصة في المحافل الدولية، وتجابه مثل هذه الحملات بشكلٍ قوي، وبمنطقٍ يقوم على الأرقام والحقائق. كما تحتاج دول مجلس التعاون إلى التنسيق بشكلٍ أكبر داخل المنظمات الدولية الخاصة بالعمال، مثل منظمة العمل الدولية. ويمكن أن تتفاوض مع الدول المصدِّرة للعمّال من خلال مجلس التعاون، بحيث تكون الاتفاقيات العمالية الموقعة مع هذه الدول أقل إجحافاً مما هي عليه في الوقت الحاضر، مع أرباب العمل في دول المجلس نفسها. فاعتمادنا على العمالة الأجنبية سيبقى لفترةٍ طويلة، طالما ظلّت عجلة التنمية والتطوّر الاقتصادي تدور في دول المجلس. وسيظل الهاجس الإنساني الخاصّ بالعامل نفسه، وظروف عمله، واستلامه لمستحقاته، هو المعيار الأساسي لمثل هذا التعامل. غير أنّ محاولة استغلال هؤلاء العمال بقصد فرض ضرائب أكثر عليهم من قِبل الدول المصدِّرة للعمالة، أو استغلالهم إعلامياً بقصد تجريح دول المجلس وسياساتها الاقتصادية، أمرٌ ينبغي التصدي له بطرقٍ إعلامية إيجابية، وليس بالضرورة شراء سكوت هذه الأقلام ومحاولة إسكاتها، فكلما حاولنا ذلك، كلما زاد عدد روّاد هذا المجال من أدعياء الصحافة، وكلما زاد ابتزازهم لنا. ويمكن أن تكون السياسات العمالية في دول المجلس أكثر مرونة، وذلك بتعدد منافذ التوظيف، بدلاً من حصرها في بلدان معينة. فطالبو العمل يتقاطرون على بلدان تتميّز بازدهار اقتصادي من دول متعددة، وكلما فتحنا الأبواب بشكلٍ قانوني لاستيراد العمالة المطلوبة والمؤهلة، كلما نجحنا في تخفيف الابتزاز الحادث من بعض الدول المصدِّرة للعمالة. والعمل الإعلامي الجادّ، والتفاوض الجماعي القوي، هما الأداتان المميزتان للردّ على مثل هذه الحملات الإعلامية المغرضة. * نقلا عن الاتحاد الإماراتية ** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.