تحسين صورة المملكة على المستوى العالمي، من بعد أحداث 11 سبتمبر وهذا التعبير (الإعلامي) يتردد بكثافة على مستوى الخطاب الشعبي والإعلامي، بصورة متصلة ولم يتوقف لدرجة ان مجلس الشورى انتقد تقصير وزارة الخارجية عن تصحيح هذه الصورة عالمياً. وان كانت أحد قوانين اللعبة السياسية والتأثير في القرار الدولي وصناعته، يتطلب حضور المملكة ضمن خلفية حضارية منتصرة لقوانين الإنسانية ومندرجة ضمن المجتمع الدولي، لكن من الصعب أن ننقل قوانين الدبلوماسية الخارجية للنطاق المحلي بحيث يصبح (تحسين صورة المملكة داخل المملكة أيضاً هدفاً) فينشغل الجميع بالصورة.. ويتركون الأصل. فنفقد هنا المكتسبات الوطنية في ساحة الحوار الإيجابي والشفافية في مناقشة قضايانا، فتتحول قضايانا المحلية إلى تابو وخط أحمر يستبطن تهم التخوين والرسائل التي تضمر الإدانة لكل مناقشة للشأن المحلي على اعتبار أنها ستوظف كثغرة للأبواق الإعلامية المتربصة بالمملكة في الخارج. ولأننا في هذه الحالة من الصعب أن نفصل بين الصورة والأصل، فإننا نبدو كأهل بيت يناقشون قضاياهم الداخلية بحماس وقوة وصوت مرتفع، فيبادر بعضهم بطلب الصمت أو خفض الصوت، لا لأن القضايا حلت، والأمور استقرت على (الجودي) بل خشية أن يصل الصوت للجيران. هذه الرؤية تحمل الكثير من التسطيح والتهميش لقضية الصورة وصناعتها، وطبيعة الإعلام الحديث السائلة المتحركة المنصبة في كثير من المسارات التي يصعب السيطرة عليها متناسين أن أسقف النقاش المرتفعة التي يناقش بها المواطن في السعودية قضاياه قد تكون بحد ذاتها مؤشراً إيجابياً، ونوعاً من متطلبات المرحلة تحتاجها المجتمعات في المنعطفات التاريخية. لسببين: _الأسقف العالية التي تحققت للمواطن للتعبير في السنوات الأخيرة سواء عبر الإعلام أو عبر وسائل الاتصال الاجتماعي، تحتم في المقابل الوضوح والشفافية على المستوى الإداري وصناعة القرار، ومستقبلاً في مسيرة التحول الوطني، وإلا سيكون بدلاً من هذا كم وافر من الإشاعات والتخرصات، والاختراقات التي من الممكن أن تحدث غيمة من الضبابية والبلبة. - إن كان النقاش المرتفع يزعج بعض الموظفين المسرفين في تطويل ثوب الوطنية، لكنهم هنا سيغفلون عن أمر آخر في غاية الأهمية وهو تلك السمة الصحراوية التلقائية في العلاقة بين أطراف المثلث السياسي محلياً، التي تتضمن الكثير من البساطة وغياب الإجرائية البرتوكولية المعقدة، فعلى سبيل المثال أثناء الاحتدام والسخط الذي تميزت به النقاشات حول تجاوزات هيئة الأمر إثر مطاردة وسحل فتاة مجمع النخيل والتبعات التي تلت ذلك، فإن النداءات كانت تنطلق ولاسيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي من تحت مظلة الخيمة الوطنية الكبرى إلى أعلى سلطة سياسية عبر تعبير شعبي بسيط: تكفى يا أبو فهد.. سواء عبر المقاطع أو التغريدات أو القصائد، وهي المقولة التي كانت عبر تاريخنا الصحراوي تذهب على الأرض الرطبة المطمئنة الواثقة بحضور الأذن الصاغية. لذا نرجو من المسرفين في تطويل ثوب الوطنية، الموغلين في طقوسهم البروتوكولية.. أن يحسنوا الظن بالهواجس الوطنية التي تعبر عن نفسها بوضوح وبلا مواربة وداخل إطار وطني. لأن المواطن العاشق لوطنه بالتأكيد.. سينشغل بالأصل.. لا بالصورة. omaimakhamis@yahoo.com لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net