تنفذ جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بالظهران مشروعًا ضخمًا لدراسة الثروة السمكية في المياه الإقليمية للمملكة بالخليج العربي، ويتضمن المشروع أربع دراسات تقدم في النهاية تصورًا واضحًا مبنيًا على دراسات وإحصاءات علمية عن الثروة السمكية، ويتكون المشروع من دراسة المخزون السمكي، دراسة البيئات المائية والمؤثرات عليها، ودراسة عن تأثير الصيد الجائر غير المنظم على الثروة السمكية، وتصب نتائج هذه الدراسات في الجزء الرابع من المشروع والذي يتكون من دراسة لإدارة الثروة السمكية في الخليج، وتغطي الدراسة المياه الإقليمية السعودية في الخليج العربي الممتدة من الحدود البحرية مع الكويت وحتى رأس أبو قميص. ينفذ المشروع بالكامل من قبل مركز الدراسات البحرية في مركز البيئة والمياه في جامعة الملك فهد، بعد إسناد المشروع للجامعة من قبل وزارة الزراعة وتشارك شركة أرامكو السعودية في الدعم والتمويل إضافة إلى الدعم الفني. وذكر مدير مركز الدراسات البحرية في مركز البيئة والمياه بمعهد البحوث في الجامعة د. محمد قربان أن هذا المشروع يدرس جميع ما يتعلق بالثروة السمكية، وأوضح أن الدراسة الأولى وهي دراسة المخزون السمكي الكمي تحتاج إلى مسح كامل للمياه الإقليمية للمملكة في الخليج، وأشار إلى أن هذه الدراسة تحتاج إلى عشر سنوات أو أكثر لإنجازها كاملة، وأضاف «هذه الدراسة لن تكتمل بالتزامن مع الدراسات الأخرى لأنها تحتاج وقتًا أطول، وسنقدم أجزاء من الدراسة يتم تحديثها سنويًّا وإعطاء النتائج بينما ستكتمل المحاور الأخرى في المدة المحددة التي تبلغ 4 سنوات». وأوضح أن المحور الثاني من المشروع يدرس البيئات السمكية والمؤثرات عليها مثل الأعشاب البحرية، المانجروف، بيئات المرجان البحري ومدى تأثرها بالعوامل المحيطة مثل بناء الأرصفة البحرية، وأضاف أن هناك الكثير من النقاش حول البيئات المائية كالمرجان والمانجروف والأعشاب البحرية ومن المهم دراستها وتأثيرها على الثروة السمكية، مشيرا إلى أن دراسة البيئات المائية أصعب جزء في المشروع. وقال إن المحور الثالث يدرس تأثير الصيد الجائر على الثروة السمكية، وتأثير عدم تنظيم فترات الصيد واستخدام شباك غير مناسبة وطرق صيد خاطئة ومدى تأثير هذه الممارسات على الثروة السمكية. أما المحور الرابع وفقا للدكتور قربان فهو دراسة تتعلق بإدارة الأسماك، مشيرًا إلى أن هذا المحور يستخدم البيانات التي توفرها الدراسات الأخرى ومراجعة قوانين وزارة الزراعة لتصميم خطة متكاملة لإدارة وحماية الثروة السمكية في مياه الخليج العربي. وأضاف أنه في نهاية المشروع سيتم تقديم الدراسات كاملة إلى وزارة الزراعة مؤكدا اهتمام الجامعة بالمشروع باعتباره مشروعا استراتيجيا يساهم في دعم الأمن الغذائي ولا تسعى الجامعة من ورائه إلى تحقيق مردود مالي أو نشر علمي. وتابع الدكتور قربان أن المشروع سيوفر معلومات وبيانات علمية دقيقة تشكل مرجعا مهما للمعلومات عن الثروة السمكية والبيئة البحرية في الخليج وستضع حدا للأطروحات الخاطئة والآراء الفردية غير المتخصصة وإلقاء التهم على جهات باعتبارها متسببة في انخفاض الثروة السمكية في الخليج. وأكد أن المشروع سيضع تصورًا كاملاً للمخزون السمكي في مياه الخليج بعيدًا عن التكهنات والتوقعات غير القائمة على أسس علمية، وأوضح أن الحديث عن تناقص المخزون السمكي في المملكة ليس دقيقا، ولكن ربما تغيرت أماكن وجود الأسماك، فمثلا وفرت منصات البترول بيئة مناسبة للأسماك لأن عمليات الصيد ممنوعة حولها مايحافظ على التنوع السمكي فيها إضافة لبعض المواقع الساحلية الخاصة بسلاح البحرية، ولكن التوزيع والكميات لن تعرف تمامًا إلاّ بعد الانتهاء من الدراسة وبناء نماذج. وقال إن الدراسة لم تعتمد فقط على العينات والبيانات الحالية بل اعتمدت أيضًا على معلومات تاريخية من وزارة الزراعة، وقال إن وزارة الزراعة أبدت تعاونا كبيرًا في تزويد فرق الدراسات بالمعلومات اللازمة لإنجاز المشروع. وأضاف أن مركز الدراسات البحرية لديه خبرة لأكثر من 30 سنة ويمتلك خبرات وكفاءات متميزة، لكن المركز لم يكتف بالقدرات الموجودة بل استقدم خبراء عالميين من الدانمارك والصين وتونس وألمانيا، ويساهم هؤلا مساهمة مباشرة في المشروع. وبين أن المركز صمم بالتزامن مع تنفيذ المشروع صفحة إلكترونية تقدم معلومات متكاملة وتربط حرس الحدود والصيادين ووزارة الزراعة، ويقدم الموقع معلومات كثيرة مثل عدد السفن والقوارب وحجم الصيد، وأضاف أن مركز الدراسات البحرية سيدرب كوادر وطنية من وزارة الزراعة في عدة ورش على إدارة وتحديث الموقع الإلكتروني. وأكد د. قربان أن المركز يوظف جميع الجهود لخدمة هذا المشروع باعتباره مشروعًا إستراتيجيًّا مهمًّا، مشيرا إلى مواجهة الفريق للكثير من الصعوبات والعوائق التي كان أهمها ندرة الكوادر المتخصصة وصعوبة استقطاب خبراء متميّزين للمساهمة في المشروع. وأضاف إنه في سبيل تعزيز عمل فرق المشروع عقدت الجامعة اتفاقية تعاون مع معهد آزتي Azti، وهو معهد عالمي متخصص في الدراسات السمكية ويملك كوادر وخبرات نادرة وتنص الاتفاقية أن يدعم المعهد جهود مركز الدراسات البحرية والاستفادة من خبراته وتقديم المشورة العلمية المتخصصة. وبين أنه سيتم الانتهاء من ثلاثة محاور من المشروع خلال السنتين المقبلتين بينما ستستمر دراسة المخزون السمكي لمدة أربع سنوات. وحول طريقة عمل الفريق ذكر الدكتور قربان أن الفريق يقوم برحلات دورية بحرية، تستغرق كل رحلة 3 أسابيع في البحر، وتتحرك السفينة من الخفجي وتمر بشكل دائري على عدة محطات ويتم خلال الرحلة جمع أسماك من مختلف المناطق ونأخذ قياسات معينة. المزيد من الصور :