أفاد مسؤولون وخبراء مشاركون في مؤتمر مكافحة الاحتيال في الشرق الأوسط، الذي عقد في دبي أمس، بحضور سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، بأن دولة الإمارات تعد من أقل الدول من حيث معدلات الفساد، نظراً إلى الشفافية واتباعها لإجراءات وقائية ضد الفساد، ما أدى إلى تصدرها مكانة متقدمة في قائمة الدول الأكثر شفافية والأقل فساداً. ولفتوا إلى أن الدولة قطعت شوطاً كبيراً على مستوى تحسين أنظمة الرقابة على الاحتيال ودعم أنظمة الحوكمة، ما أدى إلى تحسن ورفع الاستثمار في هذا المجال. إلى ذلك، أفادت دراسة لشركة أوبن ثينكينغ، بأن جرائم الاحتيال الإلكتروني في القطاع المالي كبدت المؤسسات والأفراد عالمياً خسائر بلغت 1.65 تريليون درهم. مكافحة الاحتيال اختلاس الموظفين الأكثر شيوعاً في المنطقة قال المدير التنفيذي لخدمات التحقيق والمنازعات في شركة ديلويت الشرق الأوسط، رالف ستوبفاسر إن تأثير الجرائم المالية عالمياً يقدر عالمياً بتريليونات الدولارات، مشيراً إلى أن هنالك زيادة نوعية في حجم الإنفاق على الوقاية من الاحتيال في الشرق الأوسط، وزيادة في عدد المختصين في هذا المجال، خصوصاً من جانب البنوك. وأضاف أن اختلاسات الموظفين لاتزال هي حالات الاحتيال المالي الأكثر شيوعاً في المنطقة. وتفصيلاً، حضر سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي، أمس مؤتمر مكافحة الاحتيال في الشرق الأوسط، الذي نظمته دائرة الرقابة المالية في دبي. وتطرق المؤتمر لبعض المسائل الأكثر إلحاحاً في مجال مكافحة الاحتيال وتشمل العملات الافتراضية والصيرفة الإلكترونية وغسيل الأموال وأمن الشبكة المعلوماتية. وبدأ المؤتمر الذي حضره مدير ديوان صاحب السمو حاكم دبي، محمد إبراهيم الشيباني، وعدد من المسؤولين، بمحاضرة قدمها المدير التنفيذي لشركة أتش كي للاستشارات المالية، حامد كاظم، تطرق خلالها إلى التحديات المتنوعة التي تواجهها المجتمعات خصوصاً ما يتعلق بموضوعات الغش والاحتيال المالي. ونوه كاظم بضرورة ضبط النفقات والخطر الذي يتزايد في حالات التباطؤ الاقتصادي وضرورة تخصيص الإنفاق على الموارد البشرية كما هو معمول به على التكنولوجيات والتركيز على العنصر البشري والاهتمام في اختيار الموظفين الذين يملكون الإمكانات والمؤهلات كمرحلة أولى مع التحقق من أدائهم، والتركيز على الناحية الإنسانية عبر تهيئة بيئة داعمة للسعادة. ودعا كاظم إلى نشر ثقافة الوعي بين الموظفين حول مخاطر الاحتيال. من جهته، ألقى الخبير الدولي في الاحتيال، جفري روبنسون محاضرة حول حالات الغش والاحتيال التي أصبحت آفة، مثنياً على دور جمعية مكتشفي الاحتيال والرقابة المالية وجهودها الكبيرة في مواجهة تلك الآفة. وعرض روبنسون بعض الشواهد التاريخية والقصص المتعلقة بعمليات الاحتيال والأسباب التي تسهم في انتشار تلك الآفة وطرق مكافحتها. خسائر عالمية إلى ذلك، قال المدير التنفيذي لشركة أوبن ثينكينغ، اياد مرتضى، وأحد المحاضرين في المؤتمر إن خسائر الاحتيال الإلكتروني للمؤسسات والأفراد عالمياً بلغت 1.65 تريليون درهم ( 450 مليار دولار) خلال العام الماضي، في حين بلغت خسائر الأفراد والمؤسسات في دولة الإمارات من عمليات الاحتيال الإلكتروني والقرصنة نحو خمسة مليارات درهم في 2015، مقدراً عدد العمليات التي تمت من خلالها استنزاف هذه الأموال عالمياً بملايين العمليات من القرصنة الإلكترونية. وأضاف مرتضى أن هذه العمليات تركزت على بطاقات ائتمان استخدمها أصحابها في الشراء عبر الإنترنت، حيث استحوذت على ما يقرب من 20% من عمليات الاستهداف لهؤلاء القراصنة، وتتوزع النسبة الباقية على عمليات أخرى، منها اختراق حسابات لبنوك وعمليات تحويل مالي من حسابات عملاء، واختراق لحسابات الشركات، ونسخ بطاقات ائتمانية، وسرقة بيانات وبيعها لجهات تستفيد منها غيرها من عمليات الاحتيال. وأشار مرتضى إلى أن الإمارات تعتبر من الدول المستهدفة من قبل القراصنة وهو ما يستدعي الاهتمام أكثر بالتأمين الإلكتروني، مرجعاً ذلك إلى أن الأفراد بالإمارات لا يتحوطون لمثل هذه الهجمات، حيث يوجد الكثير من الثقة لدى هؤلاء الأفراد ويظهر ذلك في قبول صداقات جديدة أو تصفح غير آمن أو ما شابه. ولفت إلى أن الدراسات تثبت أن نسبة التخوف من إفشاء المعلومات عبر الإنترنت في الشرق الأوسط تعتبر منخفضة حيث لا تتجاوز الـ 30%، لافتاً إلى أنه من بين كل 10 أشخاص هناك ثلاثة أشخاص فقط يتحوطون الكترونياً مقابل سبعة أشخاص في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، حيث تتميز هذه الدول بنسبة كبيرة من الحذر تجاه التعامل المالي عبر الإنترنت. معدلات الفساد من جانبه، قال رئيس المكتب الفني في دائرة الرقابة المالية في حكومة دبي، محمد مصطفى حسين، إن دولة الإمارات تعد من أقل الدول من حيث معدلات الفساد، نظراً للشفافية والنزاهة العالية واتباع إجراءات وقائية ضد الفساد، ما أدى الى تصدر الإمارات مكانة متقدمة في قائمة الدول الأكثر شفافية والأقل فساداً. وذكر حسين أن هناك ثلاثة أنواع للفساد في أي دولة من دول العالم وهي استغلال المنصب للحصول على رشى مقابل الإخلال بمهام وواجبات المنصب، والتربح بمعنى استغلال المنصب لتحقيق ربح شخصي في ظل وجود تعارض للمصالح، وأخيراً الإضرار بالمال العام عبر تعمد موظف عام تحقيق ربح لنفسه أو للغير بشكل يضر بالمال العام. وأشار إلى أن الإجراءات الوقائية التي تتبعها الدائرة تشمل اتباع منهجيات علمية في اكتشاف الفساد قبل حدوثه والتعاون مع إدارات التدقيق الداخلي في الهيئات والدوائر الحكومية من أجل زيادة التنسيق الذي يحد من فرص ارتكاب المخالفات، ثم إحالة المخالفات للنيابة العامة، ما يعد رادعاً أمام تكرار ارتكاب المخالفات أو حالات الفساد في الجهات الحكومية. وتابع حسين أن سلطات الرقابة المالية للدائرة تغطي كل الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة والشركات التي تسهم فيها الحكومة بنسبة تزيد على 25% والجهات التي تقدم الحكومة إعانة مالية لها أو منحاً، وكذا الجهات الأخرى الخاصة التي يوجه صاحب السمو حاكم دبي أو سمو رئيس المجلس التنفيذي بإجراء رقابة مالية فيها. ونوه حسين، بأن عدد الجهات التي تخضع لرقابة الدائرة يزيد على 100 جهة في دبي، فضلاً عن وجود أكثر من 50 مدققاً للرقابة المالية يعملون في الدائرة، حاصلين على شهادات في مجال مكافحة الفساد والاحتيال. وأكد حسين، أن المعلومات المتعلقة بعدد المخالفات التي أحالتها الدائرة للنيابة العامة تعتبر معلومات سرية ولا يمكن الإفصاح عنها، مشيراً إلى أنه يتم الإعلان عن بعض المخالفات من وقت لآخر، حيث تطبق الدائرة منهجية حديثة في المراجعة لاكتشاف حالات الفساد، كما تقوم الدائرة بعمليات مراجعة مستمرة في الجهات الخاضعة لرقابتها، فضلاً عن عمليات فحص بشكل فجائي مثل مراجعة المخازن أو عمل جرد مفاجئ. من جهته، قال المدير العام بالإنابة لدائرة الرقابة المالية بحكومة دبي، عبدالله محمد الحريز، إن التعاون في مجال مكافحة الاحتيال هو مسوؤلية مشتركة بين دائرة الرقابة المالية والجهات الخاضعة للرقابة. في السياق نفسه، قال المدير التنفيذي لخدمات التحقيق والمنازعات في شركة ديلويت الشرق الأوسط، رالف ستوبفاسر، إن الإمارات قطعت شوطاً كبيراً على مستوى تحسين أنظمة الرقابة على الاحتيال ودعم أنظمة الحوكمة، وهو ما أدى إلى تحسن ورفع الاستثمار في هذا المجال، حتى باتت معظم أنظمة الرقابة على الاحتيال في الدولة تتماشى مع أفضل الممارسات العالمية. وأضاف ستوبفاسر: أعتقد أن مكافحة الجرائم المالية تساعد اقتصاد الدولة على خططها الرامية إلى زيادة تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، وتسهم في دخول المزيد من الأموال بطرق قانونية إلى الدولة، وبالتالي دعم الاستثمارات العالمية في الإمارات.