×
محافظة حائل

تصادم بعامود إنارة يقتل شاباً ويُصيّب آخر

صورة الخبر

في سابقة تحدث لأول مرّة، في تاريخ الجوائز الأدبية التي تمنح في أميركا، فاز كتاب مُواطن أنشودة أميركية، للشاعرة الأميركية السوداء كلوديا رانكين، بجائزة حلقة نقاد الكتاب القومي المرموقة، والتي أعلنت في مارس 2015، عن فئة الشعر والنقد على حد سواء، وقد وصفت صحيفة لوس أنجيليس تايمز الكتاب بالعصيّ على الوصف، ثم استطردت قائلة، ويكفي القول إنّ هذه القصيدة التي تقرأ كمقالة (أو بالعكس) هي قطعة كتابيّة تجترح شكلًا جديدًا لنفسها، دامجة الصور والشعارات والتعليق الاجتماعي والبوح والتجليّات الثاقبة والشجيّة كي تستحضر نقطة التقاطع بين الحياة الداخلية والحياة الخارجيّة. يقول الشاعر والمترجم تحسين الخطيب عن هذا الكتاب: لا تكمن أهمية كتاب كلوديا رانكين في نيله جائزة مرموقة سابقة، وإنما في طرائق استقصائه للعنصريّة المتفشيّة في كل مكان؛ ليس في الحياة اليومية العادية لأميركا القرن الحادي والعشرين فحسب، وإنما على صعيد حيواتها الثقافية والإعلامية والسياسية أيضًا. ويضيف قائلًا: هو أنشودة تتغنّى بقيم الحرية والعدالة، في زمن تسوده الأوهام. قصائد عن المنافي الجوّانية للسود، وعن التشظي والمعنى العميق للهوية؛ بل إنه عن الزنوجة في تعدد أحوالها ومقاماتها، وعن النزوع الى الانتماء، حتى لو كان هذا الانتماء -حسب رانكين نفسها- يسحقنا بضربته القاضية. إنه عن الذات التي تسقط في الاستعارة والمجاز، في الزمن الدوّار الذي يلفّها. فيما يلي نقدم ترجمة للصفحات الأولى من الكتاب: حين تكونين وحيدة ومرهقة جدًا حدَّ ألا تستطيعي تشغيل أي جهاز من الأجهزة الخاصة بك، فإنك تدعين لنفسك أن تتواني في طيات ماضٍ مكوم بين وسائدك. عادة ما تكونين قابعة تحت الأغطية والمنزل خاو. القمر يكون غائبًا أحيانًا وفيما وراء النوافذ يبدو السقف الرمادي الخفيض دانيًا. ضوؤه المعتم يبهت بمستويات متفاوتة حسب كثافة الغيوم وأنت تتقهقرين إلى ما يُعاد تشكيله كإحدى الاستعارات. عادة ما يكون الطريق مترابطًا بغيره من الطرق. رائحتك زكية. أنت في الثانية عشرة من عمرك تدرسين في مدرسة (سينتس فيليب وجيمس) الواقعة في طريق (وايت بلينز) والفتاة التي تجلس في المقعد خلفك تطلب منك أن تميلي صوب اليمين أثناء الاختبارات لتتمكن من نسخ ما قد كتبته. الأخت هيلين اعتادت أن تضع أسماء الحاصلين على الدرجات الكاملة وأولئك الذين لم ينجحوا في اجتياز الاختبارات على بابي خزانة المعاطف. الفتاة شعرها بني يصل إلى خصرها. لا تستطيعين تذكر اسمها: ماري؟ كاثرين؟ لا تتحدثان مطلقًا إلا حين تطلب منك ذلك الأمر ولاحقًا حين تخبرك أن رائحتك زكية وأن قسماتك أقرب لقسمات فتاة بيضاء. تفترضين أنها تشكرك لتركها تغش وأنها تحس بالراحة لأنها تغش من فتاة تكاد تكون بيضاء. لا تكتشف الأخت إيفلين أبدًا ما تقومان بتدبيره ربما لأنك لا تلتفتين أبدًا لتنسخي إجابات ماري كاثرين. لا بد أن الأخت إيفلين تظن أن تفكير هاتين الفتاتين متشابه أو أنها تُعنى بالإذلال أكثر من اعتنائها بالغش أو أنها لم تركِ تجلسين هناك قط. ثمة لحظات بعينها تبعث الإدرينالين إلى القلب، فتجفف اللسان، وتثقل الرئتين. كالرعد تغرقك في الصوت، كلا، بل كالبرق تضربك على حنجرتك. سعال. بعد حدوثها استعصت علي الكلمات. ألم تقولي ذلك بنفسك؟ ألم تقولي ذلك لصديقة مقربة كانت في مرحلة مبكرة من صداقتكما، حين يتشتت انتباهها، تناديك باسم مدبرة منزلها السوداء؟ افترضتِ أنكما كنتما الشخصين الأسودين الوحيدين في حياتها. في نهاية المطاف كفّت عن فعل ذلك، رغم أنها لم تقر أبدًا بعثرة لسانها. وأنت لم تسأليها قط عنها (لم لم تفعلي ذلك؟) ومع ذلك، فإنك لا تنسين. وإذا ما كانت هذه تراجيديا محلية، وقد يكون ذلك كذلك، فإن تلك هي نقيصتك الكبرى – ذاكرتك، وعاء مشاعرك. هل تشعرين بالأذى لأنها لحظة كل السود يتشابهون، أو لأنه كان هناك هناك التباس بينك وبين شخص غيرك بعد كل هذا القرب مع ذاك الآخر؟ إحساس مشوش يبقي الجسد متخشبًا. الكلمات الخطأ تدخل يومك مثل بيضة فاسدة في فمك والقيء ينزل على بلوزتك، بلل يقرب معدتك صوب قفصك الصدري. حين تجولين ببصرك حولك ليس ثمة أحد سواك. إحساسك بالقرف بما تشمينه، وبما تحسين به، لا يجعلك تنهضين، ليس على الفور، لأن استجماع قواك أصبح مهمة شاقة. تستذكرين محادثة خضتها مؤخرًا، يُقارن فيها بين مزايا جمل تُركب ضمنيًا مع نعم، و أكثر من نعم، ولكن موثقة بحياة ليس فيها طرق جانبية، أو مسارات بديلة: تجبرين نفسك على النهوض، وعاجلًا ستغسل البلوزة، إنه أسبوع آخر، البلوزة تحت كنزتك، لصيقة بجلدك، ورائحتك زكية. المطر هذا الصباح يتدفق من المزاريب ومن كل مكان آخر إنه يختفي في الشجر. تحتاجين نظارتك لتميزي ما تعرفين أنه هناك لأن الشك لا يعرف الرأفة؛ ترتدين نظارتك. الأشجار، لحاؤها، أوراقها، حتى تلك الميتة منها تبدو نابضة بالحياة مما طالها من البلل. أجل، والسماء تمطر الآن. كل لحظة من اللحظات تشبه هذه – قبل أن تُعرف، وتُصنف بوصفها شبيهة بشيء آخر ثم يُصرف النظر عنها، لا بد لها أن تُختبر، أن تُرى. ما الذي قاله للتو؟ هل قالت ذلك حقًا؟ هل سمعتُ ما أظن أنني سمعته؟ هل تفوهتُ، تفوه، تفوهتَ بذلك؟ هذه اللحظة مزرية. ما زلتِ راغبة في الكف عن التطلع إلى الأشجار. تريدين أن تمشي وتقفي فيما بينها. ومهما بدا المطر خفيفًا، فإنه لا يزال يهمي فوقك.