في تنزانيا الواقعة بوسط أدغال إفريقيا، تُوفّي قريبي وصديقي، الموظف في سفارتنا هناك، أسامة عراقي، إثر إصابته بمرض الملاريا المنتشرة هناك، وحقاً ما تدري نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت!. هو، ابن خالي، عمر عراقي، يرحمهما الله، الذي كان مدير الهاتف في مكّة المكرّمة قُبيْل تأسيس وزارة البرق والبريد والهاتف في سبعينيات القرن الماضي!. ولا تكفي مساحة زاويتي لذكر محاسن أسامة، لكنّ أبرزها برّه بأمّه التي كنتُ أراه عندما نذهب لمكّة المكرّمة لتعبئة جواليننا من ماء زمزم المُبارك يُنظّف أكبرها بنفسه ويُخصّصه لأمّه قائلاً: هذا لِسِتّ الحبايب!. وكان أيضاً، كشأن معظم آل عراقي في مكّة المكرّمة، من أرباب مهنة طوافة الحجيج، وكان يسعى لإصلاح كثيرٍ من أنظمة هذه المهنة التي عمرها مئات السنين، خصوصاً الاحتكار الذي يحصل في منصب ناظر الأوقاف، وعدم الاستثمار الأمثل لها، وعدم تطويرها لتنمية ريعها لصالح ذرية من أوقفوها، لكنّ الظروف لم تساعده، وكانت سفينة الإصلاح التي ركبها أضعف من الأمواج العاتية للأنظمة البالية لمهنة الطوافة!. كان رغم كونه من ذرية المُطوِّفين، الذين يُطلق عليهم مُسمّى «الظهور»، والذين يتمتعون بميزات أكبر من ميزات ذرية المُطوِّفات «البطون»، منها وراثة أسهم الطوافة للمُتوفِّين منهم، غير أنه كان يُقرّ دائماً أنّ هذا توريث وضعي خاطئ وليس توريثاً شرعياً صحيحاً، كشهادة حقّ قوامها القسط، لله لا للأقربين!. رحم الله أبا رائد، وأسكنه فسيح جنّاته، وأختم بقول الشاعر الحكيم: نُراع لِذِكْر الموت ساعةَ ذِكْرِهِ.. وتعترضُ الدنيا فنلهو ونلعبُ.. يا ربِّ لا تفجعنا بقريبٍ أو حبيبٍ..واجعل خير أعمالنا خواتمها ..! @T_algashgari algashgari@gmail.com