بعث بالرسالة النصية في أعقاب وصول العلاقة بين المدرب والنادي إلى مفترق طرق، وكانت بمثابة اعتذار. كان إيدين هازارد يخضع للعلاج الطبي من تلك الإصابة الشهيرة في الفخذ يوم انتهت الولاية الثانية لجوزيه مورينهو في تشيلسي مبكرا في ديسمبر (كانون الأول)، وكان النجم البلجيكي لا يزال غائبا لبضعة أيام بعد ذلك، بينما تسببت التراكمات السيئة في ستامفورد بريدج في توجيه الغضب نحو فريق متواضع الأداء ومجلس إدارة نفد صبره. كانت الكلمتان اللتان تترددان في هتافات المدرجات آنذاك، «الثعبان»، و«الفأر»، تعكسان صوت جنون الشك المحتدم في نفس المدير الفني السابق، خلال آخر شهرين لتوليه مسؤولية الفريق. لكن هازارد لم يكن أيا من هذين. ومع هذا، فهو لم يكن مبرأ من اللوم تماما. Ads by Buzzeff وليست هذه الكلمة طوعية، لكن ما يمكن استنتاجه هو أن الرسالة النصية تضمنت اعترافا من هازارد بأنه يشعر بالخجل من أدائه. يقول اللاعب البلجيكي: «بعثت إليه برسالة أقول فيها إنني آسف لرحيله.. حسنا.. أني آسف فحسب». ويضيف: «لقد استمتعنا بكل هذا النجاح سويا الموسم الماضي، لكن لم يكن هكذا الحال في هذه المرة. شعرت بالذنب نوعا ما لأنني كنت لاعب العام. كنت واحدا من أكثر اللاعبين تأثيرا، لكن أدائي كان أقل هذا الموسم». ويمضي ليقول: «لم أكن بالمستوى نفسه؛ لذا بعثت بهذه الرسالة إلى جوزيه ورد علي، متمنيا لي الأفضل في المستقبل. لا أستطيع حتى تفسير ما تعرضنا له كفريق بطل هذا العام. تحسنت الأمور مؤخرا، لكننا ما زلنا لم نحقق الانتصارات كما اعتدنا. ليس بمقدور أحد أن يفسر أسباب ما حدث في تشيلسي». كما وكانت حملة الفريق البطل للدفاع عن لقبه محيرة في كثير من جوانبها. كانت حالة الفريق قد أصابت مورينهو بالحيرة أيضا، ففي كثير من الأحيان كان الفريق صاحب الانتصارات الدائمة يتحول لمجرد رجال منهارين. وهازارد الذي يتحدث بصدق وهو يتذكر التراجع المفاجئ في أداء الفريق، يجسد معاناة هذا الفريق. إن هذا اللاعب الذي يمثل قوة لا يمكن إيقافها والذي أشعل مسيرة للحصول على اللقب، والذي كان يضخ الحياة في فريق واهن، بينما كان يترنح وهو يقترب من خط النهاية، تعرض لأكبر فترة ركود في مسيرته الرفيعة الممتدة على مدار 9 سنوات. وتضمن هذا كثيرا من الإصابات الطفيفة والفرص الضائعة، وركلات الجزاء المهدرة والتسديدات التي ترتد من العارضة والقائمين، لتجعله حتى يبتسم بطريقة يرثى لها، بسبب حظه العاثر. لقد تراجع تأثير هازارد عندما كان فريقه بحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى. وبالنسبة إلى لاعب يفخر بكونه جزءا مهما في منظومة جماعية، فإن عجزه عن الارتقاء إلى مستوى الآمال المعقودة عليه كان مصدرا للسخط على أداء الفريق. كانت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي تغص بثرثرات تذكر المتابعين بما كانت عليه الحال في 3 مايو (أيار) 2013، «عندما سجل هازارد لتشيلسي آخر مرة». والأرقام التي كانت تشمل فيما سبق حصيلة مذهلة من صناعة الأهداف والتسجيل والألقاب، أصبحت كارثية: 30 مباراة من دون إحراز أهداف، لم يتخط حاجز الـ49 هدفا التي أحرزها مع تشيلسي منذ 273 يوما و2357 دقيقة. بعد ذلك، ويوم الأحد قبل الماضي وخلال مواجهة فريق «إم كيه دونز» بالجولة بكأس إنجلترا، تدخل لاعب خط وسط الخصم دارين بوتر بتهور ليعرقل اللاعب صاحب الـ25 عاما داخل منطقة الجزاء، ليتصدى صاحب القميص رقم 10 في تشيلسي لتنفيذ ركلة الجزاء ويضاعف النتيجة. كان هدفه السابق قد منح النادي لقب الدوري الإنجليزي (البريميرليغ)، وفجر مشاعر فرح هائلة بعد معركة طويلة من أجل الفوز بالبطولة. على ملعب «إم كيه»، وحيث بدا التقدم في بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي مضمونا بالفعل، أحاط به رفاقه بعد الهدف في حالة من السعادة الجنونية، تشي بقصة هذا الفريق. ويمكن أن يكون هازارد، بعد أن شهد مستواه بعض التحسن المأمول، الوحيد القادر على توضيح سبب تراجع حالته الفنية على مستوى الأندية، بينما واصل الازدهار على صعيد مشاركاته مع منتخب بلجيكا. يقول: «قدمت أداء جيدا جدا في عدد من المباريات، أمام مانشستر يونايتد وتوتنهام هوتسبير، لكن غابت فيها الأهداف. في بعض الأوقات كان بمقدوري أن أحرز الأهداف بنفسي، لكنني كنت أمرر إلى زميل في الفريق بدلا من هذا. ولم أكن مهموما أبدا بأن أسجل مهما كان الثمن. وكنت أقول دائما إنني ليست هدافا كبيرا، بل عامل يؤدي واجبه. لكن لا مفر من إحراز الأهداف، ونحن بالفعل في منتصف الموسم، لذا جلب يوم الأحد قبل الماضي بعض الارتياح». ويضيف: «لا أعتقد أن روحي المعنوية كانت منخفضة، لكنها تؤثر على تفكيرك نوعا ما. كانت كل الأمور على ما يرام في الماضي، لكنها ليست على هذا النحو هذا العام، غير أنك يجب أن تذكر نفسك بأن هذه هي حال كرة القدم. وكل ما بوسعك القيام به هو أن تواصل العمل. ما زال بمقدورك الاستمتاع بما تفعله وستتغير الأمور، وقد كنت دائما أبتسم، سواء في اللحظات الرائعة أو السيئة. أنا من نوعية الشخص الذي يمكن أن يضحك حتى من نفسه. وهذا يحدث الآن ومن جديد، عندما أضيع بعض الفرص السهلة فعلا. أقول لزملائي الآخرين في الفريق: اللعنة، هل رأيتم ما فعلته في ذلك الوقت؟». كان ديدييه دروغبا قد بات الناصح الأمين لهازارد عندما تزامل الاثنان في تشيلسي، ولم يبخل عليه بالنصح والمساندة من موقعه الجديد في فريق مونتريال المشارك بالدوري الأميركي للمحترفين. يقول هازارد: «لقد ساندني دائما، لست متأكدا ما إذا كان مر بفترات كهذه في مسيرته، لكني كنت دائما أعتبره أقرب إلى أن يكون أخي الأكبر. يقف بجانبي دائما، سواء برسالة أو بمكالمة هاتفية، وقد ساعدني على رفع روحي المعنوية. لكني لم أشك في قدراتي أبدا». ويستطرد هازارد: «إنها المرة الأولى التي أمر فيها بهذه الظروف، لكنها كانت لتحدث دائما في أي مرحلة. عليك أن تتعلم منها. أنا إنسان، ولست آلة. ألعب بمستوى احترافي منذ كنت بسن الـ16، وربما كان لهذا تأثير علي أيضا». عندما أكمل هازارد عامه الـ25 الشهر الماضي، كان قد لعب فعليا 446 مباراة على المستوى الأول، سواء مع الأندية أو منتخبات بلاده. لعب ليونيل ميسي 430 مباراة عندما وصل إلى هذا السن. وعندما غادر البلجيكي الملعب في كريستال بالاس متأثرا بشد في عضلة الفخذ، قبل أربعة أيام على حلول يوم مولده، كان قد خاض 186 مباراة في 3 سنوات. لقد كان العبء الملقى عليه ثقيلا. كما وهناك رؤية تقول إن الأضواء التي كانت مسلطة عليه بسبب عروضه الرائعة الموسم الماضي وضعت عليه عبئا كبيرا بصورة غير متوقعة، وجعلته هدفا لعنف المدافعين، بالنظر إلى أنه كان أكثر لاعبي البريميرليغ الذي ترتكب ضده الأخطاء في موسم 2014 - 2015. يقول: «لكن مثل هذه الضغوط كانت موجودة منذ 5 سنوات لأنني كنت دائما الرجل الذي ينظر إليه الناس. قد تكون الضغوط زادت نوعا ما هذا الموسم عن سابقه، نظرا لأن الموسم الماضي كان استثنائيا». كنا نعرف أن تشيلسي سيكون الفريق الذي يسعى الجميع لتحديه هذا العام. وزاد هذا الأمور صعوبة، لكن هذا لا يفسر كل شيء. فمن الناحية الشخصية، يعد تقديم موسم جيد أمرا رائعا، لكن الاستمرار بالوتيرة نفسها يكون أروع طبعا. يقول هازارد: «هذا هو العام الخامس لي مع الكرة الإنجليزية، لذا، ربما، كان من المتوقع أن أمر بفترة كهذه. ربما كان علي توقع هذا، فقد كانت هناك مجموعة من التراكمات: بعض الإرهاق، وبعض من هذا وبعض من ذاك. أنا لا أبحث عن أعذار. كانت هذه فترة مهمة في تطور مسيرتي. لقد تعلمت منها، شأنها شأن الإصابات. لقد تعودت الركل، فهو أمر معتاد. أعرف كيف أحمي نفسي. عرفت هذا بمرور السنوات، لكن أكاد لم أتعرض لمثل هذا العدد من الإصابات الصغيرة من قبل، والأمر يتعلق بمعرفة ما إذا كنت متعجلا في العودة، أم أنك في حالة بدنية مناسبة وجاهز للمشاركة من جديد». كانت بداية هذه الصدمات عندما أسقط أرضا مع نهاية الوقت الأصلي، خلال افتتاحية الموسم أمام سوانزي، وهي الواقعة التي لا يمكن مناقشتها الآن، بالنظر إلى الإجراءات القانونية الحالية بشأن الطبيبة إيفا كارنيرو ودخولها أرض الملعب لعلاج هازارد المصاب. ومع هذا، فقد أثرت الإصابات الصغيرة المتلاحقة بعد ذلك بالسلب على تأثير هازارد، مع الأحداث التي وقعت في ليستر سيتي في ما كان آخر مباراة يخوضها مورينهو كمدير فني لتشيلسي. كان جيمي فاردي هو من كال للاعب تشيلسي ركلة في الفخذ، ما دفع البلجيكي إلى الخروج من الملعب لتقي العلاج بينما كان مدربه، الذي كان يسيطر عليه هاجس المؤامرة تماما آنذاك، يتمتم غضبا بكلام غير مفهوم. قال مورينهو بعد ذلك إن اللاعب «لا بد وأنه يعاني إصابة خطيرة»، وفي سياق كل هذا «الخلاف الواضح» في ذلك، كانت هذا التصريح بمثابة تشكيك في التزام اللاعب. يعي هازارد كل هذه الأقاويل، لكنه يقابلها بما تستحق من احتقار. يقول: «كانت أقاويل سخيفة.. إذا نظرت فعلا إلى ما حدث، ستجد أن الركلة لم تكن قوية تحديدا، لكن جسمي كان متعبا. في مثل هذا الوضع ضربة صغيرة وتكون خارج الملعب، كما ليس من العادي أن تتعرض للركل في الفخذ. حاولت أن أعود للعب لكن في أول مسافة أركضها عرفت أنني غير قادر على الحركة بشكل سليم. إذا لم أكن قادرا على اللعب بنسبة مائة في المائة، فعلي أن أترك مكاني للعب آخر يمكنه هذا. ظل الألم يراودني لبضعة أيام بعد ذلك، ولم أتمكن من اللعب». هل يشك مورينهو في هذا؟ «لا، لا أظن هذا، عليك أن تسأله». الانطباع المأخوذ عن هازارد هو أنه يكن احتراما عميقا للرجل الذي كان يوظف أخلاقيات العمل في طريقته، والذي تحت قيادته احتفل بثاني لقب لبطولة الدوري، بعد أن حقق لقب الدوري الفرنسي مع فريق ليل في 2011. وعن المدرب الذي أدار تشيلسي بشكل مؤقت، غوس هيدينك، يقول هازارد: «لقد منحنا مزيدا من الحرية والثقة لرفع مستوى أدائنا». وبالنظر إلى الحالة البدنية ومن خلال الحكم على أدائه خلال 17 دقيقة الأربعاء الماضي أمام واتفورد، فقد عادت الثقة إلى هازارد. وكان مانشستر يونايتد في وضع صعب الأحد الماضي وهو يواجه تشيلسي، حتى ولو كانت آمال تشيلسي في إنهاء الموسم ضمن الأربعة الكبار قد تبخرت. سيكون مشهد الغياب عن النسخة القادمة من دوري أبطال أوروبا صعبا، وبخاصة بالنسبة إلى لاعب رفض عروض أندية أخرى وانتقل إلى ستامفورد بريدج قبل 4 سنوات بفضل نجاح الفريق صاحب المركز السادس، والذي كان يقوده المدرب روبرتو دي ماتيو، في انتزاع اللقب في ميونيخ وضمان المشاركة في الموسم التالي. لكن عندما تفصلك 16 نقطة عن الأربعة الكبار، بينما تتبقى 14 مباراة فقط، يفرض الأمر الواقع نفسه. لذا، هل سيقوى هازارد على غياب موسم كامل عن المسابقة الآن؟ يجيب: «عندما تكون معتادا على اللعب في دوري الأبطال كل عام، فأجل سيكون هذا صعبا. حتى ولو كان الغياب لعام واحد، فسيكون الأمر صعبا على النادي، من الناحية المالية». ويزيد على هذا قائلا: «كان اللعب في دوري الأبطال مهما بالنسبة لي. لذا، إذا لم يكن تشيلسي قد فاز باللقب، أشك بأنني كنت سأوقع للنادي عند هذه الحالة. لكن في هذا العام، سنكون في المكان الذي نستحقه. إذا لم نوجد في دوري الأبطال، فسيكون هذا لأننا لم نكن جديرين بالمشاركة، ولم نبذل الجهد الكافي لدخولنا ضمن الأربعة الكبار. تتبقى لنا 14 مباراة فقط، لذا أعتقد أن البريميرليغ انتهت. لذا سيتعين علينا الفوز بكأس الاتحاد الأوروبي كي نتأهل. لم لا؟ عد إلى 2012. لهذا أقول إن علينا أن نضع دوري الأبطال نصب أعيننا». للمرة الثالثة على التوالي سيواجه تشيلسي باريس سان جيرمان في دور الـ16، يوم الثلاثاء القادم. يتربع الفريق الفرنسي الذي يدربه لوران بلان على قمة الدوري، بفارق 24 نقطة عن أقرب منافسيه، وعاش أسبوعا من الهيمنة المحلية التي اعتاد عليها. يقول هازارد: «لكن لأنهم فازوا بالدوري الفرنسي فعليا، سيكون الهدف الوحيد بالنسبة لهم هو دوري الأبطال. باريس سان جيرمان من أفضل الفرق في العالم، وإن كان تشيلسي في مستوى مختلف بالنسبة إلى بعض الفرق التي يواجهونها في فرنسا وطموحنا يظل منصبا على الفوز بدوري الأبطال. ستكون مباراة متكافئة جدا، كما كان الحال في السنتين الماضيتين». يختم قائلا: «لم أكن أبدا من أولئك الذين يلقون الخطب في حجرة تغيير الملابس، مثل جون تيري، أو فرانك لامبارد أو دروغبا، ولكنني حاولت دائما أن أكون القائد في الملعب بطريقتي الخاصة: طلب الكرة ومحاولة إحداث الفارق. وأثق بأنني، يوم أكون في حالتي الطبيعية بنسبة مائة في المائة مجددا، سيؤدي تشيلسي بصورة أفضل. وبيدي أن أرفع مستواي من جديد».