×
محافظة مكة المكرمة

أمانة جدة: لا نقطع الأشجار.. وإنما نقلمها

صورة الخبر

في مشوار نقدنا للتعليم بهدف التقويم طوال السنوات الماضية انبرى غِلمان الصحوة بالقول إن هذا التعليم الذي تنتقدونه هو الذي علّمكم وصنع مستقبلكم وقدّمكم للمجتمع. هذا الكلام غير صحيح البتّة.. غير صحيح لماذا؟؟ تعليمنا آنذاك (فترة السبعينيات والثمانينيات الهجرية) لم يكن مؤدلجاً على الإطلاق. كانت علوماً نقيّة من أيّ شوائب ولا أفكار ظلاميّة دخيلة. تعليمنا آنذاك يفرح ونفرح معه في كل مناسبة وطنية وقومية. ينادي الفيصل (رحمه الله) بما يُطوّر الوطن فنمشي في ركابه بكل ثقة. يتحرر وطن عربي من ربقة الاستعمار فنحتفل في مدارسنا بتحرره. تعليمنا آنذاك قام عليهِ أساتذة مهنيون تفرّغوا للتعليم.. والتعليم فقط، لم يكن لدى أحدهم أجندة حزبية أو فئويّة أو(قاعديّة). لم يُحرِّضوا أحداً على كراهية دين أو مذهب أو فكر أو بلد. تعليمنا آنذاك كان يحتفي بالفنون كافة. صحيح لم يكن لدينا حصص لتعليم الموسيقى لكنها كانت حاضرة بفعل الموهوبين من الطلاب أثناء الاحتفالات والمناسبات ولم يتدخّل معلّم مُحتسب لمحاربتها أو الوقوف ضدها أو الهرب منها. كما أن حصّة الرسم لا محاذير فيها بل تُطلق العنان لكل موهوب أن يُعبّر عما في داخله. حصّة الرسم لا تقل أهمية عن حصّة الرياضيات أو العلوم كما كان هناك تنافس في مجال المسرح وليس الخطابة أو الأناشيد. تعليمنا آنذاك اهتمّ بشكل كبير بالرياضة بمفهومها الشامل. مارسنا ألعاب كرة القدم والسلّة والطائرة واليد كما الجمباز وألعاب القوى. معظم البارزين في منتخبات المملكة في الألعاب الرياضية صنعتهم مدارس التعليم العام. تعليمنا آنذاك غرس في وجداننا الأدب واحترام المعلّم رغم أن مسمّى الوزارة حينها(المعارف) وليس (التربية) ولم يجرؤ تلميذٌ مهما تدنّتْ درجة أخلاقة على التفوّه بكلمة نابية على المعلّم ما بالك بالاعتداء عليه أو تهديده أو تخريب سيارته. كُنّا نُبجّل المعلّم ونُجلّه أليس هو من أخذ بأيدينا نحو المعرفة والنور؟ تعليمنا آنذاك فتح لنا أبواب المعرفة والعلوم على مصاريعها من خلال مناهج لا حشو فيها ولا وعظ. معرفة صافية لم تُؤطرها محاذير متوهمة وذلك ما خلق فينا حُب البحث عن الحقيقة المُجرّدة والتفتيش عنها. يطول الحديث، أما المقارنة فقد تسبب الحُزن على ما آل إليه التعليم اليوم. إنما أرى أملاً يلوح في الأفق لعلّه يُعيد العربة إلى مسارها الذي خرجت عنه بفعل فاعل.