وسط السلسلة الجبلية الممتدة على مدى البصر يبرز جبل جيس شاهقاً، ليشكل لوحة تشكيلية جمالية تتشابك فيها السحب والصقيع مع البحر والبر. ويبعد جبل جيس الذي يقع في أقصى الشمال الشرقي مسافة 25 كيلومتراً عن مدينة رأس الخيمة، ويعد الأعلى بارتفاع 1900 متر عن سطح الأرض، ما يجعله في عناق دائم مع الغيوم والسحب. إطلالة بحسب علي الشحي نفسه فإن إطلالة من ذلك الارتفاع الشاهق تتيح الفرصة لرؤية السفن الضخمة التي تمخر عباب البحر جيئة وذهاباً، وأمواج البحر المرتفعة، ومشاهدة بعض المعالم أيضاً لأماكن تبدو بعيدة، مثل بنايات في إمارة دبي والشارقة وعجمان. طريق الرحلة إلى جبل جيس تمضي من دوار وادي البيح كنقطة الانطلاق، وتسلك طريقاً متعرجاً يمر عبر وادي شحة ثم وادي غليلة، حيث من هنا تبدأ عملية الصعود التدريجي باتجاه قمة جبل جيس، وضماناً لسلامة السير في الاتجاه الصحيح فقد قامت الجهات المختصة بوضع لوحات إرشادية تشير إلى الموقع. في موسم الصيف حيث الجميع يعانون ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة الخانقة، يكون جبل جيس هو الملاذ الرائع الذي يلجأ إليه الناس ليستجيروا به، حيث تراوح درجة حرارته في الصيف بين 12 و15 درجة مقابل درجة حرارة في الصيف نهاراً بين 28 و35 درجة، وبين 25 و25 درجة ليلاً، لكنها في الشتاء تنخفض الى أدنى معدل بحيث تصل إلى درجة التجمد. ويقول علي الشحي وهو من أهالي المنطقة الجبلية: يعد جبل جيس منتجعاً سياحياً رائعاً يؤمه الكثيرون من جهات مختلفة، بالاضافة إلى أنه شكل دعاية وأكسب المنطقة بهاء ومنحها شهرة عالمية، فالكل كباراً وصغاراً عندما يأتون الى هنا تتملكهم الرغبة الجامحة في الصعود إلى قمته حي يكون الاستمتاع بأجواء مشحونة بالمتعة، وتبلغ ذروتها بملامسة الغيوم والتزلج على الجليد أحياناً، لكن الشيء المهم بالنسبة لمن يصعد الجبل شتاء هو ارتداء ملابس ثقيلة وإلا فإنه سيكون في وضع لا يحسد عليه. لم يعد جبل جيس جبلاً شاهقاً فحسب، وإنما شكل بمزاياه المتفردة مشروعاً سياحياً جاذباً يؤمه العديد من الناس القادمين من كل مكان وبعيد، ووفقاً لطموحات تطويرية استثمارية لدى الجهات المسؤولة في إمارة رأس الخيمة فإنه يجرى حالياً العمل على قدم وساق لتنفيذ مشروع طريق أسفلتي بطول 36 كيلومتراً، ومصمم بمواصفات عصرية ويتألف من ثلاثة مسارات ذاهبة ومثلها قادمة، لربط الجبل مع الوادي، الشيء الذي سيسهل من مهمة الراغبين في الصعود الى قمته، أي عندما ينتهي العمل في الطريق فإنه سيكون بمقدورهم قطع المسافة الفاصلة بين الأسفل وقمة الجبل في فترة زمنية وجيزة لا تزيد على ثلث ساعة، لكن هذا ليس كل شيء، إذ تمضي الخطة التطويرية المستقبلية متضمنة تحويل الجبل إلى منتجع سياحي متكامل يضم استراحات ومطاعم وملعباً للغولف والتزلج على الثلج. وعلى أية حال فإن المرء عندما يجد نفسه على قمة جبل جيس يعيش جواً ممتعاً من الرفاهية والمتعة والراحة، وتجديد الحيوية، حيث الهواء النقي، وهي أشياء مستمدة من إغراءات يوفرها المناخ والطبيعة الخلابة ورؤية ملامح لوحة فنية لمشهد جمالي تصنعه رؤس الجبال، التي تبدو مرتفعة حيناً ومنخفضة حيناً آخر، وتتمازج فيه مياه البحر الممتدة على مرمى البصر وأيضاً ما يتراءى من بعيد على الأرض من مجموعات القرى المنتشرة في الوديان المخضرة بمزارع النخيل وأشجار الغابات.