×
محافظة المنطقة الشرقية

غرفة مكة المكرمة تدشن أكبر سوق للمعمول المكي.. الاثنين

صورة الخبر

في متحف الشارقة للآثار، تستطيع أن تدرك تاريخاً عريضاً عميق الجذور، تم صنعه على أرض الإمارات منذ عصور موغلة في القدم، فهذه الأرض والتلال والصحارى والشواطئ الرحبة سكنتها منذ آلاف السنين أقوام مختلفة من البشر الأشداء، كانت دائماً معبراً تجارياً مهماً وهمزة وصل للاتصال بين حضارات العالم القديم، لذلك فالآثار التي تم العثور عليها في أرض الإمارات تنتمي لعصور مختلفة، بعضها يرجع إلى عصور ما قبل التاريخ، قبل أكثر من 7 آلاف سنة، وكثير من القطع الفنية التي تم اكتشافها ترسم ملامح شعب يمتلك حساً فنياً عالياً سكن هذه الأرض ونجح في أن يترك عليها العديد من البصمات. في متحف الشارقة للآثار يمكن العثور على الكثير مما أخرجته الحفريات والكشوف الأثرية التي حاولت التنقيب في الصحارى والجبال والوديان المحيطة بالشارقة. وقد أثبتت الحفريات المستمرة منذ ذلك الحين أن تاريخ الشارقة موغل في القدم، وأن مستوطنات وقرى ظهرت على أرضها قبل آلاف السنين، ويمكن التعرف الى الحضارات التي تعاقبت على المنطقة منذ العصر الحجري إلى يومنا هذا، من خلال أدوات الحياة اليومية والمسكوكات والحُلي والأواني الفخارية والأسلحة القديمة، كما تستطيع أن تكتشف الدلائل على علاقة سكان الشارقة بجيرانهم في الجزيرة العربية وصلاتهم مع أهل الحضارات الأخرى، وما نسجوه من علاقات تجارية تمتد من السند شرقاً وحتى جزر البحر الأبيض المتوسط في الغرب، وتعرف كذلك الى أشكال القبور والبيوت والمدافن الخاصة من خلال نماذج لها، إضافةً إلى ذلك ستشاهد نصوص الكتابة الأولى التي ظهرت أولى حروفها في الشارقة قبل ما يزيد على 2500 عام. عصور قديمة المتحف ينقسم إلى أقسام، لكل منها طابعه الخاص، وخطه الزمني المتصاعد منذ العصور الموغلة في القدم. من أجمل القطع المعروضة في قاعة العصر الحديدي تمثال جمل من الخزف يصل عمره إلى حوالي 3000 عام حيث تشير اللافتة التعريفية بأنه يرجع إلى زمن تقريبي ما بين عامي 900 و600 قبل الميلاد، وتم العثور عليه في منطقة مويلح، يقدم أبرز دليل على أن الإنسان تمكن من استئناس الجمل في الألف الأول قبل الميلاد، حيث تظهر نقوش التمثال وجود ما يشبه السرج أو الحمل على ظهره، وهو ما يؤكد أن الفنان القديم لم يقم بتمثيل جمل بري، وإنما جمل مستأنس يستخدم في النقل والتجارة، وقد أتاح استئناس الجمل الفرصة لتوسع تجارة البخور بين اليمن، وشمال الجزيرة العربية وشرقها، عبر قوافل الجمال التي كانت تقطع تلك المسافات الطويلة وجلبت معها الثراء إلى المنطقة. ومن القطع الأخرى المعروضة في قاعة العصر الحديدي قبة خزفية ذات ثقوب يعلوها تمثال ثور، ولربما كانت غطاءً لمبخرة، اكتشفت أيضاً في موقع مويلح، وتقدم هذه القبة دليلاً على الاتصال التجاري مع اليمن قبل الميلاد. مشاهد العرض المتحفي داخل متحف الشارقة للآثار تتنوع ما بين القطع الأثرية القديمة ومحاولات لإعادة وصف وتصوير طريقة حياة الناس في هذه العصور القديمة، فنجد نماذج مختلفة للبيوت التي كانوا يسكنونها، ونماذج لطرق الدفن والأدوات التي استخدموها في حياتهم اليومية والمراكب التي استخدموها في التنقل والصيد والتجارة، حيث يظهر من كثير من الآثار القديمة ومناطق الحفائر حجم الدور الذي لعبه البحر في حياة هؤلاء السكان، سواء لتقديم الطعام والحلي أو بربطهم بشعوب وحضارات مختلفة محيطة بهم قوالب للدفن الجناح الأخير في المتحف يتضمن مساحة مؤثرة في النفس حول اكتشافات أثرية متعددة يعود تاريخها إلى عصر ما قبل التاريخ، حيث يقدم المتحف قوالب دفنية مختلفة لحفريات منطقة البحيص، حيث عثر على مقابر تعود إلى أكثر من 7000 سنة في عمق التاريخ. فنجد قالباً دفنياً لطفل، يرجح أنه لفتاة تبلغ الثالثة أو الرابعة من العمر، والهيكل العظمي محفوظ بشكل جيد، وتم تزيين هذه الطفلة بالأساور والخلاخيل والقلادات المصنوعة من أكثر من 300 خرزة صدفية صغيرة، وبخلاف أسلوب دفن الكبار، فقد دفنت هذه الفتاة بحيث كان رأسها إلى الجنوب وتواجه الشرق، أما الكبار فقد كانت رؤوسهم إلى الشرق، وهم يواجهون الشمال، ومساحة الرمال الواسعة التي يوجد بها القوالب الدفنية، تعيد تشكيل موقع الحفائر الأثرية وتروي قصصاً قديمة مدفونة في الرمال منذ آلاف السنين، ولكن نجح المستكشفون في استنطاق الرمال لتروي الحكاية التي كادت تندثر حول أقوام من الرعاة البدو، الذين كانوا يعودون إلى منطقة البحيص في أواخر كل شتاء وربيع، لإراحة قطعانهم ودفن موتاهم على مدى حوالي 5000 سنة، ويعتقد أن موقع البحيص لعب دوراً مهماً في معتقدات وحياة هؤلاء الرعاة، لأنهم كانوا يعودون إليه ليدفنوا فيه عظام من مات منهم خارج الموقع، وقد تم التنقيب عن بقايا هياكل عظمية لما يقارب 500 شخص من الرجال والنساء والأطفال، وزودتنا هذه الاكتشافات بمعلومات نادرة حول سكان العصر الحجري وسماتهم الجسدية، حيث يظهر من العظام أن بنيتهم وعضلاتهم كانت قوية، وكانوا يعيشون أسلوب حياة قاسية، وتتضمن أحداث عنف يوبدو، أن متوسط عمر الفرد كان منخفضا، حيث إن 60% من الدفنات تخص أشخاصاً عمرهم أقل من الثلاثين، وفي أحد الدفنات نرى قالبا لقبر جماعي مميز، يوجد به ثلاثة رجال وامرأتان، ويحتمل أن صلة قرابة ما جمعت بينهم، وكانوا جميعا لا يبلغون الأربعين من العمر، عندما توفوا أو قتلوا، وقد تم تزيينهم قبل دفنهم بقلادات وأساور وعصابات للرأس، وإحدى المرأتين كانت تضع خرزة حمراء من العقيق تحت أنفها. و في نهاية جولتك بالمتحف، تجد موقعا مخصصا لممارسة و تعليم الأطفال فنون التنقيب والبحث عن أدوات معينة، تم دفنها في الرمال، و يطلب منهم التباري في البحث عنها، وتجميعها بحرص كامل، وباستخدام أدوات التنقيب في الرمال، التي يوفرها لهم المتحف، مما يزيد من متعة الزيارة، وعمق الاستفادة لدى الكبار والصغار. تكيف السكان وفقآلظروف البيئة في عام 1974، جاءت حملة من العراق لتنفيذ أعمال التنقيب الأثري في منطقة الدور، وتمكنت من اكتشاف مجموعة من القطع الأثرية المهمة، ليتبع ذلك إجراء أعمال تنقيب عديدة خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، والتي غطت مناطق الدور، وأم القيوين 2، وجزيرة الأكعاب، وتل الأبرق، كما دلّت اللُقى الأثرية التي جرى اكتشافها في هذه المناطق، على أن البشر كانوا يقطنون في الشارقة وأم القيوين في مراحل تاريخية قديمة، وكانت حملات التنقيب التي جرت في النصف الثاني من القرن العشرين، كشفت عن الوجود البشري في المنطقة الساحلية، والذي اتخذ عدة أشكال على مر العصور، عبر تكيف حياة السكان وفقاً لظروف البيئة المتغيرة. الحلي لعبت دوراً في الطقوس والإجراءات الجنائزية يبدو أن الحلي لعبت دوراً كبيراً في حضارة وثقافة هذا الشعب القديم، حيث عثر على ما يفوق ال 24000 قطعة من الحلي، المصنوعة من الصدف والخزف والأحجار واللآلئ، ويبدو أن الحلي لعبت دوراً مهماً فيما يخص الطقوس الجنائزية وإجراءات الدفن. طريقة العرض المتحفي لهذه الدفنات تزيد من إثارة الحضور وهم يشاهدونها ويتابعون ملامح حضارة بشرية غامضة نشأت قبل آلاف السنين، واستمرت لآلاف السنين، وهي مثل غيرها من مقتنيات متحف الشارقة للآثار، تثير الكثير من الدهشة والإعجاب. دور في البناء الإنساني يعتبر المعرض الذي يستضيفه متحف الشارقة للآثار، وتستمر فعالياته حتى 26 مارس/آذار 2016، أول تعاون بين إدارة متاحف الشارقة ودائرة الآثار والمتاحف في أم القيوين، في محاولة لفهم مرحلة مهمة من تاريخ موقعين متعاصرين، مليحة والدور، وتتقفى المقتنيات الأثرية المعروضة العلاقة التاريخية بين مليحة التي تقع في موقع داخلي بارز، والدور التي تتمتع بأهمية كبيرة على الساحل. ويضم المعرض 79 قطعة أثرية، جرى التنقيب عنها في مواقع من إمارتي أم القيوين والشارقة، تقدم لمحة عن التطور الذي شهدته المنطقة والعلاقة التاريخية بين الداخل والساحل، والتي استمرت على مدى القرون، وشكلت عبر العصور دور المنطقة الأساسي في بناء الحضارة الإنسانية، ومكانتها كعقدة رئيسية للمواصلات، وكوسيط تجاري بين الشرق والغرب، منذ الألف الثالثة قبل الميلاد وحتى عصرنا الحاضر.