ينظّم قادة دول من العالم أجمع غدا في لندن مؤتمرا لجمع تسعة مليارات دولار، بهدف مساعدة 18 مليون سوري متضررين من الحرب وضبط أزمة لجوء تثقل كاهل الدول المضيفة من الشرق الأوسط إلى أوروبا. في الوقت الذي تنطلق فيه اليوم فعاليات ذات صلة من شأنها أن تسهم في النقاش الذي يتناوله المؤتمر. ويهدف مؤتمر المانحين الرابع من نوعه، الذي تنظمه الأمم المتحدة وبريطانيا والكويت والنرويج وألمانيا، إلى تلبية نداء لجمع أموال بقيمة 7.73 مليار دولار أطلقته الأمم المتحدة، تضاف إليها 1.23 مليار دولار لمساعدة دول المنطقة. وأوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية، فرح دخل الله، لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤتمر يهدف لرصد مليارات الدولارات من المساعدات الدولية للمساعدة في معالجة ما أضحت أكبر أزمة إنسانية في العالم، كما سيكون هذا المؤتمر بمثابة نهج جديد طموح لمساعدة اللاجئين، على المدى الطويل، من خلال تدابير ملموسة لتوفير فرص العمل وسبل المعيشة لهم، وتحسين فرص التعليم «مما يُكسِب اللاجئين مهارات يحتاجونها للمستقبل، ولتكون لديهم أفضل فرصة للعودة إلى بلدهم ناجحين». كما يسعى المشاركون في المؤتمر إلى تلبية الاحتياجات من التمويل، إلى جانب تعاون المجتمع الدولي في توفير الفرص الاقتصادية والتعليم في المنطقة للمتضررين من الأزمة السورية. وحول تنسيق منظمي المؤتمر مع دول مجلس التعاون الخليجي، أفادت دخل الله بأن «مضيفي المؤتمر يتواصلون ويتعاونون بفعالية مع دول مجلس التعاون الخليجي بشأن المساعدات الإنسانية والتنموية. ونحن نثمن عاليا المساهمات الإنسانية السخية التي قدمتها دول المجلس حتى الآن، ونحثها على التبرع بالمزيد لمساعدة السوريين. ويذكر أن الكويت - المشاركة باستضافة المؤتمر - هي ثالث أكبر دولة مانحة بشكل ثنائي في العالم». وفي هذا الصدد، يستقبل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون أكثر من 70 مسؤولا دوليا، من بينهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، وممثلي منظمات غير حكومية والقطاع الخاص. وتمهيدا لمؤتمر الدول المانحة غدا، تنظم اليوم فعاليات ذات صلة من شأنها أن تسهم في النقاش الذي يتناوله المؤتمر، بما في ذلك فعالية تنظمها منظمة غير حكومية والمجتمع المدني، وفعالية أخرى ينظمها القطاع الخاص، إلى جانب حفل استقبال مساء لرؤساء الوفود. وستتناول كل من هذه الفعاليات التمهيدية مواضيع محددة تشمل الفرص الاقتصادية والتعليم «داخل سوريا». وسيكون تنظيم وترتيب هذه الفعاليات بشكل يتيح طرح ما تتوصل إليه من استنتاجات في الجلسة الأساسية للمؤتمر. وحول حجم الدعم الذي قدّمته لندن للمتضررين من الأزمة السورية، قالت دخل الله إن «المملكة المتحدة في طليعة الجهود المبذولة استجابة للأزمة في سوريا والمنطقة.. فقد رصدنا ما يفوق 1.1 مليار جنيه إسترليني (نحو 1.58 مليار دولار)، وتلك أكبر استجابة منا على الإطلاق لأزمة إنسانية واحدة. ونحن ثاني أكبر دولة مانحة بشكل ثنائي بعد الولايات المتحدة. وباستضافتنا لمؤتمر لندن 2016، ستكون المملكة المتحدة بمكانة أقوى لتقديم المساعدات الإنسانية وتوفير الأمل للمتضررين من الصراع في سوريا». وفي ألمانيا، حيث تشهد شعبية المستشارة أنجيلا ميركل تراجعا بسبب تساهلها في سياسة استقبال اللاجئين، يتكرر الموقف نفسه. فقد اعتبر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن «التعليم والعمل يسهمان على المدى الطويل في وقف تدفق اللاجئين إلى أوروبا». بينما صرح وزير التنمية الألماني غيرد مولر، أخيرا، بأنه يريد «خلق 500 ألف فرصة عمل للاجئين في الأردن ولبنان وتركيا»، مطالبا بإقامة «تحالف للعمل» موجه إلى هذه الدول. ويفترض بهذه الإجراءات كذلك أن تأخذ في الاعتبار الاستياء المتفاقم لدى السكان الذين يقيمون إلى جانب اللاجئين في ألمانيا. من جهة أخرى، يركز المؤتمر، الذي ينعقد بعد أسبوع من بدء محادثات السلام حول سوريا في جنيف، على العقبات أمام نقل المساعدات إلى الأراضي السورية والتعليم. وقال المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسيف للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بيتر سلامة، إن «هناك حاجة ماسة إلى جهود طارئة لإنقاذ هذا الجيل من الأطفال». وأضاف «إنه سباق مع الزمن»، علما بأن الحرب أدت إلى انقطاع نحو 700 ألف طفل عن الدراسة. وأمام خطر تشكل «جيل ضائع»، أطلقت الناشطة الباكستانية الحائزة لجائزة نوبل للسلام ملالا يوسفزاي، عريضة للضغط على المانحين لتوفير 1.4 مليار دولار سنويا من أجل التعليم. واتفق منظمو المؤتمر على أن المشاركين «ينبغي أن يسعوا إلى تقديم مساهمة توازي ضعفي هباتهم في 2015 على الأقل».