على مقربة من بحر عُمان الضاجّ بالحكايات والمحتفل دوماً بموسيقى وأغاني البحارة العمانيين والعالميين القادمين إليه من كل مكان، تقع واحدة من أهم وأحدث دور الأوبرا في العالم سواء من حيث النشاط والقدرة على حفظ وتيرة العمل المبني على خطط نحو المستقبل أو من حيث الإمكانيات التقنية الحديثة التي تمتلكها الدار، إنها دار الأوبرا السلطانية التي تقدم عروضاً جاذبة ليس للجمهور المحلي فقط وإنما لجمهور دور الأوبرا إقليمياً وعالمياً. واستطاعت دار الأوبرا السلطانية وفي فترة وجيزة جداً أن تسجل لها حضوراً لافتاً بين أشهر دور الأوبرا في العالم لتؤكد للجميع أنها وجدت لتتطور وتنمو كسائر المؤسسات الثقافية الرائدة في العالم، وبهذا المعنى تكون الدار قد نجحت وكسبت الرهان العالمي. وفي سياق الحديث عن العنصرين الزماني والمكاني لا يبدو حضور دار الأوبرا السلطانية مفاجئاً في المشهد الثقافي العماني.. فمنذ البدايات الأولى لعصر النهضة العمانية أخذ الاهتمام بالموسيقى والفنون العمانية حيزاً كبيراً بل واهتماماً شخصياً من قبل السلطان قابوس بن سعيد. وهناك المتحف الوطني الذي يستعرض تاريخ سلطنة عمان عبر العصور التاريخية، وفي ظلال قلعتي الجلالي والميراني التاريخيتين وإلى جوار سور مسقط القديمة ومقابل قصر العلم العامر يسعى المتحف الوطني بقاعاته الخمس عشرة إلى إبراز الشواهد والمقتنيات المادية والمعنوية المكونة لتاريخ وتراث وثقافة وفنون السلطنة والحفاظ عليها بكافة تجلياتها وإبراز الأبعاد الحضارية والتاريخية والثقافية مع توظيف واعتماد أفضل الممارسات والمعايير المتبعة في مجالات الإدارة المتحفية وإدارة المقتنيات والعرض. وما بين حجر الصوان متعدد الاستخدامات بقاعة الحقب الزمنية والذي يرجع تاريخه إلى ما يقارب مليوني عام وقاعة عصر النهضة العمانية وأول كرسي جلوس للسلطان قابوس بن سعيد عند توليه مقاليد الحكم عام 1970 يشاهد الزائر للمتحف حوالي ستة آلاف مفردة وتحفة أثرية تحويها قاعات العرض الثابت بالمتحف تؤرخ لمختلف الحقب التاريخية لعمان منذ بداية الاستيطان البشري وحتى الوقت الحاضر. وتتوزع تلك المفردات والتحف ما بين التحف الأثرية والصناعات الحرفية والمخطوطات والوثائق والمراسلات والمطبوعات القديمة والطوابع البريدية ومجسمات للسفن والمراكب وأدوات الملاحة البحرية والاسلحة التقليدية والمجسمات المتحفية فائقة الدقة للقلاع والحصون والمباني التاريخية واللقى المتصلة بالعمارة والآلات والأدوات والمعدات الزراعية وما يتصل بالأفلاج والنقود والعملات الورقية والمعدنية والخزف والأثاث والفنون التطبيقية والصور الفوتوغرافية والفنون التشكيلية والآلات والأدوات الموسيقية إضافة إلى مفردات التراث غير المادي وهي ما يتصل بالطعام والشراب والشعر والقصص والرقص والغناء الشعبي إضافة إلى التسجيلات المرئية والصوتية والمكونات التفاعلية الرقمية. وضمن الجهود الحثيثة لكتابة تاريخ الموسيقى العربية أكد الدكتور كفاح فاخوري أمين المجمع العربي للموسيقى أن المجمع ماض في طريق كتابة تاريخ الموسيقى العربية مثمناً الجهود التي يبذلها مركز عمان للموسيقى التقليدية التابع لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم بديوان البلاط السلطاني في هذا الصدد وتنظيمه السنوي للملتقى الذي يجمع المؤرخين الموسيقيين العرب. وضمن المشهد الثقافي أصدرت قبل أيام الدار المصرية - اللبنانية في القاهرة كتاباً جديداً حمل عنوان عُمان في عيون مصرية.. انطباعات لشخصيات مصرية عاشت في عُمان ويضم الكتاب المملوء بالحب والحنين شهادات لشخصيات مصرية عاشت فترة من حياتها في السلطنة. (وام)