فوجئ المجتمع بجبناء يوم الجمعة الماضية، يعلنون بخسة أن مسلسل التفجيرات في المساجد مازال مستمراً، وهذا الفعل، الذي يستهدف المصلين في أكبر الأماكن التي يتجمع فيها المسلمون لأداء الصلاة، ما هو إلا دليل على خبثهم وضعف حجتهم. في الأسبوع الماضي تم تفجير مسجد الرضا في حي محاسن بالمبرز. الحدث ليس جديداً علينا، فقد تعرضت مساجدنا لهجمات إرهابية شرسة خلال العامين الماضيين، وستستمر طالما أن هناك قلوباً مريضة تصب الزيت على النار، ولن ينتهي هذا الأمر إلا بحرق المصانع التي تفرخ الإرهاب، والوقوف وقفة حازمة في وجه مَنْ يصنع القنابل في العقول الشابة، ويدفعهم إلى الانتحار بتفجير أنفسهم في المساجد والأماكن العامة. نحن في حاجة إلى إغلاق مصانع قوى الشر، التي تهدد كل القيم الإنسانية النبيلة، ونحتاج إلى المحافظة على الوجود الإنساني، والقبول بالإنسان الآخر، والمساواة في المعاملة، وإعطاء حقوق الآخرين، فنحن شركاء في هذه الأرض، ولا فضل لأحد في ذلك. العالم كله يدين الإرهاب، والتطرف، والعنف، وبلادنا منذ زمن بعيد جنَّدت نفسها لمحاربة الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه، ولن تتوقف حتى تقضي عليه، وعلى منابعه، وتقطع جذوره، وكل ذلك ممكن، ويحتاج إلى وقت فقط، ويحتاج أيضاً إلى تكاتف الجهود، وتعاضد المجتمعين المحلي والدولي، والوقوف صفاً واحداً في محاربته. بعيداً عن الطائفية، التي جعلوها شماعة للإرهاب، وهي في الأصل سلوك عدائي، فإن قوى الشر ضعيفة الإيمان بالخالق، ومدارس التطرف المبنية على الجهل أحد أهم الأسباب وراء معاداة الإنسانية جمعاء، وليس للإسلام، الذي يحقق العدل والحق، أو المسلمين الذين يخافون الله، يد في ذلك. ليست إيران وحدها التي ترعى الإرهاب، وإن كانت ضالعة فيه، وليست الدول العربية والإسلامية وحدها المتهمة في جذوره، فهناك أيضاً الدول العظمى، التي أراها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن الإرهاب ورعايته، فمَنْ الذي يمنح «داعش» أدوات البقاء؟! ومَنْ الذي يفتح الطريق أمامها لفعل ما تريد دون عقاب رادع؟! هذا مثال بسيط على أن هناك مَنْ يدير هذه المنظمة، أو غيرها من أجل حماية بعض الأنظمة الفاسدة في المنطقة، إيران نموذجاً، التي من شأنها رعاية القلاقل في منطقة الشرق الأوسط، ولن يهمها أن تذهب ضحية هذه الحركات السياسية بعض دول الجوار مثل: العراق، وسوريا، واليمن. وعلى الرغم من أن بعض الدول الأوروبية عانت من الإرهاب إلا أن هناك دولاً ترعاه بالتغاضي عنه، أو بالتمويل المبطَّن، لذلك لابد من المصارحة عند الاجتماعات المتوالية لمحاربة الإرهاب، ولابد من كشف المستور، فالقضاء على الإرهاب ليس بالأمر الصعب إذا توفرت عوامل الإرادة، لينتهي العالم من شروره، وينعم برغد العيش ببناء جسورٍ من التوافق، والتكاتف، والتآلف، وقبول الآخر من أجل العيش بسلام.