اليوروبول اختصار للتسمية التي تطلق على "المكتب الأوروبي للشرطة"، وهو جهاز أمني مهمته تنسيق الجهد الأوروبي لمحاربة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، ويتألف من وحدات أمنية تُساهم بها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. التأسيس تأسس اليوروبول في عام 1999 بهدف محاربة "الإرهاب" والجريمة المنظمة، ومواجهة التحديات التي تواجه الأمن الأوروبي عموما، ولا سيما في ضوءِ مبدأ حرية التنقل داخل الفضاء الأوروبي كما حددته اتفاقيات شنغن. المقر يقع مقر اليوروبول في مدينة لاهاي الهولندية، ويتألف من نحو تسعمئة عنصر، ينسقون بين الأجهزة الأمنية لمختلف دول الاتحاد الأوروبي، كما يُشاركون أحيانا في عمليات أمنية بطلب من شرطة الدولة أو الدول المعنية. لمحة تاريخية مع اعتماد دول المجموعة الأوروبية -في عام 1975- مبدأ حرية التنقل بين بلدانها الـ12 حينئذ، برزت الحاجة إلى التعاون الأمني على المستوى الأوروبي، وأنشئت خلية أمنية أوروبية عُرفت بـ"تريفي"، وهو اختصارٌ يتضمن الأحرف الأولى من الكلمات التالية في عدد من اللغات الأوروبية: الإرهاب، والراديكالية، والتطرف، والعنف الدولي. ويتمثل التهديد الأمني الأهم لأوروبا في المافيا الإيطالية والروسية، والمنظمات اليسارية المتطرفة، والجيش الجمهوري الإيرلندي، فضلا عن التنظيمات الثورية الفلسطينية التي استهدفت إحداها (منظمة أيلول الأسود) الوفد الإسرائيلي في أولمبياد ميونيخ عام 1974. وتألفت خلية "تريفي" من ممثلين عن وزارات العدل والداخلية في دول المجموعة الأوروبية، لكنَّها لم تُؤطربمعاهدة وظلَّ التعاون في إطارها محدودا، كما أنَّها لم تتجاوز حدود التنسيق وتبادل المعلومات، بينما ظلَّ العمل الميداني حكرا على هياكل الشرطة في كل بلد على حدة. تحول مع نضوج البناء المؤسسي الأوروبي ودخولِ معاهدات ماستريخت مراحلها النهائية، اقترحَ المستشار الألماني هلموت كول إنشاء شرطة فدرالية أوروبية حقيقية شبيهة بمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، مهمتها السهر على أمن أوروبا، وسانده الرأي رئيس الوزراء الإسباني اليساري فيليبي غونزاليس، رغم الخلافات الأيديولوجية الكبيرة بينهما. وكانت أبرز دوافع غونزاليس تزايد الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات القادمة من أميركا الجنوبية في بلاده، فضلا عن مواجهة تحدي الهجرة غير النظامية القادمة من شمال أفريقيا. ومن ثم كانت الخطوة الأمثل هي تحويل خلية "تريفي" إلى شرطة أوروبية، وهو ما تم بناء على المقترح الألماني. أطلق مسار تأسيس اليوروبول في عام 1995، لكنَّ إجراءاتِ اعتماد المعاهدة المنشئة له استغرقت أربع سنوات، ووقعت فعليا في عام 1999. الأهداف حدد الاتحاد الأوروبي صلاحيات اليوروبول، وتتضمن تعزيز التنسيق الأمني وتبادل المعلومات بين الشرطة في البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. ووُظّفلهذا الغرض نحومئة خبير من الأكثر تأهيلا على مستوى القارة في مجال تحليل ومتابعة الجريمة المنظمة والجريمة العابرة للحدود. وتهتم اليوروبول بمحاربة تجارة المخدرات وتهريبها والهجرة غير النظامية وتهريب البشر والسيارات والمواد المشعة وتبييض الأموال. وهو ما يُؤكد الطابع القاري والدولي للهيئة، في حين تقع على عاتق الشرطة المحلية في البلدان الأعضاء محاربة الجريمة المحلية، على أنْ تُنسق مع اليوروبول وتستفيد من خبرته وقاعدة معلوماته وعلاقاته في متابعة الجريمة وراء الحدود. الصلاحيات رغم أهميته كإطار إقليمي ودولي لمحاربة الجريمة، فإن العملياتية ظلت حجر عثرة أمام فعالية هذا الجهاز، فقد حدد المجلس الأوروبي صلاحياته بشكلٍ صارم تفاديا لأي إشكال مع الدول الأعضاء المتشبثة بسيادتها الوطنية. وضمن هذا السياق،مُنع على اليوروبول تنفيذ أي عمليات ملاحقة أو اعتقال إلا بتنسيقٍ مطلق مع الأمن المحلي، عن طريق ضباط اتصال، لتتولى الشرطة المحلية حصريا عمليات الاعتقال. ورغم ذلك، فإن اليوروبول بدأ يتجاوز في السنوات الأخيرة الصورة النمطية السائدة عنه كعبء أمني على الأجهزة المحلية، بطلباته المتكررة بتوقيف شخص أو متابعة آخر. واستعانت الشرطة الإسبانية باليوروبول في تنفيذ عملية واسعة ضد عصابات المخدرات في صيف عام 2013، تم خلالها تفتيشُ 31 منزلا بشكل متزامن، ومكَّنت من توقيف 25 شخصا بتهم مختلفة منها تجارة المخدرات وتهريب البشر والرشوة. وفي فبراير/شباط 2015، ساعد اليوروبول الشرطة الألمانية في ملاحقة وتوقيف خمسة أشخاص ضالعين في الهجرة غير النظامية. البنية والتمويل يتكون اليوروبول من مجلس إدارة يضم ممثلين عن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمعدل ممثل عن كل دولة. وينتخب المجلس رئيسا له لمدة أربع سنوات، وممارسة الرئيس مهامه مرهونة بموافقة المجلس الأوروبي. ويُحدد مجلس اليوروبول أولويات الهيئة. ولا تُمول المفوضية الأوروبية اليوروبول وإنما تضمن تمويله الدول الأعضاء وفق نظام مساهمات محدد. تعزيز تعزز دور اليوروبول مع تدشين وزراء الداخلية الأوروبيين -في يناير/كانون الثاني 2016- مركزا أوروبيا للتنسيق في مجال محاربة الإرهاب يتبع لليوروبول، وأُسندت إليه مهام محاربة الإرهاب وتنسيق الجهد الأوروبي في هذا المجال. يشكل هذا المركز -ومقره العاصمة الهولنديةأمستردام- رأس الحربة في التعبئة الأمنية الأوروبية التي تلت هجمات باريس في13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015،التي تبناها تنظيم الدولة الإسلامية.