من الجميل جداً التواصل الذي يتم بين الكاتب والقارئ، فهذا مما يضيء لمن يكتب ويساهم في توسيع قاعدته المعرفية، وهو ما تتفضل به الصحافة الواعية كهذه الصحيفة. ولذا أجد أن من الواجب تقديم الشكر لأولئك الذين يتداخلون معي ويسعدني كثيراً قراءة مداخلاتهم والاطلاع عليها لما فيها من الفائدة والمعلومة الجيدة، التي تفرض علي احترامها واحترام صاحبها. إنهم يشعرونني كثيراً بالتوحد معهم في آرائهم وأتفق معهم كثيراً فيما يطرحون من أفكار، كما أنني أجد نفسي ملزماً بالرد على بعض ما يرد منهم. ولعلي هنا أشير إلى أن مداخلات أصحاب الأسماء المستعارة تستحق كثيراً من الاحترام والتقدير، ولذا لا أرى ضرورة تلك الأسماء، خاصة وهي تحمل كماً كبيراً من المعلومات التي تستحق أن ترجع لصاحبها الأصلي، لا أن تعود إلى شخصية هلامية وهمية. الأخ عليان الثقفي يطالب بتصنيع السلاح، ويرى تجنيد الشعب واستخدام طرق إيران في عالمنا العربي. وهذه النقاط التي وضع لها عدة مبررات هي نقاط لا أختلف معه في أي منها بل على العكس، فإنني أتمنى أن تلتفت السعودية ودول الخليج العربية ومصر إلى هذا الأمر، وتبدأ في التوغل في الداخل الإيراني، خصوصاً المناطق المحيطة بفارس وما فيها من أقليات عرقية كالأحواز العربية والبلوش والأكراد وغيرهم، والتحدث عنهم وتشجيعهم ونقل أخبارهم. وها نحن هنا نشير إلى العملية الأخيرة التي قامت بها المقاومة الوطنية الأحوازية وفجرت فيها إمدادات الغاز من مدينة شمس العرب شرق الأحواز العاصمة إلى ميناء معشور على ساحل الخليج العربي، وذلك على أطراف مدينة زيدان وتحديداً جنوب شرقي الأحواز العاصمة في الطريق الدولي بين زيدان وأرجان مساء السبت الماضي، مما أدى إلى إعلان حالة الطوارئ في المنطقة. هذه العملية هي الثانية من هذا النوع الذي تنفذه المقاومة الأحوازية في نفس المنطقة، حيث نفذت في سبتمبر الماضي عملية نوعية تمكنت خلالها من تدمير منشأة نفطية بالقرب من مدينة أرجان، هذا جزء مما ينبغي، وأيضاً للأخ عليان مقولتان لا أختلف فيهما معه وأراه محقاً فيهما. الأولى أن تركيا لم تكن ولن تكون حليفتنا وهذه مقولة حقيقية لا يختلف عليها اثنان، فلتركيا مصالحها التي تتعارض تماماً مع المصالح السعودية وقد يتفقان، ولكن لن يتحالفا. المقولة الثانية عن الباكستان، فهي بالفعل خارج الحسابات السعودية وهي تتصرف بناء على ذلك. الأخ أبو عبدالله وما ذكره عن الهلال الشيعي وتساؤلاته عنه وعن الدور الروسي في سوريا والغاز الإيراني ومنطقة مروره، والدور التركي وما سينتج عن الأحداث في سوريا من إضرار بها ومسألة إغراء تركيا بالاتحاد الأوروبي وغيرها من النقاط التي أشار إليها، هي نقاط سبق أن تحدثت عنها خلال الأعوام السابقة في سلسلة مقالات في صحيفة العرب اللندنية، مما يعني تلقائياً أنني أتفق فيها معه ولا أجد نفسي مختلفاً بهذا الشأن مع أي منها. على العكس بل إن الإضافات التي طرحها الأخ الكريم في التعليقات اللاحقة عن التمدد الإيراني وخلقها لداعش وتحالفها معه والتحالف الإسلامي ضد الإرهاب، وكذلك التساؤل حول الخطط المشتركة مع تركيا والباكستان ووصفها بأنه التحدي الفعلي الكبير. ثم التمدد الصفوي في العراق وابتلاعه بعد أن قدمه الغرب لإيران والعمل على توريط تركيا مع الروس. وهذه جميعها من النقاط التي تستحق الطرح والمناقشة والبحث، فكل واحدة منها تستحق موضوعاً خاصاً بها، ولذلك ما زلت أقول إن هذه التعليقات والمداخلات كنز كبير يستفيد منه الكاتب وتوفره الصحيفة له. فهو إما أن يزداد اقتناعاً بموقفه وبمعلوماته أو أنه يتراجع أمام مثل هذا السيل المعلوماتي المتدفق من أمثال هذه المداخلات. الأفاضل الدكتور عبدالرحمن الواصل والأستاذ الدكتور محمد البصنوي والأساتذة أبو عبير وأحمد الحوت وعلي الغامدي وراجي وغرم الله قليل والإخوة الأعزاء أصحاب الأسماء المستعارة وغيرهم، أقول لهم إن المساحة الزمنية والمكانية لا تسمح بتناول تلك النقاط الجميلة التي طرحوها، إنما سأشير إلى بعض النقاط التي تم تناولها والتعليق عليها سريعاً، وأعدهم بأن أخصص مقالاً آخر للتعقيب على ما فاتني منها، هذا إذا لم أتمكن من استغلال المساحة المخصصة لذلك وفي الوقت المحدد. أولاً أود التأكيد على أن قضية الأحواز التي علق عليها الأفاضل كانت غائبة بالفعل عن الذهنية العربية، وطالب بها صدام حسين أثناء حربه مع إيران إلا أنه ولأمور لم أفهمها حتى الآن وقف الأحوازيون ضده وهذا إما لسبب لا نعرفه، أو أنها مجرد افتراء عليهم نتمنى أن نجد التوضيح لذلك منهم عند أقرب فرصة. ثانياً: الحضور الأحوازي الآن يعود إلى التمرد الأحوازي ضد الاحتلال الإيراني لتلك المنطقة العربية الغنية ومعاناتها الشديدة تحت الاحتلال الفارسي الغاشم. وبالفعل وكما أشار الإخوة ففارس هشة من الداخل وبالإمكان سحب العصي من الدواليب وضربها من خلال الأقليات التي تحيط بها، وكذلك في نبش وإظهار الحقوق التي تخفيها إيران الصفوية. ما سبق غيض من فيض، والمتابع لتلك المداخلات سيجد فيها الكثير مما يستحق الرد والتعقيب والتعليق، ولكنني بالفعل أعتذر لضيق المساحة.