على هامش مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، يسعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لضمان التزام إثيوبيا باتفاق المبادئ الذي وقعته كل من مصر والسودان، دولتي المصب، وإثيوبيا، دولة المنبع، العام الماضي. واتفق الرئيس السيسي مع رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ماريام ديسالين، خلال لقاء جمعهما مساء أول من أمس، على «التزام الطرفين بالبرنامج الإطاري لإعلان الخرطوم وتنفيذه بالكامل»، وتفعيل اللجنة العليا الثنائية المشتركة. ويمنح الاتفاق القاهرة فرصة لالتقاط الأنفاس بعد جولات متعثرة من المفاوضات الشاقة. وقال الدكتور علاء ياسين مستشار وزير الري المصري لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده تتمسك بتنفيذ الاتفاق وخصوصا في بنده الخامس. وينص البند الخامس من الاتفاقية التي وقعت في مارس (آذار) الماضي على «مبدأ التعاون في الملء الأول وإدارة السد»، ويشير إلى أن الدول الثلاث تستخدم بروح التعاون، المخرجات النهائية للدراسات المشتركة الموصى بها بغرض الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة. كما يحدد البند إطارا زمنيا مدته 15 شهرا منذ بداية إعداد الدراستين الموصى بهما. وبحسب التفسير المصري لنص الاتفاقية فإن إثيوبيا التي بدأت بالفعل في التعاقد على توربينات لتوليد الكهرباء لن تستطيع عمليا تشغيلها قبل انتهاء الدراسات الفنية. وقال ياسين إن بلاده تدرس حاليا عرض الشركتين الفرنسيتين، مشيرا إلى أن اجتماعا سيعقد في الخرطوم خلال الأيام القادمة سيضم ممثلين عن الشركتين لعرض ملاحظات الدول الثلاث. وعما إذا كانت القاهرة ستوافق على ملء خزان السد قبل الانتهاء من الدراسات الفنية، قال ياسين إن «بلاده ملتزمة بالكامل في هذا الأمر باتفاق المبادئ وخصوصا البند الخامس منه، وهو بند واضح، ورغم ذلك أعدنا التأكيد عليه خلال الاجتماع السداسي الأخير في الخرطوم وصدر عن الاجتماع التزام الأطراف الثلاثة بالاتفاق وبالبند الخامس منه على وجه الخصوص». وقال وزير الخارجية سامح شكري إن لقاء الرئيس السيسي وديسالين، ركز على الطبيعة الاستراتيجية للعلاقات المشتركة، وتناول أيضا موضوع مياه النيل والتزام الطرفين بالبرنامج الإطاري لإعلان الخرطوم وتنفيذه بالكامل وبحسن نية والعمل على تخطي أي عقبات تنشأ على هذا المسار المتصل بالتعاون ووقع رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا إعلان مبادئ يحكم العلاقة بين الدول الثلاث في ما يتعلق بنهر النيل، ووضعت تلك المبادئ في وثيقة أطلق عليها وثيقة «إعلان المبادئ»، ونصت تلك الوثيقة على احترام نتائج الدراسات المزمع إجراؤها. وكانت مصر قد علقت مؤخرا المفاوضات الثلاثية وهي مفاوضات فنية، وبدأت جولات جديدة من المفاوضات السداسية التي تضم رؤساء خارجية البلدان الثلاث، وأعربت خلالها عن مخاوفها من تقدم مسار بناء السد في وقت تعثر فيه مسار المفاوضات الفنية حول اختيار مكاتب استشارية لدراسة الآثار السلبية المحتملة لسد النهضة على النيل الأزرق الذي يمد مصر بغالبية حصتها من المياه. وقال مستشار وزير الري لشؤون السدود، إنه تم الاتفاق على عقد اجتماعات سداسية دورية لإعطاء دفعة للمفاوضات، مؤكدا أيضا أن لجنة فنية تشكلت لبحث طلب مصر بزيادة عدد فتحات سد النهضة، مشيرا إلى أن اللجنة ستعرض نتائج دراساتها خلال الاجتماع السداسي المقبل. وأوضح ياسين أن الاقتراح المصري بزيادة فتحات السد ليس له أي علاقة بالتأثيرات السلبية المحتملة للسد نفسه، لافتا إلى أن الطلب المصري متعلق بأمور فنية صرفة خلال تشغيل السد، لكن الموقف المصري من السد نفسه سيتحدد وفقا لنتائج الدراسات الفنية. وتعتمد مصر بشكل شبه حصري على النيل لسد حاجاتها من المياه في الزراعة والصناعة والاستهلاك المنزلي. ويمثل حجم الإنتاج الزراعي ما نسبته 14.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحسب تقديرات البنك الدولي. وحظيت مصر بنفوذ قوي في إثيوبيا وأفريقيا عموما خلال ستينات القرن الماضي، لكن قواها الناعمة أخذت في الضعف خلال العقود التالية، ويعمل الرئيس السيسي على استعادة الدور المصري، ويعتمد لغة دبلوماسية إيجابية في تعامله مع ملف السد.