×
محافظة المدينة المنورة

شركة عالمية للرقابة على الأغذية بطيبة

صورة الخبر

ما زالت النظرة الدونية للفن التشكيلي السعودي تؤرق عددا كبيرا من الفنانين والفنانات في المملكة، رغم أن هناك عدة محاولات جادة من البعض لتقديم نماذج تشكيلية ترتقي بذائقة المثقف السعودي، كون المهتم بالفنون البصرية مطلعا على ثقافات وفنون عالمية ويطمح أن يشاهد في بلده لوحات تضاهي ما يشاهده خارجيا، وهذا بالطبع يعد أمرا صعبا وشائكا؛ كون الفنون البصرية لم يتجاوز عمرها الـ70 عاما منذ أن نشأت في المملكة على يد رواد الفن التشكيلي. البعض عزا ذلك إلى أن المهتمين بالفنون التشكيلية في المملكة هم نخبة من المثقفين المطلعين على الفن العالمي وقد لا يطربهم ما يشاهدونه من فن سعودي، فيما عزاه البعض إلى ضعف مخرجات تعليم الفنون في المدارس، وآخرون إلى عدم توافر أكاديميات متخصصة للفنون تصقل مواهب الشباب السعودي. الفنان التشكيلي والناقد أحمد فلمبان قال لـ«عكاظ»: من أهم أسباب الأزمة التشكيلية في المملكة هو أن المهتمين بالفنون والمقتنين -وهم عادة من الطبقة المثقفة والمطلعة على ثقافات وفنون العالم- ينظرون إلى التشكيل السعودي بعين العطف والحسرة لعدم تقدمه ومواكبة ركض العالم، لتقيده بالعديد من العوائق وقلة الدعم، وتقيده بالفلسفة والمفهوم العربي للفن وخدمة القيم والتراث، فهو يرى مثله في معظم الفنون العربية وخاصة دول الجوار، وهو يرغب في رؤية أعمال تحقق الجمال وتقديم فنا قائما بذاته دون أي مؤثرات خارجية وقضايا خارج إطار الفن، وهو سبب رئيسي في النظرة الدونية للفن السعودي لأنه ومنذ نصف قرن يدور في حلقة مفرغة في البحث عن الذات الفنية، ويدور الفنانون في دوامة التنقل من اتجاه إلى آخر في مدارس الفن الحديث، بحثا عن ذواتهم الإبداعية من خلال الأساليب والتقنيات الفنية الجاهزة، وتضمينها داخل أعمالهم كنوع من النجاح ونيل الاعتراف بهم كفنانين، ولم تظهر بوادر لفن قائم بذاته يجذب المتلقي وجمهور الفن، وما زال يترنح في المستوى ولا توجد هناك تجارب مهمة تسترعي الانتباه، ولم يتقدم سوى في عدد الفنانين وكثرة المعارض حيث اختلط الحابل بالنابل والتافه بالأصيل والجاد بالهزيل.. أصبحت الساحة التشكيلية «حراجا» للمعارض والعارضين، الكل أصبح فنانا بمن فيهم المتسكعون في دهاليز الفن والمغامرون بعرض أعمال عن المفاهيمية، التي لا تمت أبدا إلى الفن ولا المفاهيمية، ولا نرى الجاد من هؤلاء غير القليل، ولا نرى بصيصا من «مستوى»، وكلها محاكاة واقتباس من هنا وهناك وتقليد التجارب العربية والاتجاهات السائدة واستخدام التراث والمفردات الشعبية والحرف العربي، والتشابه في الأسلوب والتقنية والاستلهامات وأيضا الصيغ، وتقليد من يبيع أكثر ومن تذهب إليه الجوائز.. وفي هذه الزحمة، بدأت ظاهرة استيراد الأعمال من الخارج على أنها لكبار الفنانين وعرضها وبيعها في المزادات وأكثرها مفبركة أو مزيفة أو بشهادات مزورة، وفي السياق نفسه استغلت بعض الصالات تنظيم معارض من إنتاج إخواننا المقيمين في المملكة على أنها من الأعمال العالمية وهم في الواقع ليسوا معروفين كفنانين يمثلون فنون بلدانهم، وأعمالهم عادية جدا هدفهم تنفيذ برامجهم واستغلالها في جذب المقتنين والمقتدرين الواهمين بالثراء والشهرة، وهذه الحالات تسهم في تزييف وتضليل الوعي الفني وتفقد المصداقية بالفن وتبعد المتلقين وجمهور الفن وعزوف الكثير من المهتمين بالفن عن ارتياد المعارض لما يراه من الأعمال الهابطة الغثة والمزيفة والمزورة والفوضى، في ظل غياب المعايير والموازين. وأكد حماس على ضرورة وجود أكاديميات لتعليم الفنون وصقل المواهب إضافة إلى ضرورة أن تقوم وزارة الثقافة والإعلام بدورها في هذا الإطار ببرامج ثقافية وفنية لدعم التشكيليين، فهذا جزء من عملها كما في مختلف دول العالم، والبعد عن المجاملات والشللية في المشاركات الخارجية، إضافة إلى أن مراكز جمعيات الثقافة والفنون في المملكة هزيلة جدا ولا تؤدي أي دور يذكر. فيما قال الفنان إبراهيم الخبراني: في اعتقادي الشخصي أن المجتمع أو أواسط المجتمع بالأصح لم تستوعب إلى الآن وجود ما يسمى بفن تشكيلي، فالغالب يجد أن العمل الفني هو قطعة نفعية تكمل باقي قطع الأثاث وبالتالي لا يمتلك أي عمل لدى الغالبية أية قيمة، إضافة إلى أن احتدام المنافسة بين الفنانين أجبر البعض على تقديم تنازلات أضرت بقيمة العمل ماديا وأصبح البعض ينافس الآخر بأسعار زهيدة ليحقق أرقاما وهمية. أما الفنان عارف الغامدي فقال: في أي مجتمع يكون هناك قصور في أحد مجالات الثقافة أو الصناعة أو غيرها من روافد المعرفة والإبداع يكون السبب الحقيقي في روافد ومنبع ذلك المجال، ففي مجتمعنا تكون الفنون التشكيلية بجميع مجالاتها مختصرة لفئة معينة وهم الفنانون والهواة وبعض المقتنين وذلك يعود بشكل أساسي لقصور في الاهتمام في المنبع الأساسي والرافد الأهم وهو التعليم من المرحلة الابتدائية وصولا للجامعات، فنحن نفتقد وبصدق للأكاديميات المتخصصة في إنشاء فنانين متمكنين يكونون منارا مضيئا للمجتمع بمواهبهم التي تبنى على أسس علمية وأكاديمية محترفة وأيضا القصور في أهمية المادة في المراحل الدراسية فهي مادة تعتبر ترفيهية ليس إلا ومنها تنغرس قيمة الفن لدى المجتمع أنها مجرد ثقافة مكملة فيبقى الفن التشكيلي مجرد ثقافة تميل إلى الرفاهية. وأضاف: معلم مادة الفنون في المدارس لم يصقل أكاديميا حتى يكون مقنعا ورافدا مهما للتعريف بالفن التشكيلي بالشكل المطلوب فتنعكس أهمية وثقافة الفن سلبيا لدى المجتمع رغم أن مجتمعنا يمتلك إرثا ثقافيا وحسا فنيا ينبع من العاطفة والتأمل الذي يحثنا عليه ديننا الحنيف. خلل في زيارة المعارض الفنانة علا حجازي تقول: كثير من محبي ومتذوقي الفنون الجميلة وكذلك الطبقة المثقفة تهتم بالفن التشكيلي، ولكن للأسف تقصير المقتنين ومحبي الفن عن زيارة المعارض، نابع من الإهمال في الدعاية والإعلان عنه في مواقع التواصل الاجتماعي والصحف المحلية. أو قد يعود لقصر المدة الزمنية لكل معرض، مما لا يتيح الوقت لزيارته. وكذلك غلبة الكم على الكيف، فالمعرض المتميز والمختلف تشد إليه الرحال ولو من الدول المجاورة له.