نشرت «الجامعة الأميركية» في بيروت أخيراً، نتائج بحث أجرته حول نوعية الهواء في لبنان في ظلّ أزمة النفايات، وتضمن البحث نتائج خطيرة تؤكد أنه وخلال الأيام التي تحرق فيها النفايات تزيد نسبة المسرطنات المنقولة في الجو بنسبة 2300 في المئة. وأظهرت نتائج البحث أن المعدلات اليومية للجزيئات التي يبلغ قطرها 10 ميكرومترات أو أقل أو 2.5 ميكرومتر أو أقل، تجاوزت المعدّلات المذكورة في توجيهات الـ 24 ساعة لـ «منظّمة الصحّة العالمية» بما يصل إلى 276 في المئة، و171 في المئة على الترتيب، كما سجلت لها ارتفاعات هائلة يومي 5 و17 تشرين الأول (أكتوبر) 2015. وإضافة إلى ذلك، تم قياس تركيزات المعادن التي تعتبر موشراً لحرق النفايات، ومن ضمنها الرصاص والكادميوم والمنغنيزيوم والتيتانيوم والكروميوم والزرنيخ وغيرها الكثير، ووجد أن نسبتها زادت بين 98 و144 في المئة. وبالنسبة إلى المواد العضوية، ومنها الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات الـ 16 السامة المعترف بها من قبل «وكالة الولايات المتحدة لحماية البيئة»، تضاعف تركيزها الكلي بأكثر من مرّتين، بالمقارنة بقياسات من تواريخ مختلفة، كما أن القياس الذي تم بحسب منهج الوكالة، أظهر أن أكثر مادة مسرطنة ضمن هذه الهيدروكربونات العطرية هي مادة «البنزو أ بيرين»، تضاعف تركيزها بحوالى 2.3 مرة. ومستويات الديوكسينات الثنائيةِ البنزو والمتعددة الكلور والفيورانات الـ 17 الأكثر سمّية، فتم قياسها بحسب منهج «تو - 9» للوكالة، ووجد أنها أكثر ارتفاعاً من القياسات الأخرى بنسبة 2754 في المئة، ووصل مستوى الديوكسين الثنائي البنزو والمتعددِ الكلور الأكثر سمّية، والمعروف باسم «تي سي دي دي 2 3 7 8»، إلى تركيز مرتفع نسبياً في 19 تشرين الأول ( أكتوبر) 2015، في حين لم يتمّ العثور عليه في قياسات أخرى. وبحسب تقديرات مخاطر الإصابة بالسرطان بسبب الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات، وجد أن الخطر القصير الأمد للإصابة بالسرطان زاد من شخص واحد في المليون إلى 18 شخصاً في الأيام التي تم خلالها حرق النفايات. وأكّدت نتائج البحث حول المكونات الهوائية السامة لحرائق النفايات ومخاطرها الصحية، الحاجة الواضحة لإدارة النفايات الصلبة على مستوى الحكومة والبلديات. يذكر أنه في آب (أغسطس) من العام الماضي، انطلق حراك شعبي وشبابي في لبنان ضد أزمة النفايات وتطور إلى احتجاج ناقم ضد الفساد والطبقة السياسية الحاكمة، ونجح في اجتذاب عشرات آلاف المواطنين اللبنانيين إلى التظاهرة المركزية التي دعت إليها منظمات وهيئات من المجتمع المدني، وانضم إليها ناشطون يساريون وهيئات نقابية، في ساحة الشهداء وسط بيروت. ورفع المتظاهرون لافتات طالبت باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق ومحاسبة وزير الداخلية نهاد المشنوق، واختلط الشباب مع مشاركين من كبار السن وبعض الفنانين، وبلغ صدى الاحتجاج جاليات لبنانية في الخارج، مثل لندن وواشنطن وبروكسيل وكندا، حيث نفذت مجموعات لبنانية وقفات تضامنية مع ناشطي بيروت. وكانت موجة من الذباب اجتاحت مناطق الأشرفية والنهر والكرنتينا في العاصمة بيروت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، وأثارت الذعر لدى السكان، وخصوصاً بعد الاتصالات التي قاموا بها مع بلدية المدينة، التي أبلغتهم أن سبب المشكلة هو «الجرذان النافقة» في أماكن تجميع النفايات، وأن أدوية المعالجة والرش غير متوافرة لدى البلدية. وشكا سكان هذه المناطق من كثافة انتشار الذباب الأزرق آنذاك، والذي يسبب لهم الضيق أينما توجهوا وناشدوا المسؤولين إيجاد حلول سريعة لهذه الآفة الخطيرة، التي يمكن أن تؤدي إلى أضرار جسيمة على الصحة العامة. وكان متطوعون من حملة «بكفي»، أطلقوا حملة في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، لتجميع النفايات المبعثرة في عشر نقاط على الطريق البحرية في العاصمة بيروت، تأميناً للسلامة العامة وللحد من تفشي الأوبئة.