بعد يوم حافل بالتوقعات واللغط والمشاورات المكثفة، حسمت «الهيئة العليا للمفاوضات» المولجة بالتفاوض من قبل المعارضة السورية، أمرها، وقرّرت التوجه إلى جنيف بسويسرا لحضور المحادثات الدولية لتسوية الأزمة السورية، واتخذ القرار مساء أمس بعد تغيبها عن أول أيام المحادثات التي بدأت في جنيف بلقاء المبعوث الدولي مع وفد النظام برئاسة بشار الجعفري، مندوب النظام لدى الأمم المتحدة. وكانت «الهيئة العليا» قد شدّدت على ضرورة تلقيها ضمانات بمعالجة الوضع الإنساني ووقف القصف قبل سفر وفدها، وقبل البحث بأي تحرك سياسي. «الهيئة العليا»، وفق مصادرها أعلنت أنها تلقت ضمانات أميركية ودولية بشأن المطالب التي ربطت مشاركتها بها، وسيبحث وفدها الوضع الإنساني لكنها لن تشارك في «العملية السياسية» مع حكومة النظام. وفي حين ذكر أن وفد «الهيئة» سيتكوّن من ثلاثة أعضاء، ذكر أنهم رياض حجاب وسالم المسلط ومنذر ماخوس، نقلت مصادر أخرى أن الوفد سيكون موسعًا وقد يتراوح حجمه بين 30 و35 فردًا. وأبلغ فؤاد عليكو، أحد أعضاء «الهيئة العليا»، أن أعضاء وفدها «قد يلتقون مع دي ميستورا، ومع الأميركيين، لكن البرنامج غير ثابت». من ناحية أخرى، صرح المبعوث الدولي دي ميستورا مساء أمس بأنه يعتقد أنه سيلتقي بوفد المعارضة في جنيف يوم غد الأحد. كذلك قال عن اجتماعه بوفد النظام المكون من 16 فردًا، إن الأخير أثار مسألة الإرهاب، لكن دي ميستورا رد بأن قضية مكافحة الإرهاب يجب أن تناقش في مجلس الأمن الدولي. بدوره أعلن رئيس الائتلاف السوري المعارض خالد خوجة أن المعارضة السورية لن تشارك في أي مفاوضات مع النظام السوري إلا بعد «تحقيق الشروط الإنسانية»، وفي مقدمها فك الحصارات وإطلاق سراح المعتقلين، غامزًا من قناة المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا لأن «الأجندة التي يدعونا إليها هي إيرانية بشكل واضح»، آخذًا عليه تبني وجهة نظر النظام فيما خص تسمية المفاوضات وإصراره على تسميتها بالمحادثات. واستغرب خوجة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عدم قدرة الأمم المتحدة على فرض تحقيق الشروط الإنسانية الممهدة للتسوية السياسية في سوريا، التي هي أصلا بنود في قرارات دولية عشية انطلاق المفاوضات التي دعت إليها في جنيف، مشددا على أنه «حتى الآن لم يتحقق أي شيء مما نريده». وقال خوجة: «مشاركتنا في المفاوضات مرهونة بتحقيق إجراءات حسن النيات ابتداء بإنهاء الحصار المفروض على المدن إلى إطلاق سراح المعتقلين، وتلك التي نصت عليها التقاط الست لكوفي أنان»، مشيرًا إلى أننا «جاهزون للمفاوضات وجهًا لوجه مع النظام على أساس القرار الأممي 2118». وعن إبلاغ شروطهم للمبعوث الأممي، قال خوجة: «المسألة بسيطة جدا. طالما أن المادة 12 - 13 من القرار 2254 تنص على رفع الحصار فورًا ووقف القصف، وهي من لب مهمة دي مستورا ومادة فوق تفاوضية، فلتحققها الأمم المتحدة»، لافتًا إلى أن المبعوث الدولي «يقرّ بذلك ويقول إنه لا يستطيع تحقيقها». وأضاف خوجة: «وأنا أقول: إذا كانت الأمم المتحدة لا تستطيع تحقيق هذا الشرط الإنساني، الذي هو لُبّ مهمتها، فكيف ستستطيع رعاية عملية سياسية تنتهي بهيئة حاكمة انتقالية أحد أطرافها مجرم حرب تدعمه دولة عضو دائم في جلس الأمن؟». وسأل خوجة إن كانت «منظمة تعجز عن فرض إيصال الطعام على مجرم حرب، ومنع استخدام التجويع سلاحًا، فكيف ستستطيع فرض تطبيق قرار يحرم هذا المجرم من صلاحياته؟»، مشيرًا إلى «أننا قلنا لدي ميستورا: (نفذ ما عليك فعله ونحن فريقنا المفاوض جاهز، ولكن كيف لك أن ترعى عملية بشروط الآخر وأنت تقر بعجزك عن تحقيق شروطك؟)». وعن توقيت المفاوضات في ظل تردي الأوضاع السياسية والميدانية، قال خوجة إن تلك «مشكلة أخرى، إذ يرفض دي ميستورا تسميتها مفاوضات، ويقول إنها محادثات بين أطراف سوريا، كأننا في أزمة دبلوماسية»، مشيرًا إلى أن «الأجندة التي يدعونا إليها هي إيرانية بشكل واضح».