الاستجابة للابتزاز تستدعي ابتزازا آخر وتفتح شهية المبتزين، وهذا ما بدا من خلال عدم رضى بعض الأطراف على ما حصلت عليه وتلويحها سواء بعدم إقرار الاتفاق أو بمنع الحكومة من تنفيذه على الأرض، ما لم يُستجب لبقية طلباتهم التي يستحيل تلبيتها مع الحفاظ على حالة التوافق، وذلك مثل المطالبة باستبعاد بعض أطراف الاتفاق من الحكومة، وهي أطراف لا يمكن بدون مشاركتهاتصوّر نجاح الاتفاق أو الحكومة، لأنها هي أيضا -مثل أي طرف ابتزازي آخر- تستطيع أن تفسد كل شيء. إن تهديد بعض الأطراف بعرقلة جلسات مجلس النواب لمنع عرض الحكومة على المجلس ما لمتُلبَّ مطالبهمالمتناقضة مع مطالب أطراف أخرى تهدد بمنع دخول الحكومة إلى العاصمة، لا يعني سوى أن هذه الأطراف تريد دفع الوضع إلى حالة العجز أمام تغول الابتزاز، لأنه لا يهمهم أن يصل الليبيون إلى نقطة الضوء أو أن يفنوا جميعهم في النفق المظلم. عندما يصبح الوطن في محنة فإنه يحتاج إلى تضحيات أبنائه لا إلىأنانياتهم، ولكن التضحية تقتضي أولا إدراك قيمة الوطن، وليبيا بالنسبة لليبيين ليست معدومة القيمة في نظري، كما أن الأطراف التي تبتز الوطن باسم من تدعي تمثيله من الليبيين لا تستطيع أن تذهب بعيدا في أنانيتها المدمرة للوطن ما لم تجد مساندة قوية من الليبيين، وذلك أمر في ظني لا يكون.