شهد العراق، وفقاً لهيئة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، مقتل 18 ألف مدني في العامين الماضيين، بينما تشير جمعية إحصاء عدد القتلى الخيرية إلى ضعف هذا الرقم نظراً إلى أن عدد القتلى، الذين سقطوا خلال الشهر الفائت فقط، بلغ 40 شخصاً يومياً كمعدل وسطي. وقدم الاتحاد الأوروبي، أخيراً، عرضاً جديداً للتعامل مع محصلة الهجرات الجماعية لأوروبا، انتهى باتفاقية دبلن للاجئين، التي نصت على حق منح اللجوء للوجهة الأولى التي يصل إليها اللاجئ. وهو أمر غير عادل ولا يجوز تطبيقه، لأنه يضع كلاً من اليونان وإيطاليا على خط المواجهة. قال الجنرال كولن بويل يوماً: إذا كسرت شيئاً امتلكته. وقد كسرت أميركا وبريطانيا العراق، وخلقتا موجةً من الاستياء، وفراغاً ملأه داعش واستلم الحرس الجمهوري السني بكامل عتاده على صحن من فضة. نشرت بريطانيا السم في ليبيا امتداداً إلى شمال إفريقيا، متناسية أن للحرب عواقب. ولم تتم محاسبة أي من الحكومات العمالية أو المحافظة بسبب التدخل الكارثي عديم الجدوى، الذي تم تحت مبرر الإنسانية. اليوم، وبغياب التهديد العسكري لم يبق أمامنا إلا المنحى الإنساني، الذي يدق اليوم أبواب بريطانيا. إنه لأشد النفاق أن تختبئ الحكومة البريطانية خلف عباءة البراغماتية السياسية، ولا يسعها أن تقول اليوم: لقد أعلنا الحرب على بلادكم لصالح الإنسانية. فلا تبكوا على أعتابنا لأننا أخفقنا. ما من جدال بأن بريطانيا وأميركا ألحقتا أضراراً فادحة ببلد لم يلحق بهما أي أذى، وعاثتا فيه فساداً وفوضى جهنمية. واللاجئون العراقيون الهاربون إلى أوروبا العام الماضي يحق لهم إلقاء اللوم الأول والأخير في محنتهم على بريطانيا، لا أوروبا. ولا بد لاستجابة لندن أن تنبثق من عالم الأخلاقيات، لا أن ترتبط بأوروبا، وهي المسبب الأول للمحنة، والعزاء الوحيد الذي يمكن أن تقدمه هو تأمين الملاذ.