×
محافظة المنطقة الشرقية

العلوم والتقنية ترفض 60% من أبحاث الجامعات السعودية

صورة الخبر

مفهومنا ومفهومهم عن الشهرة هو النقيض، وهنا أتحدث عن العرب والغرب، فعلى الرغم من أن الفرق بيننا وبينهم كتابةً هو النقطة التي حولت العين للغين، إلا أننا مختلفون ومتناقضون وكلٌّ منا يسبح في تيارٍ مختلفٍ عن الآخر، وإن كانوا وفق هواهم مخيرين فيه فخورين، إلا أننا على النقيض نرتكب العيب في السر ونتبرأ منه في العلن! عندنا مثلاً من يسمى «العرابجة» أو «الدرباوية» أو «الزعران» -واللفظ ننطقه على حسب الدولة- يقومون بأفعالٍ الغرض منها الاستعراض وإظهار روح الخطر والمغامرة أياً ما كانت الفعلة، لكن أغلبهم غالباً ما يحرص على أن لا يُعرف، ويظهر وهو مخفٍ شخصيته «ملثم أو متلطم»، وهو ما يبرز تناقضاً عجيباً في الشخصية، ففي جزءٍ مما يفعل طلبٌ للشهرة وفي الآخر نفيٌ لها حتى لا يعرف أو يُكشف ويفتضح أمره، وبالتالي يضيع على نفسه فرصة أن يشار له بالبنان كلما حضر في أي مكان، كما أني لن أستغرب أن يكون بعضهم ابن مسؤول أو رجل أعمالٍ مرموق، فعلو المكانة والمقام أيامنا هذه ليس بالعلم والعمل فقط، وإنما بالتطبيل والتبجيل واليد الطويلة أيضاً! تحليل هذا السلوك الغريب الذي يغامر فيه بعضٌ من شبابنا ويسيئون في مواقف منه، وإن سألت قال البعض بداعي الشهرة، يحتاج إلى خبراء علم النفس ليسبروا لنا أغوار تلك الفئة من الشباب، وسبب التناقض بين الجرأة لعمل ما يفعلون وخشيتهم من أن يعرف الناس في مجتمعاتهم بأفعالهم الغريبة الطائشة التي يقومون بها! الشهرة مرتبطة بالغرابة لدى عديد من الباحثين عنها في العالم الآخر، ولذلك نجد كتاب «جينيس» للأرقام القياسية يكاد لا يتسع لأرقامٍ قياسية يسعى أصحابها إلى أن يُذكروا فيها ويعرفوا عالمياً. وهنا الاختلاف بيننا كعرب وبينهم، فهم وبغض النظر عن صحة أو حرمة ما يقومون به إلا أنهم يفعلونه في العلن ويفتخرون به ويسعون إلى أن يُربط بهم، أما نحن فعلننا مع الأسف لدى كثيرين هو النقيض لسره. بعضنا يأمر بالمعروف نهاراً وفي ليله يرتكب المنكر، ليعود صباحاً في اليوم الذي يليه لينهى عنه مجدداً! في عام 2009م استطاع صيني (أعفيكم من ذكر اسمه) أن ينغز نفسه بـ2009 إبرة في رأسه، وقد حطم بما فعل الرقم القياسي الذي لن يفكر حتى أكثر البشر قساوةً في الإقدام عليه، فألم الشوكة إن وطئتها أقدامنا خطأ يبقى طويلاً، فكيف بهذا الكم الهائل من الإبر في الوجه؟! في تجربةٍ مختلفة لجنونٍ آخر، عاشت تايلاندية في غرفة من الزجاج مساحتها 12 متراً مربعاً، وتحتوي على 5320 عقرباً مدة 33 يوماً وليلة في ساحة الحديقة الملكية في باتايا بتايلاند في الفترة من 22 ديسمبر 2008 إلى 24 يناير 2009، وقد لُدغت 13 مرة خلال هذه الفترة، لكنها نالت شهادة «جينيس» لمغامرتها المجنونة، ولا أظنها كفيلةً بأن توفر لها رفاهاً أو عملاً أو مقاماً حسناً فيما فعلت. سُجلت كلتا الحالتين السابقتين كأرقام قياسية، لكنني (وغير نادمٍ على ذلك) لم أتابع هل تم كسر لقبهما من قِبل مغامرين أو مجانين آخرين أو احتفظا به، فما يهمني من ذكرهما هو سعيهما للتميز والتفرد أياً ما كانت وسيلته ولهثهما المرير له حتى تحقيقه، وعدم إخفاء شخصيتيهما عن الملأ، فالغرض فيما فعلاه من هوس هو أن ينالا الشهرة حتى لو كانت ضريبة ذلك حياتهما!