×
محافظة المنطقة الشرقية

فتح باب التسجيل للمؤتمر التاسع للطلبة السعوديين بالمملكة المتحدة

صورة الخبر

في ظل ما تنعم به المملكة العربية السعودية من أمن واستقرار لم يدخل أدب الحرب سواء في حرب سورية في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز أو في تحرير الكويت في تسعينيات القرن الماضي في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، أو في حرب الخوبة في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أم ما تساهم به المملكة في استقرار اليمن الشقيق في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز. لم تظهر هذه الأعمال بشكل مطلوب الرواية السعودية والشعر والفن التشكيلي إلا في أمثلة بسيطة كما في روايتي عبده خال "نباح" و"لوعة الغاوية" وفي كتاب الصحفي هادي فقيهي "نازح من جازان" وفي لوحات الفنانين التشكليين. أما الشعر الذي يعتبر صوت العرب فلقد غاب تماماً عن المشهد إلاً من بعض القصائد المتداولة على الجبهات وما ترويها الشفاه في المجالس. تساءلت "الرياض" عن سبب غياب هذا الأدب في المملكة؟ ولماذا الشعر الذي يعتبر أحد أهم الأسلحة لم يدون كغيره في أعمال أدبية ترفد المكتبة والتاريخ. فقال الشاعر مسفر الغامدي إذا قصرنا الكلام هنا على الشعر الفصيح، والحديث بشكل خاص، فإن الأمر يبدو طبيعيا إلى حد كبير. فالشاعر يرتد إلى ذاته دائما، لا ليجيب عن الأسئلة الكبرى، بل عن الأسئلة الصغرى. أسئلة الفرد الممزق والخائف والقلق. وقال الغامدي ما إذا نظرنا إلى الشعر من هذه الزاوية، فإننا نستطيع أن نرى أثر الحرب حتى في قصيدة يتحدث فيها شاعر ما عن انتصار صغير يخصه هو، كألا يخطئ الطريق وهو عائد إلى منزله. وأشار بأنه لم يعد في وسع الشعر أن يهزم عدوا، أو ينتصر لصديق. لم يعد في وسع الشاعر سوى الاعتصام بذاته، ربما تماهيا مع البيت العربي القديم: "وتحسب أنك جرم صغيرٌ/ وفيك انطوى العالم الأكبرُ". وأما الناقد سلمان السليماني فقال في تصوره بأن الرواية السعودية ربما عجزت عن تناول الحرب كموضوع ناهيك عن تناولها كتجربة ذاتية، أي أن الرواية تعاني ولا تقوى على تناول الحرب لأسباب عدة من وجهة نظره، منها عدم القدرة على معايشة هذا الموضوع، وأيضا عدم ثراء المعلومات والقصص عن الحرب، وربما ضعف الكاتب وعجزه عن توظيف الخيال وربطه بالواقع من القصص الحربية النادرة وغير الثرية. وأكد السليماني أن هناك بالتأكيد فرق بين الحرب كموضوع وكتجربة ذاتية في توظيفها في الرواية. وأما بالنسبة للشعر فقال السليماني بأنه يحذو حذو الرواية لأن مقومات الكتابة قد تكون واحدة في الكتابة حول هذا الموضوع. بقي أن أقول إن أي موضوع يتم تناوله كتابيا - سواء كان شعرا أو رواية - يعتمد على الملامسة الوجدانية لذات الكاتب كي يكون صادقا ومؤثرا. وقال بأننا لم نصل بعد للتجربة الكتابية الكاملة التي تكتب الأفكار والخيال والواقع بملامسة وجدانية لذات الكاتب، حتى وإن لم يكن عايش موضوعا نصه أو كان جزءا حقيقيا منه. أغلب الروايات المحلية عبارة عن سير ذاتية غير مشغولة بعناية وغير ملامسة للوجدان الذاتي للكاتب. وشدد السليماني بأنه يرى أنه لم يظهر في ساحتنا الإبداعية بعد، الروائي أو الشاعر الذي يصنع نص الحرب صناعة متقنة بحيث يجمع المعلومات، ويكتب التقارير، ويبحث في الوقائع، ويحلل المعارك، بالإضافة إلى أدوات فنية أخرى تساهم في خلق جو روائي أو شعري حربي. وقال بأن هذا ما يفعله تماما، الكاتب الحقيقي، وهذا ربما يكون أهم الأسباب - في وجهة نظره الشخصية - لغياب أدب الحرب في الأدب السعودي. ومن جهة أخرى قال الشاعر محمد سيدي أن القصص والروايات تبدو أقدر على وصف الحرب وتجلياتها وأثرها على الإنسان والمكان وعلى الذاكرة الجمعية للأمم والشعوب، بينما يميل الشعر بطبعه إلى التقشف والاختزال في التعبير، وإلى التقاط التفاصيل والإشارات الصغيرة التي تختبئ بين ركام الأحداث والقضايا الكبيرة. وقال سيدي أن أدب الحرب عادة يحتاج إلى فترة طويلة نسبيا كيما يتأسس ويترسخ، وكيما تتاح له القدرة على الاستقراء والقراءة الواعية والناضجة للأحداث، ومن ثم القدرة على وصفها وتحليلها وإدراجها في سياق أدبي مقنع وجميل. وتبقى الحرب - في جميع الظروف والأحوال - واحدة من المحرضات القوية على الكتابة، وعلى الإبداع الفني بجميع صوره وأشكاله الممكنة.