في الوظيفة، حكومية كانت أو في القطاع الخاص، لا شك أنها تشكل حصيلة تجارب وخبرات تراكمية لمن يشغلها خلال فترة العمل التي تمتد أحيانا إلى 30 عاما وربما أكثر تكون بمثابة منصة من المعارف والخبرات تستحق أن يطلع عليها الآخرون ولا تبقى حبيسة ذاكرة شاغل الوظيفة لتلك السنوات كل في مجال تخصصه، بل لا بد من أن تكون منهاجا ودرسا للآخرين في الحياة العملية، يعرضها ويوثقها في كتاب ينفع غيره. فكم من موظف تراكمت لديه خبرات في مجال تخصصه في العمل، والتي لا تأتي إلا من خلال ممارسة طويلة له، تقاعد وترك العمل مجبرا أو مخيرا لم يتم الاستفادة من كل ما لديه، وكم من وزير ترك المنصب وكم من وكيل وزارة، عمل وتعلم وعلم، أخطأ واجتهد، واجهته مشكلات ومعضلات ربما بمعايير ذلك الزمن كانت عويصة، يراها اليوم سهلة وهينة، يتمكن هذا المسؤول الذي ترك الكرسي والعمل أن يقدم رؤى وحلولا لمشكلات حاضرة. هنا لم يحدث أن سمعنا بمسؤول شغل منصبا رفيعا أو غير ذلك واستمر فيه لسنوات ثم تركه وفكر في توثيق حصيلة الخبرات والمعارف والمهارات في كتاب تستفيد منها الأجيال القادمة. فكم من موظف شارك في تأسيس هيئات ودوائر وكانت له من المبادرات التي مثلت بمقاييس ذلك أمرا لافتا دون أن يعلم من جاء من بعدهم ما هي التحديات التي واجهته ومن معه وما هي الحلول التي طرحت آنذاك وكيف طرحت وما هي النتائج التي أسفرت عنها تلك المساهمات التي كانت في وقتها انجازا ومنجزا. كم من موظف حمل الرقم واحد في مؤسسته كان مرجعا فيها، أين هؤلاء اليوم، وأين هي حصيلة خبراتهم وتجاربهم في العمل الاداري أو الفني أو غير ذلك في مختلف التخصصات، أين خبرات الموظف البسيط الذي تعلم وكبر وغادر المنصب وفي جعبته الكثير، ولديه ما يمثل دروسا في أساسيات العمل الحكومي، يستفاد منها والحكومة ماضية بأجيال تعاقبت على مؤسساتها نحو عالم جديد من التميز والابداع والابتكار الكثير. الاعلامي والبيئي والاقتصادي والمتطوع وآخرون لديهم خبرات عملية ومهنية وتطوعية تستحق أن تجد طريقها عبر كتاب يوثقها تقدم للأجيال المقبلة.