×
محافظة مكة المكرمة

عضوتان في بلدي جدة تتلقيان تهديدات بالقتل

صورة الخبر

مازالت أجواء ثورة 25 يناير المصرية، التي تصادف اليوم ذكراها الخامسة، محفوظة في الذاكرة كحدث عربي من الدرجة الممتازة، ومازالت أصداء الشعارات والآمال عالية السقف تتردد إلى اليوم منتظرة أن تتجسد في الواقع. فتلك الاستحقاقات تأخرت كثيراً، بعدما امتطت جماعة الإخوان المسلمين ذلك الإنجاز وسعت إلى توظيفه في غير مقاصده حتى تم التصحيح بثورة 30 يونيو/حزيران 2013. ثورة 25 يناير كانت مطالبها نقية تطمح إلى تغيير أوضاع مصر على مستويات عدة، ومن وراء التصميم على إطاحة نظام الرئيس حسني مبارك، كان الطموح يتجاوز التغيير السياسي إلى معالجة الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بنظرة مختلفة تمكن من إعادة بناء البلد على أسس جديدة تعزز وحدته الداخلية، وتنمي موارده واقتصاده ليكون جاهزاً إلى الظهور، بعد سنوات، بشخصية إقليمية مختلفة تعيد لمصر دورها ومكانتها التي تستحق. وفي الواقع لم يتحقق من هذا الطموح شيء في الأعوام الثلاثة الأولى بعدما دخلت جماعات الإسلام السياسي الساحة مستغلة حاجة الناس إلى التغيير، فاختطفت السلطة وكادت تختطف الدولة وتقودها إلى التفكك وترجعها قروناً إلى التخلف. وحتى بعدما انفجرت ثورة 30 يونيو وإطاحة نظام جماعة الإخوان لم يتحقق الطموح المطلوب، ليس بسبب ضعف الإرادة لدى السلطة، وإنما لأن قوى الجذب إلى الوراء ظلت تعمل على زعزعة التصميم، وبدل أن تتجه الدولة إلى تلبية الاستحقاقات الحيوية للمجتمع، وجهت جانباً كبيراً من مقدراتها في مواجهة الإرهاب بألوانه المختلفة، وقد انكشف أن هذا الإرهاب الذي يضرب مصر لم يكن عملاً عشوائياً، بل هو موظف توظيفاً خبيثاً لإحباط أي شعور بالأمن وإفشال أي نجاح. ما ورد قبل يومين من شهادات في احتفالية عيد الشرطة وتكريم شهدائها، كاف لبيان التحدي الذي مازالت تواجهه مصر في هذه المعركة، كما أن ما تم كشفه من خلايا إخوانية نائمة في مؤسسات الدولة بالتزامن مع التحريض المتواصل على إرهاب المجتمع، دليل إضافي على أن العدو استثنائي بالفعل والنصر الحتمي عليه سيكون مكلفاً، ولا خيار في ذلك. ولا تقتصر قوة هذا الخطر على ما هو موجود في الداخل المصري، بل إن الدعم الذي يتلقاه من الخارج ومن الإقليم غير محدود، ولا شك في أن مصر تعرف ذلك وستثأر لدم شهدائها من كل من أرهب وحرض وموّل من الجناة جميعاً، والدول لا تنسى ولا تتنازل عن حقها في القصاص من أي معتد مهما طال الزمن. من يصب كل هذا الإرهاب على مصر، يهدف إلى إحباط مشاعر المصريين ودفعهم إلى عدم الاحتفال بذكرى الثورة، فالحملات الإعلامية والسياسية المشبوهة وبيانات التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي ترمي كلها إلى تحقيق هذه الغاية. وتصوير القاهرة مثلاً بأنها أشبه بثكنة عسكرية، في هذه الساعات، هو توظيف خبيث للإجراءات الأمنية المطلوبة لمواجهة هجمة منسقة من التهديدات، فأي سلطة تحترم نفسها، وفي عالم يعج بإرهاب عابر يضرب في كل مكان بما فيها مصر، لا تترك الأمر للصدفة، ومن حقها أن تحمي أمن مواطنيها بالطريقة التي تراها. أما الفلتان السياسي والإعلامي الذي لا يرى شيئاً تحقق في مصر، فهو الخطر الأكبر على الجميع، فهذا الفلتان خرج عن إطار حرية الرأي والتعبير إلى تكريس مخطط شيطاني في الهدم والتدمير، وقد دفعت مصر والمنطقة ثمناً باهظاً وسط هذا التضليل المتعدد الوجوه ويجب أن ينتهي في أسرع وقت وبأي طريقة كانت. chouaibmeftah@gmail.com