×
محافظة المنطقة الشرقية

العراق.. مطالبات بحماية دولية من جرائم الحشد الطائفي

صورة الخبر

لو كنت مسؤولا في قناة lbc اللبنانية، أو أحد مستثمريها السعوديين، لغضبت على ضياع تلك الأموال التي كانت تصب في جيوبهم، وانتقلت فجأة إلى خزائن من كان يحاربهم يوما ما، ويتهمهم بنشر الرذيلة والتكسب من الأموال الحرام. لكنهم ما أن توقفوا، وأخلوا لهم الطريق، حتى اندفع «مستشرفو» الأمس للمال الوفير القادم من رسائل المعجبات، «المغموسة» بالتودد والتوله على المليحين، يزيدون به أرصدتهم، ويبنون به قصورهم واستراحاتهم. لقد خدعهم مدعو الفضيلة، وناشرو العفة الكرتونية، بنصائحهم ومفاكساتهم وزياراتهم اليومية، يخوفونهم تارة بالآخرة، وتارة بإثارة الشارع ضدهم. كان التكتيك بارعا، هاجموها وحاربوها، واتهموها بنشر الزنا والمفاسد والعهر، وضغطوا على ملاكها وحثوهم على التبرؤ من برامجهم، ودفعوا متابعيها لهجرها، لقد تعلموا الصنعة وسبقوهم على الأبواب. ثم ذهبوا لقبرص واستخرجوا تصريح قناة «إسلاموية»، ليبثوا عبرها برامج تشابه برامج «استار أكاديمي»، بشباب وسيمين، وأداء يفيض بالعواطف الجياشة التي تشد «الغواني». لقد كانت lbc، كما مجموعة «mbc» من المحطات التي فتحت أذرعها لبعض الوعاظ والمستشرفين، الذين أصبحوا لاحقا مستثمرين كبارا في القنوات «الإسلاموية»، إنها الميكافيلية، فالغاية تبرر الوسيلة، وهاهم وصلوا إلى غايتهم. وبغض النظر عن رأي المدافعين والمبررين من الحركيين ومنظري التيارات «الإسلاموية» حول قناة بداية، وترددهم الليّن في التبرؤ من البرامج المثيرة التي تبثها، والسلوكيات المحيطة بها، إلا أن برامج التعلق بالشباب والغلمان الوسيمين من حيث بنيتها وهويتها وأسلوبها وجمهورها المستهدف، من المؤكد أنها شبيهة جدا ببرامج «الواقع» التي نقلتها قناتا المستقبل وlbc، وهو ما يهربون منه ولا يحسمون فيه رأيا. طبعا لا أحد عاقلا يطلب من قناة بداية إيقاف برامجها، فهي حرة فيما تقدمه، مادامت لديها القناعة به، ولديها جمهور يقبل ويستمتع بما تقدمه. لكن السؤال هو لماذا لم يقبل أولئك «الغاضبون» من برامج lbc، وmbc، ما يقبلونه اليوم من بداية، ولماذا لا يقيمون المأتم على «الدين» المسكوب، ويحذرون من تعلق الفتيات بنجومهن وتغنيهن بجمالهم ووسامتهم، كما أقاموه حينها. اليوم يقع مَن يسمى بمنظري الإعلام الإسلاموي في مأزق أخلاقي، خاصة مع الجدل حول تلك القنوات، فأحد منشديها على سبيل المثال إرهابي فجر نفسه في عملية المحيا الشهيرة، والآخر ذهب للانضمام لداعش، واليوم تتهم بكسر الحياء وإفساد العفة، وتبرير التعلق بالشباب. ألم يفتوا ذات يوم بحرمة اختلاء الأب بابنته والشاب بأمه، والشاب بالشاب، أين أدبياتهم من حيرة جمهورهم ومأزقه، أين فتاواهم اليوم. يبدو أن الإشكالية الكبرى ليست في البرنامج من عدمه، بل في رياء وازدواجية معايير جماعات الإسلام السياسي والحركي، بكل توجهاتها، فهي تبيح لنفسها ما تحرمه على غيرها، وتخرج ذنوبها وخطاياها باعتبارها اجتهادات، بينما تزايد وتغالي على أخطاء الآخرين من خارج العشيرة، وتعتبرها جريمة لا تغتفر، بينما الجميع يمارس نفس الحراك الإنساني دون فضيلة ولا رذيلة.