×
محافظة مكة المكرمة

إغراء «سوا» وأخواتها من «البيض والعسل».. نهاية حلم سعيد !

صورة الخبر

متعلقات لماذا لا نفرّق بين الفيلم التسجيلي والريبورتاج الصحفي؟ شعرية الألم في فيلم مناضلة المغرب آسية الوديع محمد عصفور رائد سينما الفقراء المغربية ما أضيق العيش لولا فسحة المقهى الحبيب ناصري* فيلم "هل تستمر الرسالة؟"، تسجيلي للمخرج المغربي العربي المعروف محمد بلحاج، (84د)، صيغ بعنوان تركيبي استفهامي دال. صيغة ولدها المخرج من بنية تركيبية خاصة بعنوان المخرج مصطفى العقاد، ويتعلق الأمر بفيلمه الروائي التاريخي "الرسالة". هل الانتقال من العنونة الفيلمية الروائية "الرسالة" لمصطفى العقاد، إلى العنونة الفيلمية التسجيلية الاستفهامية، "هل تستمر الرسالة؟"، انتقال يتضمن رسالة ما لمحمد بلحاج المسكون بالقضايا الثقافية والمعرفية والسياسية الكبرى، والتي تخص مجتمعاته العربية؟ صاحب "الرسالة" و"عمر المختار" أسهم في حمل الثقافة العربية إلى العالم (الأوروبية) على امتدادات زمنية ومكانية فيلمية، سافر بنا المخرج في ذاكرة مخرج آخر، وهو مصطفى العقاد، سفرا معرفيا وفنيا وثقافيا وجماليا، جعلنا بل دفعنا، نتلذذ أزمنة وأمكنة حلب، حيث ولادة هذا المبدع المثقف، ومنثم السفر الطويل، نحو العالم الجديد أميركا التي في سياقاتها الثقافية والسياسية والعلمية والفنية، تعلم وتكون ووسع رؤيته لكينونته وللآخر. هنا سيؤمن بقيمة الصورة في شرح وتحليل وتفكيك الذات للآخر المسكون برؤية" فوقية" تجاه الشرق. خلاصات هذه الرحلة المعرفية والعلمية، توقيع أعمال روائية من حجم كبير، لا سيما فيلما "الرسالة"، و"عمر المختار". في أبجديات النقد المعرفي والفني والجمالي، لا قيمة لعمل فني ما، لا يجعلك على مستوى التلقي، تتداخل بل تخلق تناصك معه. في هذا الفيلم التسجيلي الذي جعله هذا المخرج، محمد بلحاج، يتمحور على تحف سينمائية روائية تاريخية من توقيع مخرج آخر هو مصطفى العقاد، حيث قاسم الصورة يجمع بينهما، تشعر بمتعة متعددة الجوانب، بل هي متعة لها قيمتها النقدية التي تجعلك تطرح أسئلة من قبيل، هل مصطفى العقاد كإرث سينمائي ثقافي عربي وعالمي،استطاع أن يساهم في خلخلة بنية "فكرية" عربية عاجزة عن تجاوز أسئلة تتعلق بموضوعات من قبيل" تحريم" الصورة والموسيقى وعدم تصديق فكرة صعود الإنسان إلى القمر؟ إرهاصات دالة، شعر بها المخرج مصطفى العقاد وهو يبحث عن تمويل ودعم فيلمه "الرسالة"، أجوبة قيلت له من طرف بعض المكونات الدينية العربية والإسلامية. فكيف سيشعر هذا المثقف العربي العالمي العائد من أميركا آنذاك، والمتشبع بقيم الانفتاح والتعايش، بل والمتزوج بأجنبية، تميز حفل زواجهما ومنذ البدء بقيم التسامح والتعايش، حيث نظمالحفل بطريقة مسيحية وإسلامية وفي نفس اليوم؟ عمق قوي استطاع المخرج أن يولده من حواراته المتعددة مع العديد من أفراد أسرته وأصدقائه، بل وحتى من طبيعة الأرشيف الغني الموظف في هذا الفيلم (كواليس وصور من فيلمي الرسالة وعمر المختار الخ). نفس العمق الثقافي والفني والفكري، نشعر به ونحن نستمتع بتحليلات مصطفى العقاد ونبشه في طبيعة ما قدم من أعمال فنية، وتحليله لبعض تجليات الفكر العربي الشرقي. المخرج محمد بلحاج قدم وثيقة جمالية وثقافية عن مسيرة العقاد كيف قال المخرج قوله بلغة الصورة؟ 1-على مستوى الصورة: تحكم كبير في توظيف دلالات الصورة، بكل مكوناتها، سواء تلك المتعلقة بطفولة المخرج مصطفى العقاد، أو مراحل حياته الدراسية بأميركا أو أثناء تصويره لفيلمي "الرسالة" و"عمر المختار". اختيار العديد من الصور وبالأبيض والأسود، منح الفيلم بصمة فنية ووجدانية، لاسيما تلك الصور ذات البعد العائلي. 2- المكان: أمكنة عديدة أحضرها المخرج، والتي من خلالها استطعنا رسم جغرافية ثقافية وفنية واجتماعية لمصطفى العقاد المسكون بهوى الشرق، وعلمية الغرب. البدء بحلب، معناه البدء بتوطين وتأصيل منبع وجذور مصطفى العقاد، والتحول إلى الغرب، في شخص أميركا، جعلنا نستحضر العديد من الأسماء الفكرية والتاريخية والفنية التي سلكت مسلك هذا المخرج الذي استطاع خلخلة الذات والآخر برمزية و"سلطة" الصورة، لا سيما وموضوع الرسالة له علاقة بالمقدس. بين حلب وأميركا تشكلت البنية الفكرية لمصطفى العقاد، بل تشكل وعيه وقيمة تمثلاته للأشياء، بتوظيف ثقافة الصورة كوسيلة لحكي حدوثاته المتنوعة. 3- الموسيقى: بنية سردية فيلمية تسجيلية، تمكن محمد بلحاج من توظيفها بشكل يعي قيمة هذا المكون الثقافي والجمالي في "تطويع" المراد من هذا الفيلم التسجيلي، فيكفي هنا استحضار العود، حينما يتعلق الأمر بالمكان الشرقي، (حلب كمثال)، مقابل البيانو وأدوات موسيقية أخرى حينما يستحضر أميركا. 4- رؤية العالم: المتتبع لطبيعة ما قاله مصطفى العقاد وما قيل عنه، وما أبدعه من أعمال فنية راقية، وطبيعة تكوينه العلمي والمعرفي الخ، كل هذا يجعلنا ندرك قيمة وأهمية "مشروعه" السينمائي الثقافي، الذي كاد يكتمل لو وجد من يقف بجانبه حينما كان يحلم بتوقيع فيلمين كبيرين من حجم "صلاح الدين الأيوبي" و"الأندلس". عملان كان يرغب في جعلهما يكملان عقده الفني، لا سيما وشخصية صلاح الدين الأيوبي، تشكل حاجة مبررة لما يجري اليوم في القدس الشريف وغيره من الأمكنة. الشيء نفسه نشعر به من خلال حلمه الآخر والمتعلق بالأندلس التي تشكل حقبة علمية وثقافية مميزة لطبيعة عطاءات العقل العربي والإسلامي ككل. بناء على هذا ندرك طبيعة رؤيته للعالم، ونقصد هنا رؤيته ورغبته في توسيع مدارك الذات (بصيغة الجمع)، وجعلها تترقى في سلم المعرفة والعلم. 5- وثيقة فنية وجمالية: منعرجات ومسالك ومحطات تاريخية وتأريخية عديدة استحضرها المخرج. صعوبات عديدة ذات طبيعة فنية وجمالية تتعلق بطبيعة "العقل" العربي، عاشها مصطفى العقاد لكي ينتج ويخرج عمله السينمائي، لاسيما و"بناء" الكعبة كمكان فيلمي، جر عليه "بلاء" القراءة النصية الميكانيكية للأشياء، على الرغم من حصوله على تراخيص العديد من المؤسسات الدينية. جثمان العقاد بعد مقتله عام 2005 في تفجير انتحاري بالعالصمة الأردنية (الأوروبية) استحضار هذه المحطات ورحلات المخرج مصطفى العقاد للعديد من الدول العربية، بحثا عن الدعم وتراخيص التصوير، جعلنا نستحضر الزمن السياسي العربي خلال هذه الفترة وتلويناته وتعقيداته العديدة والمستمرة. كل هذا أعطى للفيلم هذا الدفع الثقافي والتاريخي والسياسي والفني. فيلم"هل تستمر الرسالة؟" تفكيك فني ممتع لحالة مبدع أراد تقديم ذاته العربية والإسلامية، بصورة فنية وجمالية للآخر على وجه الخصوص، وللتذكير فالفيلم من إنتاج الجزيرة الوثائقية. *ناقد مغربي المصدر : الجزيرة كلمات مفتاحية: مصطفى العقاد الرسالة فيلم تسجيلي عمر المختار الجزيرة الوثائقية