البعض من المجتمعات مازال عالقاً في قضايا هامشية ومتواضعة، وهذه القضايا تأخذ جزءاً من تفكيره وتشغل مساحة واسعة من حواراته، مثل تلك القضية التي طرحت على موقع تويتر، وتحدث خلالها أحدهم عن الفروقات بين سفر الشباب وسفر العوائل، وكيف أن سفريات الشباب ممتعة أكثر، وأن سفريات العوائل لا تخلو من المشاكل والفوضى وأنها أكثر بطئاً في اتخاذ القرارات وقلقة على الدوام ومتخوفة من الخوض في أي تجربة. ورغم عدم معرفتي كيف تم التوصل لهذا التفريق بين الشباب والعوائل؟ ولماذا العوائل في السفر أصحاب مشاكل وفوضى وقلقة ومتخوفة؟ ستفهم ما يرمي له هذا وأمثاله عندما تقرأ قليلاً، حيث تجده يتحدث عن مشكلة إذا قررت النساء الذهاب إلى أماكن السباحة العادية، حيث يجب أن يتم اختيار مكان في أقصى المدينة لكي يكن وحدهن، أو أنه على رب الأسرة تسجيل بناته في ناد نسائي باشتراك شهري ورحلتهن لا تتجاوز الأسبوع، وإذا خرجن إلى متنزه أو ما شابه، يجب الحرص على الابتعاد عن أماكن التجمعات وأن يجلسن وحدهن بعيدات، كي لا يتعرضن إلى مضايقات، متجاهلاً وجود عوائل ونساء أخريات في تلك الأماكن، وإذا أرادت النساء الذهاب إلى محل مجاور فيجب على العائلة بكاملها الذهاب. هو يسرد مشاكل اصطحاب نساء في رحلة سياحية خارج بلده، لذا يفضل رحلات الشباب. هذا المغرد، لم يكتف بتخلفه وسطحية تفكيره، بل يريد تعميم آرائه ضد المرأة، ويقوم بوظيفة الحامي والخبير، حيث يوجه نصائح للآخرين: " اتركوا نساءكم في منازلهن وسافروا وحدكم، فهذا أفضل لكم من جميع الجوانب". أنا لا أسعى لتغيير أفكار الرجل، بل أفكار المرأة، ففي دول أخرى يتمتع الرجل بسلطة مطلقة على المرأة تحد من حريتها وخصوصاً فيما يتعلق بالسفر، أما نحن ولله الحمد في إماراتنا الحبيبة نحصل على كافة حقوقنا ونتمتع باستقلالية تامة. هؤلاء الذين يحاولون أن يرشدوا المرأة في سفرها بأنه يجب أن تكون بخطوات معينة ومدروسة ودقيقة، وأن اختلاطها بالآخرين هو مغامرة بنسبة نجاة ضئيلة، وأن التخييم خطر عليها، وتسلق الجبال عمل يجب ألا يكون من اهتمامات المرأة، وأن الصيد والشوي لا يناسبان النساء، والإبحار هو عمل فوق طاقة كل امرأة، وأن الاطلاع على ثقافات الشعوب هو طريق إلى الهلاك المحتوم، أقول لهم: لقد تجاوز الزمن ثقافتكم الضحلة، وحلقت المرأة في عالم التميز والثقة بنفسها. ولكل سيدة: تذكري دوماً أن السفر نعمة عظيمة من الله توسع المدارك، وتخفف ضغوط الحياة، لا تجعلي فكراً أو رأياً يحرمك من هذه النعمة، اكسري مخاوفك ولا تسمحي لأحد أن يفرض شروطه بل افرضِ تطلعاتك وانطلق. يقول الفيلسوف والكاتب الإنجليزي فرانسيس بيكون: السفر في الصغر جزء من التعليم، وفي الكبر جزء من الخبرة. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com