لا أخال أن منصفا قرأ مقالي الذي انتقدت فيه لجوء الدكتورة لطيفة الشعلان للقضاء في قضية تتعلق بالنشر، سوف يحمل ذلك المقال على أنه اصطفاف إلى جانب من قام بالإساءة إليها وإلى زميلاتها الفاضلات في مجلس الشورى، ليس لأن ذلك يعني انتصاري للعدل ضد الظلم وللجمال ضد القبح وللخير ضد قوى الشر، وإنما لأن ذلك إجحاف بحق كاتبة تحمل كتاباتها مشعل النور وتواجه به قوى الظلام والهيمنة والإقصاء، وإجحاف بحق سيدات فاضلات هن زميلاتها في مجلس الشورى هيئن من أجل تطوير النظم ووضع التشريعات التي تستهدف الرقي بنا كوطن يتطلع للرقي ويغسل عن نفسه درن كل شائبة تشوب مسيرته وهن أهل لما هيئن له. ليس ذلك فحسب بل إن مثل هذا الاصطفاف إلى جانب من قذف بكلماته القميئة الشعلان وزميلاتها في الشورى انحراف عن سبيل اخترته لنفسي مذ عرفت نفسي ونالني بسببه ما يعلمه الكثيرون وما لا يعلمه أحد، وحين هتفت في قصيدة لي نشرت قبل ما ينيف على الثلاثين عاما: آه من الضيم كم باتت تشوهنا..... عصابةٌ لم تزل بالدين تتّجرُ كم بات ينهشُ في أعراضنا قلمٌ......خنثى الحروف فلا أنثى ولا ذكرُ وكم يساومنا من لا نساومه ....... فالله يعلم ما يخفى ويستترُ كنت آنذاك أرفع يدي محتجا ضد ما عرف بتيار الصحوة وإفرازاته حينما كان القليلون يملكون الجرأة على ذلك والكثيرون يتهيبون أن يهمسوا في مجالسهم الخاصة منتقدين لذلك التيار. انتقادي لا يخرج عن وجهة نظر في الطريقة الإجرائية التي اتخذتها للانتصاف ممن تعرض لها وعرض بها، وقد تضمن ذلك نقدا لهيئة التحقيق والادعاء العام فقد كان الأولى بها أن توجه القضية وجهتها الصحيحة والقضاء الذي قبل القضية في البدء وبعد عدة شهور ردها بحكم عدم الاختصاص. وأعرف أن الدكتورة الشعلان أكثر حرصا على تعزيز المبادئ منها على التماس الثغرات ومواقع اللبس في الأنظمة وأعرف أن خسارتها لقضية أمام جهة مختصة مقدم عندها على كسب القضية نفسها في جهة غير ذات اختصاص، وإذا كان المحامون يحتسبون انتصاراتهم بعدد القضايا التي يكسبونها فالمثقفون إنما يحتسبون انتصاراتهم بعدد المبادئ التي يعززونها حتى وإن خسروا كل القضايا. النشر في مواقع التواصل لا يزال مجال التباس يحاول المحامون من خلاله عرض مرافعاتهم أمام المحاكم، ودور المثقفين تكريس هذه المواقع باعتبارها وسيلة من وسائل النشر، ومن ثم تعزيز اعتماد وزارة الثقافة ولجنتها المختصة بالنظر فيها، وإن لم نفعل ذلك فإن هذا الأمر سوف يعيدنا للمربع الأول الذي كان يقف فيه القاتل والمختلس ومهرب المخدرات وكاتب الرأي والشاعر والقاص أمام قاض واحد، دورنا هو تعزيز وظيفة وزارة الإعلام كمرجع وكم في كل ما يتعلق بما يتم نشره، وحسبنا أن القضاء ممثل في لجنة وزارة الإعلام والتي يمكن لها أن توجه القضايا المعروضة عليها إلى القضاء إن رأت فيها ما يستدعي ذلك. Suraihi@gmail.com