الصحف العربية تناولها للأزمة بين السعودية وإيران وسط تباين في تقييمها للموقف، إذ انتقد بعض الكتاب التصعيد الهيستيري من جانب السعودية في العلاقة مع إيران، بينما أشاد آخرون بردود الفعل السعودية ووصفوها بأنها قوية وسريعة. ونبدأ من صحيفة الثورة السورية التي نشرت مقالا لناصر قنديل قال فيه بقيت السعودية وحدها تحمل راية الإنكار في قراءة المتغيرات ومقاربتها، وها هي تغرق في حرب اليمن بلا أفق، ويسأم منها الحلفاء والخصوم ويتركونها حتى تصرخ طلباً للإنقاذ، وها هي بعد تصعيد هيستيري في العلاقة مع إيران ووهم قيادة الخليج ثم العرب ثم العالم الإسلامي لقطع العلاقات معها، تحصد الخيبة وبعض وساطات، أهمها من الحليفين الإسلاميين الأهم، تركيا وباكستان، فلا يبقى للسعودية إلا سوريا ولبنان. وأضاف الكاتب في لبنان تتموضع على خط التلاعب بالاستحقاق الرئاسي عبر ترشيح يقوم به ممثلها سعد الحريري للعبث بتحالفات سوريا والمقاومة، فتكون الرسالة الأمريكية قطرية بترشيح مواز، يزيد العبث عبثاً، لكنه يعطل التعطيل بالتعطيل، وهذا مثل سواه لا يكون بدون أن تكون يد واشنطن في الترشيحين، ولها فيهما ضمن حسابها مع المقاومة مآرب أخرى. ويرى غالب قنديل في جريدة الوفاق الإيرانية الناطقة باللغة العربية أنه لن تفلح السدود التي تسعى الرجعية العربية لإقامتها في وجه قوة النموج الإيراني لمعارك الاستقلال والتحرر والبناء الوطني فإشعاع التجربة الحية سيفرض نفسه عاجلاً أم آجلاً. وأضاف أنه سيكون على النخب العربية غير الملوثة بالارتزاق والعمالة أن تفتح أوسع المجالات لدراسة وفهم العبر التاريخية الغنية في تجربة إيران الملهمة لجميع حركات التحرر. ردود فعل قوية وسريعة وفى المقابل، كتب مساعد بن عبد الله النوح في صحيفة الجزيرة السعودية مقالا وصف فيه الحراك الإيراني الحالي بأنه نموذج حي للفرد المتخبط، ويوضح إِذ مارس - ولا يزال - النظام الإيراني أعمالاً عبثية في عدد من دول المنطقة ولا سيما دول الخليج منذ الثورة اللعينة التي أشعلت فتيل الطائفية المقيتة، لاستعادة ما يمكن تسميته بالحلم القديم الذي يسمى بشرطي الخليج مستخدمًا كل إمكاناته وبكل جرأة ضاربًا عرض الحائط حقوق الجوار والأعراف الدولية. وأضاف النوح قائلاً لذا جاء الرد السعودي الذي تمثل في قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وطرد السفير الإيراني، وإيقاف جميع الأنشطة السعودية مع إيران، كلها ردود أفعال سعودية قوية وسريعة ومتتالية وغير متوقعة. أعتقد أنها أصابت الجانب الإيراني بالدهشة، الأمر الذي دفعها إلى أعمال غير منضبطة، لأنه اعتاد على فعل الخطأ. لكني أتمنى أن يستمر التطويق السعودي للحراك الإيراني لا سياسيًا أو أمنيًا، بل إعلاميًا وفق سيناريوهات مخططة. وفى نفس السياق، قال حافظ البرغوثي في صحيفة الخليج الإماراتية إن إيران لا تريد مصالحة مع المملكة العربية السعودية حتى لا تفقد دورها الإقليمي بالتدخل في اليمن والبحرين وغيرهما. وأضاف الكاتب: لن يطرأ أي انفراجة في المنطقة نتيجة لإعادة تأهيل إيران دولياً ورفع العقوبات عنها لأنها ستواصل لغتها العدوانية كما يبدو ضد جوارها. وفى الوطن الكويتية، يرى عبدالله الهدلق أن المملكة العربية السعودية حاولت منذ بداية الثورة الإيرانية أن تمد يدها إليها بالسلام والوئام والتعايش السلمي وعلاقات حسن الجوار، إلا أن إيران ردت على ذلك بإشاعة الفتن الطائفية والمذهبية، والتحريض والقتل والتدمير. التعجيل في الاستقرار وفي صحيفة النهار اللبنانية دعا مروان اسكندر إلى سرعة سيادة التفاهم بين السعودية وإيران التي ستؤدي، علي حد قوله، إلى التعجيل في الاستقرار في العراق وسوريا واستعادة المنطقة إمكان النمو وتنويع الإنتاج، وخفض نفقات التسلح. وقال اسكندر: من أجل إعطاء صورة مبسطة عما يمكن توقعه، نشير إلى أن استعادة معدلات نمو على مستوى ستة إلى سبعة في المئة في ايران والسعودية سنويًا تؤدي إلى ارتفاع دخلهما القومي سنويًا بما يوازي 24 مليار دولار يسهم توافرها في دفع اقتصاد البلدين قدمًا. هذا من دون احتساب الوقع الإيجابي على الدخل القومي في البلدين بعد زيادة سعر النفط الى 60 دولارًا أو أكثر في المستقبل القريب. وأضاف الكاتب: الأمر المثير للاهتمام أن التوصل إلى اتفاق على الحرب في سوريا، والذي لا بد أن يسهم في الحدّ من مجريات الحرب في العراق، يستند الى مساهمة روسيا في التوصل إلى اتفاق كهذا وهي الدولة التي ابتعدت، بسبب أحداثها الداخلية، عن الإسهام في صياغة اتفاق سايكس - بيكو وربما لو ساهمت منذ مئة سنة في تلك الصياغة وعدّلت الاتفاق لكانت أوضاعنا أفضل مما هي اليوم.