أظهر تقرير أصدرته الأمم المتحدة عن الأوضاع الاقتصادية العالمية وآفاقها في 2016، أن النمو في دول الاقتصادات الناشئة سيستكمل طريقه ليتجاوز 2 في المئة للمرة الأولى منذ 2010، بينما سيبلغ النمو في البلدان النامية 4.3 في المئة. ووفق التقرير الذي حصلت «الحياة» على نسخة منه، فإن متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي في غرب آسيا في عام 2015 تراجع إلى 2 في المئة، ويتوقع أن يشهد في العام الحالي تسارعاً متواضعاً بنسبة 2.4 في المئة، لكن ينتظر أن يظلّ النشاط الاقتصادي في المنطقة ضعيفاً جداً مقارنة بمتوسط النمو خلال السنوات الـ15 الماضية. أما في 2017، فيُتوقع أن تستفيد الاقتصادات المصدّرة للنفط من انتعاش معتدل في أسعار الخام يؤدي إلى نسبة نمو في حدود 3 في المئة للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي. ويُتوقع أن يؤدي تطبيع الولايات المتحدة لاتجاه سياستها النقدية إلى الحد من بعض الشكوك المتّصلة بالسياسات، مع الحيلولة دون التقلبات المفرطة في معدلات الصرف وأسعار الأصول، سيؤدي التطبيع في نهاية المطاف إلى زيادة تكاليف الاقتراض. ومن شأن ارتفاع أسعار الفائدة أن يشجّع الشركات على زيادة الاستثمارات في المدى القصير. ويعتمد تحسّن النمو العالمي أيضاً على تخفيف الضغوط النزولية على أسعار السلع الأساس، ما سيشجّع الاستثمارات الجديدة ويزيد النمو، خصوصاً في الاقتصادات المعتمدة على السلع الأساسية. التضخّم والبطالة ووسط تباين النمو بين اقتصادات البلدان وتدهور أسعار السلع، فضلاً عن ضعف الطلب، يعتبر التضخم العالمي في أدنى مستوياته منذ 2009. ففي معظم البلدان، انخفض معدل التضخم في ظل الانخفاض العالمي. وفي حين تم احتواء التضخم في العراق على رغم الصراع المسلّح، واصل التضخم ارتفاعه المفرط في سورية في 2015 كنتيجة مباشرة للقيود الحالية على الصرف الأجنبي. كما شهد اليمن، في ظل اشتداد النزاع المسلّح، ضغوطاً تضخمية عالية وتضخماً قُدِّر بنسبة 22 في المئة العام الماضي. ويشكّل النمو المتدني لكثافة العمالة في العديد من البلدان الناشئة وركود الأجور الفعلية، تحدياً ملحوظاً في ما يخص تشجيع الاقتصاد المستدام والعمالة. ففي الدول النامية وتلك التي تمرّ اقتصاداتها في مرحلة انتقالية، لا تزال البطالة مرتفعة في صورة مستمرة. وستواصل منطقة غرب آسيا تسجيل أحد أعلى معدلات البطالة بين الدول النامية. ووفق التقرير، لا يُنتظر أن تتحسن هذه المعدلات في ظل البطالة الهيكلية الشديدة الارتفاع، خصوصاً بين الشباب، وأيضاً في ظل العديد من النزاعات المسلّحة التي تتطلب حلولاً ذات مدى أطول. وأصبح انعدام الأمن الوظيفي أكثر انتشاراً وسط التحوّل من العمل براتب إلى العمالة الذاتية. في الأردن ولبنان، يُتوقع أن تتحسن الآفاق الاقتصادية، لكنها ستظل مرتبطة بالنزاع في سورية. ويستفيد البلدان من التحويلات المالية المرسلة من المواطنين المهاجرين العاملين في القطاعات غير النفطية في بلدان مجلس التعاون الخليجي. الصناديق السياديّة ونظراً إلى انخفاض أسعار النفط، ستعتمد آفاق النمو في البلدان المصدّرة للنفط في شكل أكبر على النشاطات الاقتصادية غير النفطية. وفي قطر والسعودية، حيث الاحتياطات المالية الكبيرة، واصل الإنفاق على مشاريع البنية التحتية دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2015، وسيستمرّ على النمط ذاته وإن في شكل أقل في 2016. فالسعودية لديها احتياط كافٍ لتغطية ما يقارب 5.3 سنة من العجز. في المقابل، يُنتظر أن يشهد العام المقبل ضبط أوضاع المالية العامة في العديد من البلدان الأخرى في المنطقة. وتظل توقعات العائدات عموماً، ضعيفة سواء بالنسبة الى البلدان المصدّرة للنفط أو ذات الاقتصادات الأكثر تنوعاً. وبالنسبة الى بعض البلدان مثل الأردن واليمن، فقد أصبحت المساعدات الخارجية المباشرة وغير المباشرة أساسية للحفاظ على مستويات الإنفاق.وتبقى الاضطرابات الجغرافية السياسية والنزاعات المسلّحة والأزمات الإنسانية عبئاً ثقيلاً على اقتصادات العراق وسورية واليمن. وتجتاح العراق وسورية خصوصاً، صراعات أدت إلى دمار كبير في بناهما الاقتصادية. وتبرز آثار تلك الصراعات في المالية العامة من خلال تزايد الإنفاق، وعلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة والسياحة في المنطقة. وتشمل الأخطار السلبية الرئيسة في غرب آسيا، امتداد النزاعات إلى خارج العراق وسورية واليمن، وانخفاضاً للطلب الخارجي على النفط، الذي نتج ربما من كساد اقتصادي أكثر وضوحاً في الصين، إضافة إلى نزوح أكبر لرؤوس الأموال وارتفاع أسعار الفائدة المرتبطة بتشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة.