ذكر مراسل صحيفة يديعوت أحرونوت "روعي كايس" أن الحوار الوطني السوداني تطرق أكثر من مرة لمسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ناقلا عنحزب "المستقلين" السوداني قوله في نوفمبر/تشرين الثانيالماضي أنه لا يوجد مبرر لإظهار السودانمواقف عدائية تجاه إسرائيل. وشهدت الأيام الأخيرة انتهاء قمة الحوار الوطني السوداني بين الأحزاب المختلفة والحركات المسلحة، التي دعا إليها الرئيس عمر البشير في أكتوبر/تشرين الأولالماضي، حيث تباحثت الأطراف حول قضايا متعددة، مثل قانون الدولة والحريات والعلاقات الخارجية، وتم التطرق بصورة مفاجئة إلى العلاقات مع إسرائيل. وأكد حزبالمستقلين أن تطبيع العلاقات بين الجانبين يفتح الباب واسعا لرفع العقوبات الأميركية عن السودان، لأن هذه العقوبات أجبرت هذه الدولة الأفريقية على دفع أثمان باهظة خلال العقدين الماضيين بسبب اتهامها بدعم "الإرهاب". وأشار المراسل إلى حديث وزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور، خلال مؤتمر سابق شهدته الخرطوم، قال فيه إن مسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل قابلة للدرس، حين كان يرد على نقاشات شهدها المؤتمر حول أن الموقف الهجومي للخرطوم تجاه تل أبيب يثير خيبة أمل واشنطن، في حين أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل قد يفتح الباب لإمكانية قيام علاقات طيبة مع الإدارة الأميركية. وكان لتصريحات الغندور ردود فعل عاصفة في وسائل الإعلام العربية، رغم أنه أوضح أنه لا يقيم علاقاته مع دولة ما على حساب دولة أخرى، أو بالتنسيق معها. الرئيس البشير أعلن عام 2012 أن التطبيع مع إسرائيل خط أحمر(الجزيرة) رسائل ومتغيرات وأوضح المراسل الإسرائيلي أن المشاركين في الحوار الوطني السوداني فهموا الرسالة التي أراد وزير الخارجية إيصالها، وأبدى العشرات منهم دعمهم لقيام علاقات مع إسرائيل وفق شروط معينة، حيث أكد إبراهيم سليمان، أحد المشاركين في ذات القمة، أن الجامعة العربية تدعم التوجه في هذا الطريق. لكن أوساط الحزب الحاكم في السودان برئاسة الرئيس عمر البشير زعموا أن الحزب لم يطرح مسألة العلاقات مع إسرائيل للنقاش الداخلي في أي لقاء تم عقده، مستدلين على ذلك بما أعلنه البشير في نوفمبر/تشرين الثاني2012 بأن التطبيع مع إسرائيل خط أحمر، عقب ما نسب لإسرائيل من مهاجمة مصنع أسلحة في قلب الخرطوم. ورغم النقاش المفاجئ في السودان حول العلاقات مع إسرائيل، بسبب التطورات الدراماتيكية الحاصلة في المنطقة خلال السنوات الأخيرة -كما يقول المراسل-فإن تطبيع العلاقات ما زال بعيدا جدا، مع أن السودان يقترب في العامين الأخيرين من المعسكر المعتدل في المنطقة، ويبتعد عن محور إيران، حيث أعلنت الخرطوم قبل أسبوعين قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، عقب مهاجمة السفارة السعودية فيها. ونسبت وسائل الإعلام الأجنبية لسلاح الجو الإسرائيلي في السنوات الأخيرة قيامه بشن هجمات لإحباط عمليات نقل وسائل قتالية لحركةالمقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، باعتبار أن العلاقات بين السودان وما وصفها الكاتب الإسرائيلي بـ"حركات المقاومة" خاصة حماس وحزب الله، كانت قوية جدا منذ بداية سنوات التسعينيات. ويؤكد المراسل أن هذه العلاقات تطورت تحديدا منذ اعتلاء البشير للحكم في البلاد، بعد أن ساهمت علاقات السودان مع تنظيم القاعدة وزعيمه في تخريب علاقاته مع الولايات المتحدة، مما أضر الخرطوم من النواحي السياسية والاقتصادية. ويؤكد الصحفي الإسرائيليأنه في سبتمبر/أيلول 2014، شهد توجها سودانيا جديدا بإغلاق مراكز إيرانية في البلاد، وطرد الملحق الثقافي الإيراني بدعوى نشر المذهب الشيعي في السودان الدولة السنية. وبعد عملية عاصفة الحزم التي شنتها قوى التحالف العربي بزعامة السعودية في اليمن، كان السودان من أوائل الدول التي انضمت لقتال المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، وجاءت ذروة التوتر السوداني الإيراني في قطع علاقتهما قبل أسبوعين. ويعتبر المراسل أن السودان عبر هذه الخطوة التي لم تقم بها دول خليجية -على حد قوله- كفيلة بأن تعود عليه بعوائد مالية من السعودية، الدولة الغنية، وقد يكون السودان معنيا بتطبيع العلاقات مع إسرائيل لتحسين وضعه الاقتصادي. ويشير المراسل إلى أن إحدى الوثائق الأميركية التي تم تسريبها في موقع ويكيليكس، ذكرت أن مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني قال في لقاء له مع مصدر كبير في الخارجية الأميركية أن "الأمور في حال اتجهت في منحى إيجابي مع الإدارة الأميركية، فإنها سوف تسهل علينا الأمور مع إسرائيل، حليفتكم الأقرب في المنطقة". وإذا كان السودان ربما يقترب من تحسين علاقاته مع إسرائيل-على حد قول الكاتب-عقب انضمامه للمعسكر المعتدل في المنطقة، فإن تطبيع العلاقات بين تل أبيب والخرطوم بشكل كامل ما زال بعيدا جدا.