من الأفكار التي نوقشت في خلوة المئة بمناسبة تخصيص 2016 عاماً للقراءة في الإمارات فكرة تشجيع القراءة عن الوطن، وهنا تأكيد عليها وتطوير لها. ليست القراءة عن الوطن أو في الوطن، وإنما قراءة الوطن نفسه. قراءته في الكتب العامة والمتخصصة، وقراءته أكثر في صحافته ووسائل إعلامه، وقراءة الإمارات تجربة وطموحاً. المقدمة الممهدة واجبة الطرح أن الإماراتي، في الأغلب الأعم، لا يعرف عن وطنه كثيراً ولا يعالج ذلك بإمعان الفكر أو بمزيد قراءة، فيما الإمارات ليست موجودة في الكتب فقط. هي موجودة قبل ذلك ومعه في العقول والقلوب والأرواح والدورات الدموية. الإمارات حاضرة في الوجدان الجمعي، ولابد من تعزيز ذلك الحضور العاطفي بالعلم واستحضار الذاكرة الخاصة بالإمارات وشحذها. نريد ذاكرة تلمع بالبرق وبشائر المطر والمواسم كلما استحضر الإماراتي سيرة بلاده العطرة بكل ما وهبها الله ووهب أهلها من هبات ومواهب. نريد قراءة الإمارات التي تؤدي إلى المعرفة واليقين، وبالتالي إلى القوة والثقة، ونريد قراءة حقيقية هي قراءة الاكتشاف وإعادة الاكتشاف. نريد قراءة النقد والتعليل والذهاب الصاحي كنهارات الصيف بين المقدمات الضرورية والنتائج الصحيحة. فكيف نقرأ الإمارات؟ وهل نستطيع في عام القراءة أن نقرأ الإمارات كما لم نفعل من قبل حتى في المدارس والجامعات؟ الجواب: بالتأكيد نعم، لا لأن هذا النوع من القراءة واجب في عام القراءة، فقراءة الوطن لا تحتاج إلى مناسبة، والسبب الموضوعي هنا يلح في الحضور: لدينا، في المدارس والجامعات تقصير واضح في القراءة الخاصة بالإمارات، وكلما تعرضنا لأزمة قراءة فعلينا التأكد من وجود أو عدم وجود أزمة كتابة لصيقة. وبالتأكيد، الكتب في عنوان الإمارات قليلة وغير كافية ولا تليق بقامة الإمارات، أو بمنجزها وطموحها، فهل يمنحنا عام القراءة فرصة ثمينة لتأمل هذا الموضوع والاشتغال عليه نحو تعديله؟ هل نحصي ونوثق ونصنف في عام القراءة مكتبة الإمارات؟ لو سأل كل منا نفسه كم من الكتب المعنية بالإمارات يقرأ كل عام لكانت الإجابة، إجابة معظمنا خجولة ومخجلة. لكننا لا نتناول عنوان قراءة الوطن لهذه الجهة فقط، ونريد قراءة الوطن لا قراءة كتب الوطن فقط. نريد لكل منا مراجعة الذات والدور والعلاقة مع الآخرين في البيت والعمل والمجتمع. نريد للخريج المواطن ألا يرتبك لو تعرض لسؤال من خارج المنهج عن عدد الوزيرات في الإمارات مثلاً، أو أعضاء المجلس الوطني من النساء أو عدد وأسماء الصحف اليومية على سبيل المثال. المفارقة أن الكثيرين منا يسافرون إلى الخارج وفي الخارج أكثر مما يتجهون إلى الداخل، ويعرفون عن كل الدنيا تفاصيل التفاصيل، ثم يفقدون الذاكرة حين يتعلق الأمر بالإمارات. ebn-aldeera@alkhaleej.ae