ليس بالضرورة أن يكون «عدو عدوك صديقك»، فربما كان «عدو عدوك» أشد عداوة ومكرا.. هذا التفنيد يجب أن يعيه عرب الجزيرة العربية على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم، فكثير من المقولات المعلبة التي قيلت في أزمنة ماضية تحتاج أن نفتحها بـ(مفك الصلصة)، إذ لم يجد معها الذهن الوقاد! عندما يظهر عدو العدو في المشهد السياسي متطوعا وهابا للنجدة، فعلى الضحية أن تقرأ التاريخ قبل أن تسلم عدو العدو نفسها مقابل قشة، أو حفنة من أسلحة مستهلكة. منذ عقود طويلة وقبل جاس (الثورة الإيرانية الإسلامية) كان طموح الفرس تصدر المشهد والخليج العربي من شط العرب مرورا بعنق الزجاجة (مضيق هرمز) فخليج عمان إلى بحر العرب فخليج عدن، وبالتالي الجزيرة العربية. خلال انسحاب بريطانيا نهائيا من الخليج في أغسطس 1971، احتل الفرس الجزر الإماراتية أبوموسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى في نوفمير 1971 كان توقيتا بدون تكلفة، يشبه توقيت اللصوص، ويشبه ثورتهم. لذا لا عاقل يثق في اللصوص. الفرس لم يكونوا يوما أهل سلام أو نخوة، حتى لو استنجد بهم، فتاريخهم يندى له الجبين، بعيدا عن الطوائف والمذاهب، التي تحاول إيران اليوم أن تجر بعض العرب إليها في بحثها عن نقاط التقاء بينها وبينهم. إن محاولة الفرس في خلق وجود حقيقي لها في الجزيرة العربية لم يكن وليد جاس.. أو وليد مذهب، بل منذ قرون، ففي القرن السادس عشر وتحديدا 1734 احتلوا مسقط بعد أن استنجد بهم سيف بن سلطان اليعربي ضد الغافرية، لكن النجدة والفزعة تحولت إلى احتلال، فاحتلوا مسقط، ثم صحار.. وعندما أسقط في يد سيف بن سلطان بعد أن تمرد حلفاؤه عليه.. تولى أحمد بن سعيد القيادة ليستدرجهم إلى بركة ويقيم لهم احتفالا في قلعة بركة، وبعد انتهاء الاحتفال هجم العمانيون على الفرس وذبحوهم ذبحا.. بعد هذا انسحب الفرس من عمان ليبدأ حكم آل بوسعيد مع الإمام أحمد بن سعيد. إيران الفارسية هي إيران سواء كانت إسلامية، أو بهائية، أو شيعية، حتى لو كانت بلا دين.. أطماعها لا تحد، لكنها تنتظر الفرصة السانحة، وتوقيت اللصوص، كي تغترف المضيق والخليج والبحر، لتكون سيدة للمحيط الهندي، وجزيرة العرب.. قطع الله دابر الجبناء.