تطاول الاعتداءات الجنسية، بما فيها الاغتصاب، في الجامعات الكندية نحو 25 في المئة من الطالبات، وهي تعد -لارتفاع نسبتها- من أكثر القضايا خطورة على مستقبل الشباب، ويجري التصدي لها عبر سلسلة من البرامج التدريبية والتثقيفية والإرشادية فضلاً عن التظاهرات ومناهضة الأوساط الأكاديمية لها. وأظهرت دراسة نشرتها أخيراً مجلة «نيو إنغلاند للطب»، أن تدريب طالبات على مقاومة الاغتصاب في الجامعات الكندية حقق نتائج إيجابية وغير متوقعة في تخفيض الاعتداءات الجنسية إلى معدلات قياسية. وضمن مشروع مخصص لهذه الغاية تم اختيار 893 طالبة جامعية في السنة الأولى لصغر أعمارهن ووزعن عشوائياً إلى مجموعتين في ثلاث جامعات: «وندسور» و «غيلف» و «كاليغاري». وتابعت 451 طالبة برنامج تدريب عملي على مقاومة الاغتصاب، في حين أن 442 اكتفين بالاطلاع على معلومات عامة مدونة في كتيب يساعد في التصدي للاعتداءات الجنسية. وتلقت المجموعة الأولى أربع جلسات تدريبية على شكل ورش عمل امتدت كل منها الى ثلاث ساعات، وحصلن فيها على إرشادات وأمثلة عملية حول تقويم الخطر واجتياز الحواجز النفسية والجسدية والتصرف الحاسم قولاً وفعلاً فضلاً عن الاعتماد الذاتي الذي خصصت له جلسة واحدة. وبعد عام على انتهاء فترة التدريب، تبيّن أن نسبة 46 في المئة في المجموعة الأولى لم يتعرضن للاغتصاب، وفي المجموعة الثانية حوالى 63 في المئة لم يواجهن أي محاولة للاغتصاب. وتعلق على هذه النتائج شارلين سين مصممة البرنامج، بالقول إن هذا التدريب هو الأول الذي يعطي نتائج إيجابية حول انخفاض معدلات الاغتصاب في أميركا الشمالية». وأكدت سين أن برنامج تدريب الجامعيات لا يحل مشكلة الاغتصاب، لكنه يبقى الأفضل طالما لم يكف المتحرشون عن أفعالهم، ولم تتغير ذهنياتهم الذكورية ومسلكياتهم العدوانية. في انتقاد للبرنامج، تقول كاتلين بازيل المختصصة في الاغتصاب والاعتداءات الجنسية، إن الدراسة أوقعت اللوم على الضحية وعتمت على الفاعلين، ولم تطرح أي برنامج مماثل لتدريب الرجال للحد من اعتداءاتهم الجنسية أو لتغيير ثقافة الاغتصاب السائدة في أوساطهم. وتساءلت: «ماذا يحصل حين ينتهي تدريب الجامعيات ويعجزن عن مقاومة الاغتصاب؟». أما الناشطة النسائية في مكافحة الاعتداءات الجنسية جولي لالوند، فتحذر الفتيات من أن الاعتداء عليهن قد يقع من شخص يعرفنه أو أثناء مناسبة اجتماعية أو في غمرة احتفال طلابي أو من زميل يتودد إليهن، مشيرة إلى أن أكثر من 90 في المئة من المعتدين يقومون بمثل هذه الأفعال والتصرفات في حرم الجامعات نفسها. ووفقاً لإحصاءات «راديو كندا الدولي»، فإن الجامعات الكندية شهدت بين عامي 2009 و 2013 أكثر من 700 حالة اعتداء جنسي واغتصاب. وعام 2014 حصلت حالات مماثلة في 87 معهداً وجامعة. وبلغت حالات الاغتصاب في جامعتي يرسون ويورك في مقاطعة أنتاريو 109 اعتداءات: 57 للأولى و52 للثانية. وفي شهر نيسان عام 2015، وصل مستوى الاغتصاب أعلى درجات الخطورة في جامعة كولومبيا البريطانية، إذ اغتصبت ست طالبات على يد زميل لهن كان يعمد إلى مهاجمتهن واغتصابهن ليلاً في مساكن الطلبة. ويعلق رئيس الجامعة ستيفان توب على هذه الواقعة بعد اعتقال الشرطة الجاني بقوله: «منذ تلك اللحظة المؤلمة نعمل على مكافحة الخوف ومقاومة أي شخص يعتدي على طالباتنا»، مشيراً إلى أن الجامعة أنفقت ملايين الدولارات لتأهيل كل الساحات والممرات والأمكنة وتزويدها بالمصابيح الليلة الكاشفة وتعزيز كل الخدمات لبيوت الطلبة. وخلافاً لمجمل تلك الإحصاءات «المخيفة والمقلقة»، قامت جامعة وندسور بمتابعة برنامج مقاومة الاغتصاب الذي أثبت فعاليته خلال السنة الماضية بتخفيض معدلات الاغتصاب إلى نحو 50 في المئة والمضي قدماً في مكافحة الاغتصاب وصولاً إلى تحقيق معدل قياسي حيث لم تتعرض للاعتداء الجنسي سوى طالبة واحدة من أصل 22 أبدين مقاومة شجاعة واستجابة عالية لتغيير ثقافة الاغتصاب.