×
محافظة المنطقة الشرقية

عام / محافظة بقيق تواصل استعداداتها لمهرجان "سفاري بقيق" / إضافة أولى واخيرة

صورة الخبر

أستميح عذراً السيد جيمس زغبي رئيس مؤسسة زغبي للخدمات البحثية في واشنطن، لاقتباسي عنوان المقال من عبارة له جاءت خلال إطلاق مؤسسة طابة في أبوظبي لاستطلاع أجرته مؤسسة زغبي لصالحها، عن مواقف جيل الشباب العربي المسلم من الدين وعلمائه ودعاته، وتناول الاستطلاع جوانب مهمة ذات صلة بالشباب العربي المسلم من جيل الألفية الثالثة وهويته، وبالدين في المجال العام، والقيادة الدينية، والتيارات الفكرية والأيديولوجية. الاستطلاع الذي أُعلنِت نتائجه في أبوظبي الأسبوع الماضي، في رأيي، مهم جداً، ونتائجه تعطي مؤشرات حول طريقة تفكير الشباب العربي المسلم، ونظرته إلى الدين وعلمائه، وموقفه من الجماعات التي نطلق عليها متطرفة وتوجهاتها، وما إذا كانت أفكارها تتعارض مع الدين أم لا. أجري الاستطلاع على عينة من خمسة آلاف و374 شاباً عربياً مسلماً، أعمارهم بين 15 و35 عاماً، وشمل الإمارات والمغرب ومصر والسعودية والكويت والأردن والبحرين وفلسطين، وظهرت من خلاله نتائج كان بعضها متوقعاً، وبعضها الآخر غير متوقع، لكنها جميعاً تعكس حالة التذبذب التي يعيشها الشباب العربي المسلم في هذا العصر. خاصة أولئك الذين تفتحت مداركهم مع بداية الألفية الجديدة، وما صاحبها من أحداث بدأت بتفجير برجي التجارة العالميين من قبل تنظيم القاعدة، فيما عُرِف بأحداث 11 سبتمبر 2001، وما تلا ذلك من تداعيات ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا. رغم عدم وضوح الرؤية لدى البعض حول الرابط بين تلك الأحداث وما يحدث اليوم، ووضوح الرؤية لدى البعض الآخر، حتى غدا البعض يسمي تلك المرحلة بالزمن الجميل، إذا ما قارناها بالمرحلة التي نعيشها اليوم، بكل السواد الذي يغطيها. من أهم النتائج التي اتفق عليها أغلب الذين شاركوا في الاستطلاع، في البلدان التي أجري فيها؛ الحاجة إلى تجديد اللغة التي يتحدث بها علماء الدين والدعاة عن الإسلام في خطب الجمعة والمحاضرات، فقد أظهر الاستطلاع أن خطبة الجمعة لم تعد مصدراً رئيسياً للمعلومة الدينية، ولم يحظ إمام المسجد في الحي برتبة عالية عند سؤال العينة عمن له الحق في شرح الدين وبيانه، بما في ذلك الحلال والحرام. وحين طُلِب من الشباب اختيار أهم سببين يقودان إلى انضمام شباب وشابات إلى جماعة متطرفة، أشار المستجيبون على العموم والأرجح إلى حكومات فاسدة قمعية لا تمثل الشعب، فكان هذا السبب هو الأكثر وروداً، وتلته أسباب أخرى منها؛ الخطابات والتعاليم الدينية المتطرفة، والاقتناع بأن هذه الجماعات تمثل الحق، ومستويات التعليم المتدنية. معظم الذين شاركوا في الاستطلاع رأوا أن الدين يلعب دوراً كبيراً في مستقبل بلدانهم، لكنهم اتفقوا على أهمية تحديث الخطاب الديني ليكون مناسباً للعصر. هذه نتيجة، في رأيي، من النتائج المهمة التي خرج بها الاستطلاع، لذلك أرى أن تهميش الدين لن يخدم بأي حال من الأحوال مسعى القضاء على الجماعات المتطرفة، التي تتخذ من الدين وسيلة لاستقطاب الشباب العربي المسلم وضمه إليها، وإنما سيخدمه ضبط الخطاب الديني المنفلت وتطويره، والقضاء على الفساد المتفشي في حكومات بعض الدول، وهو ما تستغله التنظيمات الإرهابية لاستقطاب الشباب، إلى درجة أنها لا تتورع عن تجنيد الأطفال للزج بهم مستقبلاً في عمليات إرهابية. بدليل الأخبار والصور التي تأتينا من المناطق التي تسيطر عليها داعش، وتظهر أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم الخامسة، يتدربون في معسكرات يديرها مقاتلون من التنظيم، فيما يسمى بمشروع أطفال الخلافة الذين ينضم بعضهم إلى هذه المعسكرات بملء إرادتهم، بينما يُخطَف بعضهم دون علم أهله، فيما يدفع بعض الأهالي بأبنائهم إلى هذه المعسكرات مقابل مبالغ مالية، بسبب الفقر المدقع الذي يعيشون فيه. لهذا نتفق مع جيمس زغبي على أن تهميش الشباب ودورهم في المجتمع من أهم أسباب العنف والتطرف، وأنه لا بد من الحديث مع الشباب بدل الحديث عنهم، وبلغة تنسجم مع تحديات الواقع، ويتوقع الشباب من علماء الدين الكثير، ولا ينشدون إصلاحاً في الدين. ولكن في لغة الخطاب الديني، لكننا نتساءل عن الوسائل التي يمكن من خلالها الوصول إلى هذه الشريحة من المجتمع، وإلى أي مدى نجحنا في استغلال هذه الوسائل لإفشال مشاريع التنظيمات المتطرفة التي استطاعت الوصول إلى الشباب واستقطابهم، وتجنيدهم لتحقيق أهدافها، خاصة بعد أن ثبت أن المنتديات الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي. مثل يوتيوب وتويتر وفيسبوك وواتس أب وإنستغرام وغيرها، هي الأدوات الأهم في يد الجماعات المتطرفة، وأنها تستخدمها بشكل مؤثر لنشر أفكارها ومعتقداتها، ووضع خططها، وتنفيذ أهدافها، وتجنيد أتباعها. كما اتضح أنها بدأت اختراع تطبيقات ومنصات خاصة للتواصل بين أعضائها، واستقطاب أتباع جدد، بعد أن باتت تعاني من التضييق عليها، ومحاصرتها في شبكات التواصل الاجتماعي والتطبيقات المعروفة، وذلك من خلال اختراق هذه القنوات ومراقبتها. الاستطلاع الذي أجرته مشكورةً مؤسسة طابة بالتعاون مع مؤسسة زغبي للخدمات البحثية، ونُشِرت نتائجه الأسبوع الماضي، في رأينا مهم، من الضروري البناء عليه والتوسع فيه، إذا أردنا أن نحمي شبابنا من الانزلاق إلى التطرف الديني والعنف، وإذا كنا جادين في إفساد خطط هذه التنظيمات الدينية المتطرفة، التي تستغل غياب الخطاب الديني المعتدل الصحيح. وعدم اقتناع الشباب بالخطاب الحالي، بالإضافة إلى العوامل الأخرى التي ذكرها الشباب في الاستطلاع، فالبداية الصحيحة لأي خطوة نقدم عليها في هذا المجال، هي أن نتحدث إلى الشباب، بدلاً من أن نتحدث عنهم.