×
محافظة المنطقة الشرقية

4 مخاطر سياسية تلقي ظلالها على توقعات المراقبين

صورة الخبر

لا يشك عاقل متابع لما يجري من أحداث بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد رفعت أياديهما عن المنطقة وتريد أن تكل الأمور لبعض القوى التي تراها قادرة على سد الفراغ الذي تركته، وما يجري من مذابح في سوريا وما يحصل في العراق من استنزاف، وما تشهده العلاقات السياسية الساخنة على ضفتي الخليج العربي لخير برهان على هذا العبث الذي صارت تنتهجه السياسة في واشنطن. لقد بدأ العبث الأمريكي في المنطقة بشكل مكشوف مع افتتاح موقع ويكيليكس على الشبكة العنكبوتية في يوليو 2007، بدعوى الحرص على الخدمات العامة التي تصب في مصلحة الإنسان على هذه المعمورة، والدفاع عن حقوق الإنسان والتشهير بانتهاكات الدول والمؤسسات الرسمية لحقوق الأفراد والشعوب والدول، وقد كان هذا الموقع منذ إنشائه عبارة عن منظمة إعلامية غير ربحية يشرف عليها الناشط الأسترالي جوليان أسانج الذي قال: «نريد ثلاثة أمور: تحرير الصحافة، وكشف التجاوزات، وإنقاذ الوثائق التي تصنع التاريخ»، وهذا الكلام الذي قاله أسانج جميل ولا جدال فيه، لكن السؤال الذي يفرض نفسه لاسترجاع مناقشة ما عُرِف قبل سنوات بـ «تسريبات ويكيليكس»، ما الجديد فيما تم تسريبه؟ وأين مكمن الخطر في هذه الأخبار التي كانت تتداولها وسائل الإعلام؟. فما الجديد أو أين الغرابة في أن السيدة ميركل امرأة غير مبدعة؟ أو أن الرئيس الأفغاني حامد كارازاي رجل ضعيف الشخصية؟ وأين يكمن الخطر في كون الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي رجل عصبي المزاج وانفعالي ويغضب بسرعة؟ وأين الغرابة بأن حكومات الخليج لا تحب السياسة الإيرانية؟ وما المنجز الخطير من أن الحوثيين مدعومون من طهران؟. إن من يعيد التفكير بهذه الأمور، وما كانت تردده السيدة كونداليزا رايس بالفوضى الخلاقة منذ توليها منصبها لوزارة الخارجية في الولايات المتحدة، وما حدث في البلاد العربية من انتفاضات ومشكلات عرفت بثورات الربيع العربي، وما كان يتردد من رغبة رايس، وحتمًا من ورائها الحكومة الأمريكية من أنها تريد استبدال الحلفاء القدماء بحلفاء جدد، باعتبار على أن الحلفاء القدماء يسيرون كالسلاحف، بينما «الشباب الجدد» يركضون ولا يتحركون ببطء، يرى أنها مؤشر أن واشنطن كانت ترغب بفضح القدماء أو الاستخفاف بهم، وتجريء الشعوب عليهم، لأن العدّ التنازلي للخلاص منهم قد بدأ، لهذا كانت تقدم المسوغات لتبرير الثورة على هذه الأنظمة، ومن أجل التبشير بميلاد عالم جديد ستشرق شمسه على العرب من مكاتب البيت الأبيض، ولا غرابة في هذا الشأن فالرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما هو نفسه الذي أربك المواقف السياسية وهيّج البسطاء في مطالباته المتكررة بضرورة تنحي الرئيس محمد حسني مبارك بغض الطرف عما يفعله بشار الأسد معلنًا بأن استخدام السلاح الكيماوي خط أحمر، أي افعل ما بدا لك إلا السلاح الكيماوي، لكن حينما تم استعماله لم يحرك ساكنًا، فهذا الرئيس الذي قدّم موقفين متناقضين هو الذي أطلق على هذا العبث اسم «الربيع العربي»، غير أن الثملين بالصراخ في الشوارع باسم الثورات لم يعلموا بحجم المياه المتسربة من تحت أرجلهم. وفي عودة لتلك التسريبات نُدرك بأنها كانت ترمي ضمن ما ترمي إليه لـ: ترويع الأنظمة الحاكمة بأن مصيرها المرتقب هو مصير من سقط من الرؤساء في حال عدم الانصياع للإرادة الأمريكية في حال رغبتها في التغيير، وكذلك إيهام المغفلين وطمأنة السذج من الشعوب بأن الحكومة الأمريكية تحترم الحقوق وتدافع عن المظلومين وترعى السلام والعدالة في العالم. إن المتأمل في تلك التسريبات يجد أنها سيف مسلط على الرقاب للرضا بمشاريع أمريكا المقبلة، ومن أجل القبول بما سيفعل بها أو ما سيفعل من حولها أو على مقربة من الحدود من تجاوزات وافتعال أزمات دون أن يكون لها الحق في الاعتراض أو مجرد التذمر البسيط.