لا ضير، فالخطأ البين الذي يمكن معالجته وتداركه وإصلاحه لا يصبح خطأ، بل يتحول إلى تجربة مرت وانطوت، والخطأ الذي أود أن أشير إليه -من وجهة نظري- هو أن نطلب من الوزير -أي وزير- أن يكون (شمسا شارقة) على المملكة كلها، هذه المملكة التي سبق أن ذكرت أن أصغر منطقة فيها تساوي مساحة دولتين أو ثلاث دول عربية معروفة، والوزير -أي وزير- لو أراد الاطلاع على سير العمل الذي يخص وزارته في كل منطقة فإنه يحتاج لأن يتحول إلى رحالة لا يغادر الطائرة إلا إلى طائرة أخرى، أما إن اختار السفر برا فستنقضي سنوات وزارته الأربع وهو لم يكمل رحلته، وبالتالي لن يتخذ أي قرار يخدم كل هذه المناطق (الدول) لأنه سيجد أن كل منطقة تتطلب قرارات تختلف عن الأخرى وهكذا. هذا -في نظري- خطأ، والصحيح كما أراه هو أن نجعل أمير المنطقة (شمسا شارقة) على منطقته، ثم ليكن الوزراء كل في اختصاصه ضمن المراقبين المحاسبين لأمير المنطقة، أمير المنطقة يستطيع أن يزور جميع أجزاء منطقته أسبوعيا أو على الأقل شهريا، ويلتقي أهلها ويسمع منهم، فإذا جعلت الدولة صلاحية خدمتهم بيد أمير المنطقة، فإنه سيتخذ القرار الأقرب للصواب والمرضي للأغلبية، أما الآن فإن بعض أمراء المناطق لهم زيارات دورية لمحافظات ومراكز مناطقهم، وفي كل زيارة يلتقون مواطنيها، ويسمعون طلباتهم وشكاواهم، لكنهم لا يملكون إلا تحرير الخطاب تلو الخطاب للوزراء كل في اختصاصه، وتخيلوا وضع الوزير وهو يتلقى ثلاثة عشر خطابا من ثلاث عشرة منطقة وكلها مطالب وشكاوى لم تكن في حسبانه ولا خطته ولا قدرة وزارته، إن هذا الوزير مع هذه الحال لا حل لديه سوى (التطنيش)، وهو قد يجد أمير منطقة مزعجا، كثير الاتصال والتعقيب على طلبات منطقته، فيرضيه ببعضها، أو يعتذر له بعدم الإمكانية، بينما كان المفروض أن يكون هذا الوزير مراقبا ومحاسبا لأمير المنطقة، وبالتالي فالوزير هو الذي يتصل ويعقب ويسأل ويحاسب على ما تم وما فعله الأمير في منطقته. الأمر عندنا حتى الآن معكوس، ولذلك فإن ما سخر منه الناس، وما أدى إلى إعفاء وزير الصحة الأسبق لأنه قال (الوزير ماهوب شمس شارقة)، هذا القول وإن جاء في حينه في غير سياقه، قول حق، وحقيقي، وعملي، إذ يستحيل على أي وزير، مهما كانت قدراته وطموحاته، وإمكانياته، أن يخدم ثلاث عشرة منطقة (دولة) بما يناسبها وفي الوقت المناسب، بينما أمير المنطقة هو الأقرب والأقدر وهو منطقيا من يستطيع معرفة الاحتياجات والمشكلات عن كثب، وصحيح وحقيقي أن أمراء المناطق ليسوا كلهم (خالد الفيصل)، لكن في أسرة آل سعود كفاءات فذة كثيرة بعضها لا نعرفها، وهذه الكفاءات يمكن تقديمها لقيادة المناطق، فهي من المؤكد قرأت وعرفت سيرة الملوك وسيرة (خالد الفيصل) ويهمها بكل تأكيد أن يستمر الوطن شامخا متطورا عظيما، فليت الدولة تمكنهم، وتخفف من مركزية قرار الخدمات، فهذه المركزية جعلت أمراء المناطق ينقلون طلبات المواطنين إلى الوزراء، وسمع الله لمن حمده، فليت الدولة تجعلهم أمراء يمثلون الملك، حفظه الله، فعلا وفي كل شيء.