شئنا أم أبينا، لا يزال انتظام الطلبة في بداية السنة الدراسية وبداية فصولها الثلاثة مشكلة تراوح مكانها، ولم تتمكن كل إجراءات وزارة التربية والتعليم من تحقيق الاستقرار والانتظام في مدارسها، ولا يزال الغياب الجماعي أمراً سائداً بين الطلبة. انتهت العطلة وفتحت المدارس أبوابها، لكن الانتظام في الفصول لم يتم، حجة الطلبة أن الجميع غائب بفعل الاتفاقات الجماعية على الدوام عبر مجموعات الواتس آب، وأن الكتب لم توزع. كنا وما زلنا نتساءل هذا السؤال الأزلي: لماذا لا تتمكن التربية من بسط النظام والالتزام على مدارسها مع بداية كل فصل دراسي؟ لماذا الأخوان في المنزل نفسه، يلتزم من هو في الخاص، ويتخلف من هو في المدرسة الحكومية؟ ماذا ينقص الوزارة ومن بعدها المدرسة حتى تتمكن من فرض الدوام والالتزام على طلبتها، حباً في أحسن الأحوال وفرضاً في أسوئها؟ تطور التعليم عندنا ربما في مناهجه ومبانيه المدرسية ووسائله التعليمية المساندة، وطرائق التدريس وتطور المعلم في أدائه، وكذلك الطالب في تلقيه، لكن لا يزال يذهب إلى المدرسة كرهاً ويعود منها فرحاً، لم يتمكن كل جديد من مغريات من جعل المدرسة حبيبة، ولم تعد تلك الأناشيد التي نرددها ونحن في المدرسة مدرستي.. مدرستي، مدرستي الحبيبة.. من بيتنا قريبة يستشعر أبناؤنا معانيها الجميلة. أمنيات كثيراً ما يرددها البعض بينه وبين نفسه، كيف السبيل إلى جعل المدرسة صديقة على الأقل للطلبة، يذهبون إليها كل صباح في حب، ثم يغادرونها بكثير من الأمل والتفاؤل، ليعودوا إليها في اليوم التالي. زمان لم تكن علاقة الطالب تنتهي بمجرد أن يدق جرس الحصة الأخيرة، يدير ظهره للمدرسة ويطلق ساقيه للريح هرباً من كل شيء فيها، فلطالما بقينا فيها نمارس أنشطة رياضية واجتماعية وثقافية بعد الدوام المدرسي، ونشجع فريقنا في بطولات كانت تقام بين المدارس، ونشارك في مشاريع طلابية تخدم البيئة المحيطة بالمدرسة، كانت المدارس شعلة تتعالى فيها أصواتنا وقهقهاتنا ونشاطنا عند العصر حتى المغرب، ونعود إليها في اليوم التالي فرحين نشيطين بيوم دراسي جديد مفعم بالأمل ومليء بالحيوية.