مغادرة مشجعو مانشستر يونايتد ملعب أولد ترافورد مبكرا قبل نهاية المباريات، لم تكن لأسباب واهية، بل تعبيرا عن غضب وعدم رضا، فالإحصائيات تقول إن الفريق على ملعب أولد ترافورد بات يقدم العروض الأكثر مللا في الكرة الإنجليزية. وتلك هي اللحظات التي قد يكون من المناسب عندها تذكر الطريقة التي قدم فيها إد ودوارد، المدير التنفيذي لمانشستر يونايتد، الهولندي لويس فان غال كمدرب جديد، في مرحلة أفضل، حيث لم يكن من المتوقع حينها أنه بعد مرور 18 شهرا سيقف نفس هذا المدير الفني معترفا أنه أصيب بالملل من أداء فريقه المخيب. «هو يتمتع بحيوية غير عادية، كما أنه يفضل الكرة الهجومية وهو الأمر المهم جدا إلينا»، هكذا تحدث ودوارد عن فان غال يوم توليه تدريب الفريق خلفا للاسكوتلندي ديفيد مويز. وأضاف المدير التنفيذي للنادي: «لو تتذكرون فريق برشلونة الذي دربه (فان غال) في أواخر التسعينات، كانوا يقدمون كرة هجومية غير عادية، وكذلك المباريات التي لعبناها ضد ذلك الفريق في 1998 - 1999، هذا هو نوع كرة القدم التي يعشقه مشجعو مانشستر يونايتد. وهذا جزء من الشخصية الفريدة لفريقنا». ويبدو هذا الحديث مبالغا فيه، فمارتن ميجير، كاتب السيرة الذاتية لفان غال، يتذكر أن أول أزمة للمدرب الهولندي في ملعب كامب نو، معقل برشلونة، كانت بسبب «إيمانه بالصرامة التكتيكية»، وهو ما وضعه في صدام مع الكثير من اللاعبين، وقد أدى هذا إلى أن «الفريق كان دائما ما يبدو على حافة انفجار داخلي». حصد فان غال ألقابا، ولكن نظامه القائم على الانضباط الصارم كان يعني مشاركة محدودة للنجم البرازيلي ريفالدو، ولبقية اللاعبين البرازيليين في واقع الحال. ويكتب ميجير أن «فان غال رحل عن النادي بسجل جيد ولكنه عانى على امتداد فترة وجوده لبناء لغة تواصل مع جماهير الفريق الكتالوني». في أولد ترافورد، لم تبدِ جماهير يونايتد سعادة من أسلوب فان غال، وقد أعربت عن ذلك وبنحو خاص أثناء مباراة السبت ضد شيفيلد يونايتد في كأس الاتحاد الإنجليزي والتي استمر فيها التعادل حتى الدقيقة 90 قبل أن ينتزع الفريق الفوز من ركلة جزاء. لقد أطلقت الجماهير صيحات الاستهجان بين شوطي المباراة قبل أن يغادر الكثيرين الملعب قبل مشاهدة هدف واين روني المتأخر من ركلة جزاء الذي ضمن فوزا صعبا 1 - صفر على أحد أندية الدرجة الثالثة. وقال فان غال: «يجب أن تسعد كمشجع لمانشستر يونايتد لأن الفريق تأهل للدور المقبل بكأس الاتحاد وحققنا الفوز في آخر مباراتين.. اعتقدوا أننا لن نحرز أهدافا. أعتقد أنه ربما غادروا الملعب قبل دقائق قليلة على النهاية لتفادي الزحام المروري. هناك أسباب كثيرة». وفاز يونايتد الذي يحتل المركز الخامس بالدوري في آخر مباراتين بعد ثماني مباريات من دون انتصار وتعرض الفريق للانتقاد بسبب الأداء الممل الذي يخالف تقاليد النادي المعتمدة على الهجوم. وبدا فان غال غير سعيد عندما سأله صحافي عما إذا كان يركز على المنافس أكثر من فريقه قائلا: «لا. أنا لا أهتم كثيرا. هذا جزء من عملي. يجب عليك معرفة ماذا يريدون وكيف يلعبون بعدها يمكنك مساعدة لاعبيك، أفكر كثيرا في كيفية الهجوم وتطويره، لأننا ندافع جيدا جدا. الهجوم يحتاج إلى إبداع وسرعة بديهة أكثر من الدفاع». كانت هذه المباراة الـ10 على التوالي التي يخوضها الشياطين الحمر على ملعبهم ويفشلون في هز الشباك خلال شوط المباراة الأول. وقد أصبح هذا أمرا متكررا وهو يجعل من أولد ترافورد أكثر الملاعب مللا في بطولات إنجلترا الأربعة لمحترفي كرة القدم. لقد شهد الملعب تسجيل 16 هدفا لأصحاب الأرض والضيوف معا – وهو أقل رقم بين جميع الأندية الـ92، ويليه بلاكبيرن روفرز (18 هدفا) وستوك سيتي وأستون فيلا (19 هدفا) وبرادفورد سيتي (20 هدفا). ولو كان فان غال يتولى مسؤولية أي من القوى العظمى الأوروبية الأخرى، لكان من شبه المؤكد أن يخسر منصبه بعد ما كان بالنسبة لمانشستر يونايتد أسوأ أداء على مدار ربع قرن. ومع هذا، فهو لا يريد التفكير في مثل هذا الأمر، فعندما قيل له إن برشلونة على سبيل المثال كان ليقيله مع مثل هذه النتائج، قال: «أنت تقدم افتراضا، وعلي أن أقدم إجابة. وأنا لا أود الإجابة عن افتراضات». بالنسبة لمانشستر يونايتد فإن الحقيقة الكئيبة هي أن الفريق في ظل قيادة فان غال يبدو بعيدا بملايين الأميال عن أي كؤوس جديدة يسعى لإضافتها لخزانته المليئة بالألقاب. فهذا الفريق الذي أنفق مدربه 250 مليون جنيه إسترليني لم يقدم أي شيء يشفع له. لقد تعاقد الفريق مع ممفيس ديباي، وباستيان شفانشتيغر، ودالي بليند، ومورغان شندرلين، ولوك شاو، وماركوس روخو، ودارمين، أنطوني مارسيال، أندريه هييرا. هناك لاعبان اثنان فقط نالا إعجاب فان غال شو ومارتيال، وهما اثنان من إجمالي 12 لاعبا، وهو معدل ضعيف جدا لأي مدرب. لقد فاز مانشستر بآخر مباراتين له وصولا إلى مواجهته خارج الديار مع نيوكاسل يونايتد، لكن طريقة اللعب لم تتوقف عند حد إثارة تعليقات لاذعة من بول سكولز وغيره من لاعبي يونايتد السابقين الذين يصفهم فان غال بـ«الأساطير»، والذين يعرضون أفكارهم حاليا كمحللين تلفزيونيين. لقد كان هناك كذلك صيحات تهليل ساخرة عندما حاول ممفيس ديباي التسديد على المرمى في المباراة الأخيرة، كما غادر الجمهور بأعداد كبيرة قبل صافرة النهاية، بشكل لم يسبق أن حدث مع فريق كان معروفا بأهدافه القاتلة وصناعته للنهايات المثيرة. ورغم أن فان غال وصف الصحافيين الذين أثاروا هذه النقطة بأنهم «سلبيون للغاية»، فإنه أقر بأن مشجعي الفريق ربما لم يكونوا يتوقعون إحراز الفريق هدفا، بقوله: «هم لا يفكرون بأننا يمكن أن نسجل. لكن قد تكون مغادرتهم بسبب الزحام المروري. وقد كنت أفعل نفس هذا الشيء، كمدرب، عندما كنت أذهب للمباريات لتحليل أداء المنافسين. كنت أغادر الاستاد قبل 5 دقائق على النهاية». قد يكون هناك زحام مروري، لكن الفكرة أن المشجعين لم يرق لهم ما شاهدوه لوقت طويل من فريق يونايتد. قال فان غال، وكان يتحدث عن ردة فعل المشجعين: «أتفهم هذا.. والحقيقة أننا لم نكون نصوب كثيرا على المرمى. وكان المشجعون يرددون هتافات ساخرة، أعرف هذا». في عهد مختلف، كان السير أليكس فيرغسون يذهب إلى خط التماس لتوجيه اللاعبين إذا كان غاضبا من طريقة لعب الفريق. ومع هذا فإن فان غال رفض مطالبته القيام بنفس الشيء، وقال: «لست السير أليكس، كما تعلمون. كل شخص مختلف، وأنا لا أؤمن بالصراخ من خارج الملعب، وإنما أؤمن بالتواصل على مدار الأسبوع، وخلال الاستعداد للمباراة وأؤمن في لاعبي فريقي الذين يجب عليهم أن يؤدوا المطلوب». ومع هذا، فإن فان غال ما زال يصر على أن خوض الموسم الجديد بمثل هذا العدد القليل من المهاجمين كان القرار السليم، وذلك بناء على عدم تفضيله لوجود منافسة بين اللاعبين. يقول فان غال: «مشكلتنا ليست في تنظيمنا الهجومي – ويمكنكم التأكد من هذا. لكن الإحصائيات بالنسبة إلى الخط الهجومي ليست على ما يرام تماما، ومن ثم فعلينا تحسين هذا الجانب، وبخاصة في المرحلتين الثالثة والرابعة. وهذا ما ننوي القيام به. في هذه اللحظة نعاني غيابا في الإبداع. علينا أن نعزز هذا الجانب ونحن منشغلون بذلك. في كل أسبوع أقول إن علينا أن نتحسن في المرحلة الثالثة أو الرابعة».