إفي): التغيير في الكثير من الأحيان يكون عملية تستغرق مساحة من الزمن، خاصة إذا كانت متعلقة بانهاء واحدة من أطول فترات الهيمنة على جائزة الكرة الذهبية، بين الأرجنتيني ليونيل ميسي، نجم برشلونة والبرتغالي كريستيانو رونالدو، لاعب ريال مدريد. بدأت هذه الهيمنة منذ عام 2008، عندما توج الدون بالجائزة للمرة الأولى في تاريخه عندما كان يلعب في صفوف مانشستر يونايتد الإنجليزي، وحل البرغوث ثانيا، ومن حينها تناوب اللاعبان على الفوز بها، وان كانت الغلبة للنجم الأرجنتيني، الذي حصل على الجائزة بالأمس للمرة الخامسة في تاريخه، وحل صاروخ ماديرا ثانيا، ولكن شيئا تغير. في المركز الثالث جاء البرازيلي نيمار، لاعب برشلونة، ورغم ابتعاده الكبير بفارق الأصوات عن صاحبي المركزين الأول والثاني، فإن الكثيرين يتنسمون فيه رياح التغيير، وبداية حقبة جديدة في تاريخ جائزة أفضل لاعب في العام. صحيح أن الكثير من اللاعبين تعاقبوا على المركز الثالث في تلك الجائزة، وأبرزهم الإسباني أندريس إنييستا، الذي قاد منتخب بلاده للفوز بمونديال جنوب أفريقيا، للمرة الأولى في تاريخها وحل ثانيا في ذلك العام خلف ميسي، ولكن المعطيات هذه المرة مختلفة. فهو اللاعب الأصغر سنا الذي يصعد على منصة تتويج الجائزة الفردية الأهم في عالم كرة القدم منذ 2007، عندما بدأت تقام ديكتاتورية ميسي-رونالدو على الكرة الذهبية، حينما حل الدون ثانيا والبرغوث ثالثا. وبخلاف ما كان عليه أصحاب التواجد المشرف على منصة التتويج ومن بينهم الإسباني فرناندو توريس والفرنسي فرانك ريبيري والألماني مانويل نوير، فإن نيمار واجهة دعائية لا غبار عليها، هذا بالنسبة لمن يرون أن لهذه النقطة دور كبير في حسم الصراع على الجائزة. خير دليل على ذلك الأنباء التي ترددت مؤخرا عن أن اللاعب البرازيلي (23 عاما) سيكون أبرز الوجوه الدعائية على الصعيد العالمي لشركة (نايكي) للملابس الرياضية اعتبارا من يونيو من العام الجاري، متفوقا على صاروخ ماديرا. وان كان البعض يرى أن هذه الأنباء مجرد شائعات، فإن الأكيد هو أن نيمار كان وجها دعائيا لكبرى العلامات التجارية في العالم، من بينها باناسونيك وريد بول وفولكس فاجن، والأهم من ذلك (نايكي)، وهذا ليس من فراغ، فأرقام اللاعب البرازيلي داخل الملعب تتحدث عن نفسها. محليا، خاض نيمار مع برشلونة خلال الموسم الجاري 16 مباراة، سجل خلالها 15 هدفا، يتقاسم بها صدارة قائمة هدافي المسابقة مع زمليه في الفريق الأوروجوائي لويس سواريز، الذي يرى الكثيرون أنه سيكون له مكان في النسخة القادمة من البطولة، متفوقين على رونالدو (14 هدفا) وميسي (تسعة أهداف). دور نيمار مع البرسا لم يقتصر على تسجيل الأهداف فحسب، بل كذلك صناعتها فقد تمكن منذ انطلاقة الموسم في صناعة سبعة أهداف، أي أنه كان سببا مباشرا أو غير مباشر في 22 هدفا سجلها الفريق الكتالوني في 18 مباراة في الليجا، حيث يتبقى له لقاء مؤجل. الوضع لا يختلف كثيرا في دوري الأبطال الأوروبي، فقد خاض خمس لقاءات سجل فيها هدفين وصنع ثلاثة، وبلغت دقة تمريراته 82%، ما يجعله أحد المرشحين بقوة لقيادة رياح التغيير، على خطى ميسي. وعلى مستوى المنتخبات، فإنه يقف كتفا بكتف مع ميسي وكريستيانو، فلم يمنح أي من النجوم الثلاثة بلادهم الألقاب، كما يفعلون مع أنديتهم، وان كان لنيمار الأفضلية على هذا الصعيد. فهو لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره، بينما يشارف ميسي على الثلاثين (28 عاما)، الحاجز الذي تخطاه كريستيانو بالفعل (30 عاما)، ما يجعل مشاركتهما مع منتخبي بلادهما في كأس العالم المقبل محل شكوك بالنسبة للكثيرين. وربما تكون كأس الأمم الأوروبية الفرصة الأخيرة أمام الدون لتحقيق انجاز مع منتخب بلاده، ولكن الكثيرين يرون أن فرص البحارة ضئيلة نظرا لكون كريستيانو البطل الأوحد في المنتخب البرتغالي. فيما استبعد الأرجنتيني خيراردو تاتا مارتينو امكانية استدعاء ميسي للمشاركة مع المنتخب الأوليمبي في دورة الألعاب الأوليمبية التي تقام في ريو دي جانيرو العام الجاري، ما يجعل بطولة كوبا أمريكا المئوية الفرصة الوحيدة المعقولة بالنسبة للكثيرين لتحقيق لقب لصالح بلاده. وحتى في هذا المحفل الاقليمي، سيصطدم بنيمار الذي سيتمكن من المشاركة في كوبا أمريكا وكذلك الأوليمبياد وكأس القارات حال تأهل بلاده إلى هذه البطولة. وإذا كان ميسي قد اختير وهو في العشرين من عمره، في القائمة النهائية للمرشحين بالجائزة وحل ثالثا في 2007 حينما توج بها البرازيلي كاكا، وتقدم إلى المركز الثاني في العام التالي خلف كريستيانو، قبل أن يفوز بها في 2009، فهل يسير نيمار على خطى البرغوث ويفوز بجائزة أفضل لاعب في العالم لعام 2017؟.