تعاقد جوارديولا في صيف 2002 عقب موسم واحد في بريشيا بينما كانت قضية المنشطات لا تزال جارية، مع روما حيث كان يشعر بحماس شديد للعمل تحت قيادة مدرب فريق الذئاب في تلك الفترة فابيو كابيللو. إذا كان كابيللو هو القطب الموجب فإن جواريولا هو السالب، لأن الإيطالي كان يمثل كل شيء معارض لفكر بيب في أسلوب اللعب ولكن الأخير كان يرغب في خوض تجربة عن قرب للتعرف أكثر على الحزم الدفاعي الإيطالي وأسرار تطبيق الضغط على الخصم وأساليبه المتنوعة. لم يلعب جوارديولا كثيرا مع روما ولكنه ملأ حتى أخر صفحة دفتر ملحوظاته بكل ما يتعلق بالمدرسة الإيطالية وأسلوب كابيللو الذي قال عن تلك الفترة: لم يشارك كثيرا لأنه حينها كان يصل لقرب نهاية مسيرته كلاعب.. يمكنني القول إن تصرفاته كانت نموذجية، لم يطلب مني أي تفسير وراء عدم اشراكه في المبارايات. ويتابع كابيللو جوارديولا كان يعرف طريقتي في فهم الكرة، كان بطيئا ويعاني من بعض المشكلات البدنية، ولكنه كان يمتلك مرونة ذهنية ويعرف ما الذي يجب فعله قبل استقبال الكرة وكان يظهر موهبة كبيرة في اللعب التموضعي. فسخ جوارديولا عقده مع روما بعدما تشرب ما كان يرغب فيه وأيضا لعدم مشاركته بصورة كبيرة بطبيعة الحال وعاد لبريشيا في يناير 2003 حيث تشارك غرفة الملابس مع روبرتو باجيو وأندريا بيرلو. وفي نفس العام حينما كانت حقبته الثانية في ذلك النادي اللومباردي الصغير تقترب من النهاية تلقى بيب مكالمة من مدرب ويجان بول جيويل. يقول جيويل حول هذا الأمر: دائما ما كان بيب من ضمن اللاعبين المفضلين لدي، حصلت على رقم هاتفه عبر وكيل لاعبين انجليزي واتصلت به وتركت له رسالة تخبره بمن أكون ليتصل بعدها بعشر دقائق. ويضيف كان يعرف كل شيء عنا، شاهد بعض مبارياتنا في التلفاز وتحدثنا عن التمريرات القصيرة بين لاعبي الوسط وكيفية نقل الهجمة وكانت الأمور بصورة جيدة، ولكن بعدها تلقي مكالمة من قطر. كان جوارديولا قبل التوقيع للأهلي القطري أمامه فرصة للعمل مع لويس باسات المرشح لانتخابات رئاسة برشلونة في 2003 الذي كان يحظى بدعم من القوى المالية والسياسية الأكثر تأثيرا في كتالونيا. لا لرونالدينيو اتصل باسات بجوارديولا وعرض عليه منصب المدير الرياضي في مشروعه حال الوصول للرئاسة، ووافق بيب شريطة عدم استخدام أسماء صفقات محتملة لحصد الأصوات كما يحدث في كل الحملات الانتخابية بالكرة الإسبانية. عُرض رونالدينيو على باسات وجوارديولا ولكن بيب كان يرغب في التركيز على مشروع كامل لكرة القدم يتضمن زميله الفريق في الـدريم تيم رونالد كومان كمدير فني أو خوانما ليو اذا ما رفض أياكس الهولندي رحيل الأول. حينما خسر باسات الانتخابات قال له بيب: أعرف أننا اخترنا التركيز على نقطة مختلفة، ولكن لو عاد بنا الزمن لفعلنا الأمر بنفس الشاكلة، أليس كذلك؟. ولكن المشكلة كانت تكمن في أن قرار جوارديولا بدعم ذلك المرشح كان سيكلفه خسارة الكثيرة من الأصدقاء وهم خوان لابورتا ويوان كرويف وتشيكي بيجرستاين، لذا قرر التوقيع للأهلي القطري في الوقت الحالي ليكمل مسيرته كلاعب. ربما يكون هذا القرار الوحيد في مسيرة جوارديولا الذي كان مدفوعا بالسعي وراء النقود: راتبه كان يصل لأربعة ملايين يورو لمدة موسمين، فيما يصف الصحفي جابريلي ماركوتي الذي سافر للبلد العربي لاجراء محاورة مع بيب في 2004 أنه وجد لاعبا حزينا يشعر بنهاية اقتراب مسيرته ولكنه لم يكن في نفس الوقت يشعر بالكآبة. الانقراض قال جوارديولا لماركوتي حينها: أعتقد أن اللاعبين مثلي قاربوا على الانقراض، لأن اللعب أصبح بدنيا بصورة كبيرة للغاية، أصبح الوقت الذي يسمح فيه بالتفكير أقل بصورة كبيرة. كان عمر بيب حينها 33 عاما وطريقة اللعب تغيرت بالفعل، وهذا الأمر كان منعكسا في بانوراما الكرة الأوروبية في صورة ميلان ويوفنتوس القويين بدنيا وبورتو جوزيه مورينيو، فيما أن وصول البرتغالي لقيادة تشيلسي الإنجليزي كان تعد بمثابة خطوة نحو تسيير التيار الكروي نحو لاعبي وسط أكثر قدرة بنية عن كونها ذهنية. باختصار كان كلام بيب حقيقيا لأن ما يقدر حينها كان السرعة والقوة، ولكن هذا الأسلوب لم يسد كثيرا بفضل حقبة ريكارد مع برشلونة وجوارديولا في وقت لاحق. لعب جوارديولا 18 مباراة مع الفريق القطري وكان يقضي وقت فراغه في مسبح الكومباوند الذي كان يعيش فيه مع جابرييل باتيستوتا وفرناندو ييرو وكلاوديو كانيدا ومحاولة الحصول على معلومات كثيرة من مدربه بيبي ماسياس، الظهير السابق لسانتوس، بخصوص منتخب البرازيل ابان حقبة بيليه. وأجرى بيب في 2005 فترة معايشة استمرت 10 أيام مع مانشستر سيتي تحت مراقبة ستيوارت بيرس، ولكنه رفض في النهاية العرض الذي قدم له بالتوقيع لمدة ستة شهور لأنه كان يرغب في عقد بمدة أطول من ذلك، لينتهي الأمر بالتوقيع لدورادوس المكسيكي حيث لعب تحت امرة صديقه خوانما ليو. كانت تجربة المكسيك قصيرة للغاية حيث لعب جوارديولا 10 مبارايات فقط، ولكنه استفاد منها كثيرا بالأحاديث الليلة التي كانت تجمعه كل يوم بخوانما ليو حول مفاهيم التدريب والتكتيكات ورؤية الملعب. انتهت مغامرة جوارديولا في الأراضي المكسيكي بمايو 2006 حيث عاد إلى إسبانيا وتحديدا لمدريد لاستخراج رخصة التدريب، كل ما كان ينقصه هو ذلك اللقب ومزيد من الخبرة لأنه كان بالفعل يفكر كمدير فني حيث انتهى من الحصول على الأوراق في يونيو من نفس العام. لا للأندية الكبرى وأعلن جوارديولا في حوار بمنتصف نوفمبر مع إذاعة راديو كتالونيا اعتزاله وانتهاء مسيرته كلاعب ولكنه قال حينها إنه على عكس الكثير من اللاعبين المعتزلين لم يكن يرغب في تدريب ناد كبير في بداية مشوراه لأنه كان يشعر بأنه لا يزال أمامه الكثير ليتعلمه. وقال بيب في ذلك الحوار: أعتقد أني مشواري كلاعب انتهى، ولكن سأصبح مدربا قريبا، سأدرب في أي درجة يعرضوها أمامي، سأحب أن تكون البداية في قطاع الناشئين وتدريب الأطفال، لأنه في الوقت الحالي لا أفكر في تدريب قطاعات سنية أكبر. وأضاف يجب احترام أن الأمر عملية تحتاج لوقت للتعلم، الخطوات الأولى هامة للغاية، لأنه في الكثير من الأحيان لا توجد فرص ثانية. يعرف كل شيء كانت مسيرة بيب اللاعب انتهت ولكنه كان يرغب في نهل المزيد من بحر المعرفة واستمرار عملية تعلم كل النواحي المتعلقة باللعبة، فلم يكن يكفيه كل ما تحصل عليه من علم من كرويف وروبسون وفان جال وماتسوني وكابيلو وخوانما ليو، لهذا قرر السفر للأرجنتين لتوسيع معارفه. وتعرف جوارديولا هناك على ريكاردو دي لا فولبي ومارسيلو بييلسا وسيزار لويس مينوتي حيث عقد معهم لقاءات ومقابلات مطولة عن كرة القدم، حيث يشير الأخير إلى أنه فتح له باب بيته ولكنه لم يعامله أبدا كطالب حيث يقول بيب لم يأت لهنا لكي نقول له كيف نقوم بالتدريب، لقد كان يعرف كل شيء. خلال رحلة المعرفة هذه قاد جوارديولا سيارته بصحبة صديقه ديفيد ترويبا لمسافة 309 كيلومترات من بوينوس آيرس حتى روساريو للاجتماع مع بييلسا في مزرعة ريفية صغيرة واستمر اللقاء قرابة 11 ساعة مثمرة للغاية من الحوار المتواصل. كان الفضول عنصرا مشتركا وتبادليا بين جوارديولا وبييلسا حيث شهد الأمر مناقشات قوية وبحث أكثر من مرة عن طرق الانترنت ومراجعات فنية وتحليلات تفصيلية وشرح وتمثيل للعب التموضعي، حيث تشارك الطرفان شغفهما باللعب حتى انتهاء ذلك اللقاء. ويجمع عامل مشترك بين بيب وبييلسا وهو عشقهما للفريق المسيطرة التي تبحث عن دور البطولة في الملعب والتي تعد أولويتها هي تسجيل الأهداف ولا يمكنها تحمل الاحتماء بأعذار واهية عند الخسارة. وكانت من أهم النصائح التي قدمها بييلسا لجواريولا إن فرقه لا يمكنها الفوز اذا لم يتمكن بنفسه من نقل ما يشعر به قبل كل المباراة لها، لذا فإن مسألة استخدام بيب لجزء من أفكار وأساليب وتعبيرات وفلسفة بييلسا ليس أمرا من قبيل الصدفة. وقبل رحيل بيب عن المزرعة التي كان يتواجد فيها بييلسا وجه الأخير له سؤالا قال فيه لماذا ترغب في العودة ودخول عالم التدريب وأنت تعرف كل القمامة التي تحيط بكرة القدم ومن ضمنها انعدام الأمانة لدى بعض الأفراد، هل تحب الدماء؟، ولكن رد جوارديولا جاء دون تأخير ولو للحظة واحدة أنا أحتاج لهذه الدماء. شعر جوارديولا بأنه أصبح مستعدا أكثر من ذي قبل، ليس بصورة كاملة لأنه كشخص لا يسمح لنفسه بالشعور بالرضا الكامل، ولكنه اتخذ قرار بأن الوقت أصبح ملائما لتجربة كل ما تعلمه. حينما عاد بيب إلى إسبانيا ظهرت فرصة التعاقد لتدريب نادي ناستيك الكتالوني ومقره مدينة تاراجونا كمساعد للويس إنريكي ولكن مجلس الادارة تراجع في النهائي بحجة أن الثنائي ليس لديه الخبرة اللازمة، ولكن ظهرت لجوارديولا فرصة أخرى حيث خاطبه برشلونة من أجل العودة إلى بيته. -- يستعرض FilGoal.com كتابا جديدا.. طريقة أخرى للفوز الذي يحكي حياة المدرب الإسباني بيب جوارديولا منذ طفولته وحتى رحيله عن برشلونة. هو واحد من انجح الكتب الرياضية في السوق الإسباني وترجم لعدة لغات، ويقدم الكثير من القصص والحكايات عن مسيرة جوارديولا ولاعب والصعوبات التي واجهها بجانب شرح الكثير من الجوانب الفنية والتكتيكية في مسيرته التي قادته ليصبح واحد من أبرز المدربين في الوقت الحالي، هذا بجانب حوارات مع المدرب نفسه وعدد من لاعبيه ومنافسيه. وألف الكتاب الصحفي الإسباني المخضرم جييم بالاجيه، صاحب الخبرة الكبيرة في المجال الرياضي بالعمل مع كل من (سكاي سبورتس) و(آس) و(تيليجراف) و(بليتشر ريبورت). اقرأ الحلقة الأولى.. (اضغط هنا) اقرأ الحلقة الثانية.. (اضغط هنا) اقرأ الحلقة الثالثة.. (اضغط هنا) الحلقة الرابعة.. (اضغط هنا) الحلقة الخامسة.. (اضغط هنا) الحلقة السادسة.. (اقرأ هنا)