شهد بعض دول «الربيع العربي» (مصر وتونس واليمن) استقراراً سياسياً نسبياً، لم ينعكس إيجاباً على المؤشرات الاقتصادية، فيما لا تزال دول أخرى (سورية وليبيا) تعيش إما حرباً مدمرة أو فوضى من دون أفق، ما يجعل الانتعاش الاقتصادي بعيد المنال أكثر من ذي قبل. ويترقب المصريون والتونسيون واليمنيون نتائج الثورات التي خاضوها وظنوا أنها نجحت بعدما أسقطت أنظمة، لكن المؤشرات الاقتصادية التي تهمهم، خصوصاً معدلات الدخل الفردي والبطالة، لم تشهد تحسناً يُذكر، وهم يستقبلون العام الجديد بآمال يعلقونها في هذه المجالات تحديداً. وفيما تبدو الفوضى في ليبيا أقل وطأة من الحرب الدائرة في سورية، يبدو أن الليبيين والسوريين سيضطرون معاً إلى انتظار فترات طويلة قبل أن تتبلور حلول سياسية تمهد الطريق لحلول لمعضلات اقتصادية طال أمد انتظار حلولها. أما في الولايات المتحدة، فثمة بوادر حلحلة للخلاف بين الحزبين، الجمهوري والديموقراطي، حول الموازنة الفيديرالية، لكن الحلول لا تبدو مرشحة للديمومة، أقله في الأمد المنظور، فالاتفاق بين الحزبين في هذا المجال في حاجة إلى تجديد قبل نهاية العمل بالموازنة الحالية في 1 تشرين الأول (أكتوبر) وهو أمر لا يبدو محسوماً. وفي الاتحاد الأوروبي، برزت أخيراً تسوية ألمانية - فرنسية تجيز جهداً أوروبياً مشتركاً لمواجهة أي تعثر في القطاع المصرفي. لكن الآلية - التسوية تتسم ببطء، فهي تتطلب مشاركة عدد كبير من صناع القرار، ما يثير مخاوف من عدم نجاعتها، وإن كانت تمثّل اليوم اقتراباً أوروبياً من نهاية نفق أزمة منطقة اليورو. وعلى المقلب الآخر من العالم، في شرق آسيا، ثمة تبدلات في الأوزان الاقتصادية قد تبدو مفاجئة، فالصين واليابان قد لا تشهدان النمو الاقتصادي الذي تعولان عليه، فيما يبرز لاعبون جدد في المنطقة، بقيادة كوريا الجنوبية.