من واقع الحال، وبغض النظر عن الفكرة الذكورية في المجتمع، التي تبدو فيها المرأة هي الحلقة الأضعف، ورغم أن ذلك ليس له مبرراته المنطقية، وإنما هي تراكمات سلبية أضعفت المرأة، لن يمر زمن طويل قبل أن تحملها رياح المنطق الاجتماعي، ويعتدل الميزان باستواء الكفتين؛ يمكن القول بأن المرأة تقوى برجال يساندونها، وحسب القول المأثور وراء كل رجل عظيم امرأة يمكن أن يحدث العكس ويكون وراء كل امرأة عظيمة رجل يدعمها ويشد من أزرها، سواء كان والدا أو أخا أو ابنا أو زوجا. المرأة لا تنكر دور الرجل في حياتها، بعكس كثير من الرجال الذين ربما يشعرون أن اعتمادهم على المرأة ربما يعني ضعفهم، ولكن ذلك مرده الى العقلية التي ترى الأمور والأحوال، وفي كثير من المجتمعات يعمل الطرفان سويا دون أفكار تتعلق بالتفوق أو التميز أو الاستعلاء، لكل دوره بتوازن واتزان، وذلك هو المجرى الطبيعي للحياة. وقد أعجبتني مؤخرا مبادرة أطلقها صندوق الأمير سلطان بن عبدالعزيز لتنمية المرأة، بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، بعنوان لأنك سندي وتهدف إلى تكريم الرجال المساندين للمرأة. تلك المبادرة في تقديري تعمل على تحقيق مقاربة تسهم في إزالة الأفكار النمطية حول المرأة، والارتقاء بها كشريك مؤثر في تنمية الواقع الاجتماعي، وحين تبادر مؤسسة مثل صندوق الأمير سلطان الى هذه الفعالية فإنها تطلق في الحقيقة مفهوما اجتماعيا يعمل على تذويب المفارقات، ويعيد اكتشاف العلاقة المهمة بين الرجل والمرأة على كل قواعد الاحترام والتقدير والعمل المشترك؛ لتحقيق مصالح المجتمع، ولذلك تشارك في المبادرة نساء أردن تكريم الأب أو الزوج أو الابن أو الأخ الذي كان سندا لهن على كافة الأصعدة العلمية والمهنية والاجتماعية. وبما أن المرأة السعودية وصلت إلى كثير من المواقع في مختلف المجالات، وحققت منجزات فائقة، فإنها -ولا شك- وجدت دعما من رجل مهم وقريب في حياتها، بما يتنافى مع الفكرة الذكورية التي تقصيها عن الأنشطة المختلفة، وهي بهذه المبادرة تقترب من الموازنة الاجتماعية التي تضع الرجل في موضع لا يمكنه معها أن ينتقص منها. ومن المهم لمجتمعنا أن تنطلق المرأة بجانب الرجل في الأعمال المختلفة، فبناء الوطن والمجتمع يرتكز على كل مواطن ومواطنة، دون تمييز أو تعطيل أو تأخير لأدوار كل منهما، فكما المرأة تساند الرجل زوجا وابنا وأخا وحتى والدها، فإن هؤلاء يساندونها، وحين نجد كثيرا من هذه النماذج يعتدل الميزان وينطلقان في مسيرة واحدة بعقل واحد وسواعد واحدة؛ من أجل التطور والتقدم بكل تأكيد.