تمثل العادات النشاط البشري من طقوس أو تقاليد تستمد في أغلب الأحيان من فكر أو ما يكرره الشخص، وتدخل العادات في كثير من مناحي حياته، حيث تخلق أنماطاً سلوكية متعددة ومتكررة للفرد، وتحدث بشكل لا إرادي، وليس بتفكير شعوري بشكل مباشر أو ملاحظ لأنها لا تلتقي مع تحليل الذات، ويصبح التعوّد وسيلة تعلّم بعد فترة من التعرض لمثير معين، والعادة تتطور بعمل النشاط عدة مرات، حيث أنّ الخلايا العصبية في الدماغ تخلق مساراً ثابتاً صعب التغيير، يجعلها تمر بسرعة عن القادح، مثل: مشاهدة التلفاز، أو الأكل، وقد تأخذ العادة أياماً أو سنوات حتى يعتادها الفرد اعتماداً على تعقيدها. وقد أصبحت مفردة "تعوّدنا" مبرراً للعديد من الممارسات، حيث يحاول أصحابها الإجابة على تساؤلات الآخرين عن سبب تعلقهم بها، حتى باتت هذه ثقافة لرفع الحرج عن أمور قد يرفضها المجتمع، وتتدرج في رفضها إلى أن تصبح أمراً عادياً، وربما يزداد نطاق ممارستها، مثلما حدث مع تدخين الشيشة، إذ كان المدخن بالسر يضرب، ويهان، إلى أن وصل الأمر إلى قبول دخول "النرجيلة" للبيوت والمنازل، وقد يجتمع عليها الاب مع أبنائه. أكل المطاعم وذكرت "سعاد جواد" أنّ ثقافة "تعوّدنا" منتشرة في سائر المجتمع، بل حتى داخل البيت الواحد، مبيّنةً أنّ لديها أخاً في الثانوية مدمن للأكل من مطاعم الوجبات السريعة، إذ لا يعود من المدرسة إلا وهو يحمل كيساً به وجبته، مضيفةً: "تعبنا معه.. لدينا أم -ماشاء الله- تطبخ بشكل ممتاز، والأكل تقريباً في بيتنا منوع، ولست أمدح أكل بيتنا، هذا واقع، لكن رغم تميز ما تطبخه الوالدة أو حتى الشغالة، إلاّ أنّ أخي لا يحب إلاّ أكل المطاعم"، مبيّنةً أنّهم عندما يخبروه بأنّ تصرفه غير مقبول، وفيه تبذير لمصروفه، يرده بأنّ الوجبة لا تكلفه إلاّ (15) ريالاً، مستشدةً بقوله الدائم: "الحمد لله أنا متعوّد على هذا الأكل.. احمدوا ربكم إني ما تعوّدت على الدخان أو شيء ثاني". حركة لا ارادية وبيّنت "فاطمة حمد" أنّ لديها أختاً متزوجة بين فترة وأخرى تمسح بيدها على وجهها في حركة تبدو طبيعية، لكنها تتكرر أكثر من مره خلال الجلسة، أو حتى وهي تداعب جهاز هاتفها الذكي، أو تحتسي الشاي، موضحةً أنّه عندما تسأل: لماذا تفعلين هذه الحركة؟، ترد: "عادي، طبيعي، أشعر بأني أفعل ذلك بصورة لا إرادية"، ومع الأيام ومع تكرار السؤال، ترد: "لقد تعوّدت على ذلك"، موضحةً أنّ زوجها قد أخبرها أنّ سوف يضطر إلى ربط يدها إلى صدرها حتى لا تكرر هذه الحركة، مشيرةً إلى أنّهم طلبوا منها أنّ تراجع طبيباً نفسياً، لكنّها رفضت بشكل قاطع. الشاي الاخضر ولفتت "كريمه سعد" -معلمة- إلى أنّ البعض يعترف بما تعوّد عليه، فيما يكابر آخرون، بل وقد ينكرون ذلك، مبيّنةً أنّها تعوّدت على شرب الشاي بالنعناع، بشكل قد تصاب فيه بالقلق والضيق إذا اضطرت لتناول الشاي من دون نعناع، مضيفةً: "الحمد لله أسواقنا زاخرة بأنواع مختلفة منه، ولدي دائماً كمية مخزنة حتى في غرفة نومي، صار تعوّدي هنا مزاجاً،. لكنه محمود ومقبول"، مشيرةً إلى أنّها تكون في غاية السعادة والأنس عندما تعدّ إبريق شاي أخضر، وتجلس بعد العصر تحتسيه وتتابع مسلسلاتها المفضلة. صوت قبيح وقالت "لطيفة عيد": "لدي جارة حبوبة وطيبة، لكن لديها عادة غير مقبولة، ولقد صارحتها من باب النصيحة؛ لأنّ تصرفها غير لائق؛ فهي عندما تضحك تخرج صوتاً فيه نخرة!"، مبيّنةً أنّها تتعذر بكونها قد تعوّدت على ذلك، إلاّ أنّ زوجها قد نبهها بضرورة الانتباه لهذا الصوت القبيح الذي تصدره كلما ضحكت. تعوّدت على التدخين وكشف "نورة فهد" -طالبة- أنّها تعوّدت على التدخين منذ أن كانت في مرحلة المتوسطة، حتى توصلت إلى حد الإدمان، مبيّنةً أنّ عادتها تسبب لها الحرج بين أفراد أسرتها، مضيفةً: "صحيح أنا لا أدخن كثيراً، لكن مزاجي يتعكر وأتضايق إذا تذكرته، ولابد أن أطلع للسطح لأدخن سيجارة.. طبعاً الوالدة اكتشفت الريحة"، موضحةً أنّها جربت الدخان حباً للإكتشاف، حيث وجدت علبة سجائر في مجلس الرجال بالصدفة، وجربتها، وأخفت العلبة، معتبرةً أنّ التدخين ليس بمشكلة، فالكثير من الفتيات يدخنّ!، مستدركةً: "أنا لا أبرر للسماح لعادتي بأن تبرز، وأن أقنع الآخرين بها، فكل شخص حر فيما يحب أو ما تعوّد عليه، خصوصاً إذا كانت هذه العادة شخصية أو لا تضر إلا صاحبها". إدمان القراءة ورأت "جواهر" أنّ التعوّد إدمان بحد ذاته، كاشفةً أنّها تعوّدت على القراءة قبل أن تنام، موضحةً أنّها تشعر بالضيق إذا لم تجد ما تقرأ، موضحةً أنّها تضع كمية من الكتب بالقرب من سريرها منذ أن كانت في الابتدائية، حيث كان هناك من يشجع عادتها، لافتةً إلى أنّ الدول الغربية مهتمة بالقراءة، وتشجع على تعويد الأبناء عليها. مدمن شراب وأوضحت "أم راشد" أنّها تزوجت قبل خمس سنوات، ومع الأيام اكتشفت أنّ زوجها مدمن على المشروبات الكحولية، حتى أنّه يضطر للسفر للدول المجاورة ليتاح له وأصحابه تناول ما يريدون، مبيّنةً أنّها حاولت أنّ تقنعه لمراجعة عيادة للإدمان، لكنّه رفض، بحجة أنّه لا يريد أن يعرف عنه أحد، إلاّ أنّها أخبرته بالمعاملة الخاصة والسرية، لكنّه لم يقتنع، ومع الأيام طلب منها أن ينتقلوا للسكن في دولة أخرى، حيث أنّه لا يستطيع العيش من دون مشروبه المعتاد، وبعدها حصل الطلاق بينهما. رد الدين وقالت "أم يوسف" -سبعينية-: "تعوّدت طول عمري أنّ ما في يدي ليس لي، وبناتي يصفونني بأني مبذرة ومسرفة، ورغم أنّي ورثت عن والدي نخيلاً وخيراً كثيراً، إلاّ أنّي لم أحافظ عليها، فأنا كريمة، ولا أحب أن أرد أحداً من معارفي إذا طلب مني شيئاً، ولا أتردد أن أعطيه إياه"، موضحةً أنّها باعت الكثير من النخيل بأسعار بسيطة، وسلّفت العديد من معارفها، ولم يعيدوا ما أعطتهم إياه، مستدركةً: "يمكن نسوا، وأستحي أطلب منهم شيئاً، والحمد لله الحالة مستورة، وبناتي قايمين بالواجب وأكثر".