×
محافظة الرياض

بدء الدراسة الأولية للشارة الخشبية في وادي الدواسر

صورة الخبر

في نهاية كل عام تتصارع الآراء، وتزداد التخمينات قبل صدور المِيزَانِيَّة العامة للدولة، التي أتت أرقامها ضخمة في السنوات الأخيرة، مما يضاعف حرارة الحوار المجتمعي، ويجعل العقول تتفتق وتجهد في محاولة الربط بين الأرقام الفلكية، وبين الواقع المحسوس على وجه الأرض، وغالباً ما تكون محملة بالنَظرات والعَبرات. ودعونا هنا نُلم ببعض ذلك، فلعلنا نجد فيه متعة. فمما يتداوله المواطنون عن موازنات السنوات الأخيرة، والحالية الآتي: 1. بعضهم يبتهج بهذه الأرقام الضخمة مجردة، فيشعل نظراته بشموع الأمل، ويتضرع أن تزدهر وتتعاظم سنة بعد سنة. 2. بعضهم يسبر بنظراته تقارير صندوق النقد الدولي، وثبات أسعار البترول العالمية، والنمو الاقتصادي وغيرها، ليثبت لنفسه ولمن يحاوره بأن الموازنة مستمرة في توطين الرخاء. 3. بعضهم تكون نظراته مشخصنة، فيحسب كم استفاد منها في السنة المنصرمة، ويقيس على ذلك بالمتوقع في الموازنات المقبلة. 4. بعضهم يتحدث كمحترف اقتصادي، فيوجه نظراته لكل قطاع حكومي على حدة، ويحدد ما خصه من الميزانية، ويقارن ذلك بما نتج عن ذلك القطاع من مردود ظاهري. 5. بعضهم يوجه نظراته للمشاريع العملاقة، في طول البلاد وعرضها، ويجادل بأنها تثبيت عملي للأرقام على أرض الواقع. 6. بعضهم يعتبر المشاريع العملاقة عديمة فائدة لحياة المواطن، فتنفيذها يتم بواسطة شركات معروفة، وبعمالة أجنبية، وبعَبرةٍ يُقرر أن من يستفيدون منها هم الأثرياء، والقطاع الخاص، وأن مردودها على المواطن البسيط لن يكون منظوراً. 7. بعضهم بعبراتهِ ينتقد المشاريع، التي يُكتَشَف بعد فترةٍ عدم تعزيزها ببنية تحتية، مما يجعلها مشاريع هشة بقصد الكسب السريع، والاستنزاف المستمر من خلال أعمال الصيانة المستقبلية. 8. عَبَرات بعضهم تتحسر لعدم اقتطاع جزء من هذه الموازنات لشراء حصص استثمارية في الدول الصناعية والزراعية المتقدمة، بغرض الإبقاء على رأس المال الوطني، وتنميته. 9. بعضهم بعبرةٍ يستغرب كيف لا يتم استخدام الفائض من الموازنة لتدعيم قيمة الريال في خزائن البنك الدولي. 10. وبعبرةٍ يتساءل بعضهم كيف لا يكون للميزانيات أثر على زيادة الوظائف الحكومية، والثابتة منذ عقود. 11. بعضهم تخنقه العَبَرات لأن هذه الميزانيات تُحدث قفزات كبيرة في رفع أسعار السلع والخدمات، بينما يكون دخل الفرد خلالها ثابتاً. 12. بعضهم ينسب سبب تردي تنفيذ بعض المشاريع، وتأخيرها، لمحدوديتها بميزانية السنة ذاتها، مما يجعلها أقرب لسلق البيض، الذي يكتشف بعد عَبرةٍ، بأنه لم يكن كامل الاستواء. 13. بعضهم ينظر إلى السماء متضرعاً بأن تنخفض أرقام موازنات السنوات المقبلة، لمعرفته بأن الأرقام كلما تضخمت، كلما نقصت بركتها. 14. بعَبرةٍ وحسرة يقرر بعضهم أن الفساد المالي يزداد بزيادة أرقام الموازنة، وأن حصرها في سنة يتسبب في ضياع المحاسبة. كل تلك النظرات والعبرات وغيرها تسود في حواراتنا الاجتماعية، نتيجة زيادة وعينا، وانفتاحنا. وكل ما نتمناه أن يدفع ذلك المتخصصين والمثقفين لمزيد من التعمق والأمانة، والتشعب في الطرح، حتى تتوصل مجتمعاتنا كافة إلى خلاصات أكثر صدقاً وشفافية، معلية الدور الثقافي للمجتمع، الذي سيفيد الدولة دون شك، في كيفية التعاطي مع الميزانيات المقبلة، وتوطينها، وصيانتها من العبث والعابثين، وجعلها هماً مشتركاً وأمانة وغرساً مثمراً للوطن والمواطن.