قال المتحدث باسم رئاسة الوزراء البريطانية، أمس، إن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون يعتقد أنه يجب التعامل مع التسجيل المصور الأخير المنسوب لتنظيم داعش الإرهابي، حيث يتم فيه تهديد المملكة المتحدة وإعدام من يقال إنهم «5 جواسيس» يعملون لصالح بريطانيا على أنه من قبيل «الدعاية الإعلامية اليائسة» للتنظيم الذي يعاني من التراجع. وتابع المتحدث: «نفحص محتوى الفيديو ويبقى رئيس الوزراء على اطلاع بالتطورات بشأن ذلك، الفيديو بمثابة تذكير بوحشية (داعش)، وما يواجهه العالم مع هؤلاء الإرهابيين، من الواضح أيضا أنها أداة للدعاية وينبغي أن يتم التعامل معه على هذا النحو». وأعاد التسجيل للأذهان مشاهد «السفاح جون» وهو بريطاني مسلم عضو بـ«داعش» ظهر في عدة مقاطع مصورة لقتل رهائن قبل أن تتردد أنباء عن مقتله في غارة جوية أواخر العام الماضي. وقال كاميرون للصحافيين: «هذه أشياء يائسة من التنظيم الذي يرتكب بالفعل أكثر الأعمال خسة وحقارة، ويمكن للناس رؤية هذا مرة أخرى اليوم». وأضاف كاميرون: «هذا تنظيم يخسر أراضي.. ويفقد مكاسب.. لن ترهب بريطانيا مثل هذه الأعمال الإرهابية، فقيمنا أقوى بكثير من قيمهم. ربما يستغرق الأمر وقتا طويلا جدا، لكنهم سيهزمون». وفي أحدث المعارك بالعراق تراجع تنظيم داعش كثيرا ليخرج من الرمادي في أكبر انتصار للقوات العراقية العام الماضي. من جهتها، قالت متحدثة باسم كاميرون إن بريطانيا تدرس الفيديو وإن رئيس الوزراء قد أحيط علما بالأمر. ولم تكن المتحدثة تعلم إن كان كاميرون شاهد الفيديو بنفسه. وقالت المتحدثة «يذكرنا هذا بوحشية داعش وبما يواجهه العالم من خلال هؤلاء الإرهابيين. ليست هذه سوى أداة للدعاية وينبغي التعامل معها في هذا الإطار». وحين سئلت إن كان الرجال الذين ظهروا في التسجيل كانوا جواسيس بالفعل، رفضت المتحدثة التعليق على شؤون تخص المخابرات، لكنها قالت إن الدعاية السابقة للتنظيم لم تكن جميعها حقيقية. وبعد قتل الرجال الخمسة يظهر في التسجيل طفل يبدو أنه في الرابعة أو الخامسة من عمره يتحدث الإنجليزية ويرتدي رباط رأس أسود يقول: «اذهب واقتل الكفار هناك». والمتشدد الملثم في هذا التسجيل مختلف عن إموازي لكنه يتحدث بلكنة إنجليزية واضحة ويلوح ببندقية أمام الكاميرا وهو ينتقد كاميرون. وقال الرجل في التسجيل الصادر أول من أمس ومدته عشر دقائق: «هذه رسالة لديفيد كاميرون عبد البيت الأبيض وبغل اليهود». وأضاف الرجل: «أمر غريب أن يهددنا زعيم جزيرة صغيرة بحفنة طائرات. كنا نتصور أنك تعلمت الدرس من سيدك البائس في واشنطن وحملته الفاشلة على داعش». وقالت وزارة الخارجية البريطانية إنها على علم بالتسجيل وتدرس محتواه. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قال مسؤولون بريطانيون إن ما يصل إلى 800 بريطاني سافروا إلى العراق وسوريا بعضهم للالتحاق بتنظيم داعش. وعاد نحو نصفهم إلى ديارهم في حين يعتقد أن 70 منهم قتلوا. وهدد مسلح مقنع، خلال الفيديو ومدته 10 دقائق، بشن هجمات داخل بريطانيا، وقال إنها رسالة موجهة إلى رئيس الوزراء البريطاني، وجرى تصوير الرجال الخمسة وهم يلقون بيانا عما يصفه الفيديو بجريمتهم، وقالوا إنهم من الرقة في سوريا، وقال آخر إنه من بنغازي في ليبيا، ولم يقل أي من الرجال الخمسة إنه من بريطانيا. واختتم الفيديو الذي لم يتم التأكد من صدقيته من جهة مستقلة - بمشهد لطفل صغير يتحدث بالإنجليزية عن قتل «الكفار». وذكرت الخارجية البريطانية أنها تفحص الفيديو، الذي يظهر ملثما وصبيا بلكنة إنجليزية يهددان كاميرون والحكومة البريطانية بعد شن لندن لضربات جوية على التنظيم في سوريا. وأيضا، تفحص وكالات أمنية واستخباراتية بريطانية فيديو نشره تنظيم داعش، لتحديد هوية شخص وصبي يظهران في الفيديو يتكلمان بلكنة بريطانية. ويعتزم الخبراء الاستخباراتيون - الذين يبحثون عن المتطرف البريطاني غير المعروف والطفل الصغير اللذين ظهرا في فيديو القتل الدعائي لتنظيم داعش - استخدام نفس تقنيات التعرف التي استخدموها في تعقب محمد إموازي، الذي قُتل في غارة أميركية من دون طيار في نوفمبر. لقد استغرق الأمر أشهر لتحديد إموازي علنا، المعروف أيضا باسم «الجهادي جون»، وذلك بعد أن ظهر وراء قناع في سلسلة من فيديوهات إعدام الرهائن الغربيين خلال عامي 2014 و2015. وفيما تبدو محاولة لتكرار فيديوهات إموازي، يركز مقطع الفيديو الجديد - الذي يوهم أنه مأخوذ من فيلم دعائي طويل لـ«داعش» - على رجل يتحدث بلكنة البريطانية قبل عرض قتل خمس رهائن متهمين بالتجسس لصالح المملكة المتحدة. ويبدو أن الفيديو الجديد للتنظيم يظهر رجلا آخر يريد أداء دور إموازي. ولم تعرف هوية هذا الرجل الملثم بعد، لكن السلطات تسعى إلى تحديد هويته، والتأكد إن كان بالفعل بريطانيًا. وأثار الفيديو عملية تعقب سوف تركز على لهجة المسلح غير المعروف وعلى ما يمكن رؤيته من وجهه، حيث ستجري مقارنته مع ما هو معروف عن مئات المشتبه بهم البريطانيين بالتطرف الذين سافروا إلى سوريا والعراق. وسيكون من السهل التعرف على الشاب غير المقنع الذي ظهر في الفيديو، ويبدو إنجليزيا أيضا، بحسب شيراز ماهر، خبير في مسائل المتشددين البريطانيين، وباحث كبير في المركز الدولي لدراسة التطرف في كلية كينغز كوليدج لندن. وقال ماهر، متحدثا لبرنامج «توداي» على إذاعة «بي بي سي راديو 4»: «من المؤكد أنه سيتم التعرف على الطفل بشكل سريع نسبيا، لأنه من غير المعقول - بالنظر إلى عمره - أن يكون مولودا هناك. ويرجح أنه انتقل إلى هناك، لذلك سيتعرف أي شخص على الطفل، ويخبرنا بهويته، علاوة على أن الطفل لا يرتدي أي قناع». وسوف تجري السلطات أيضا تحليلا صوتيا للمقارنة بين ما هو موجود في الفيديو مع أصوات أشخاص عرف أنهم سافروا إلى العراق وسوريا. وعقب ما ظهر في الفيديو أنه عملية قتل، شوهد الصبي - الذي بدا في السادسة أو السابعة من العمر، ويرتدي زيا عسكريا - وهو يشير إلى بعيد متحدثا عن قتل «الكفار». وقد اعتاد تنظيم داعش على استخدام الأطفال في مقاطع الدعاية بالفيديو. ويسخر الرجل الملثم المتشدد، الذي كان يحمل بندقية، في مقطع الفيديو الجديد من كاميرون لجرأته على «تحدي قوة» الجماعة المتشددة، قبل أن يهدد البريطانيين بـ«احتلال أراضيكم». وشوهد الرجال الخمسة في الفيديو - الذين كانوا يرتدون سترات - والنار تطلق عليهم من خلف رؤوسهم في موقع صحراوي، عقب الإدلاء بما قيل إنه اعترافاتهم، قبل أن يظهر طفل يرتدي ملابس «داعش» ويقول بالإنجليزية: «سنقتل الكفار هناك». وشككت المتحدثة باسم رئيس الوزراء في الادعاءات الموجودة في الفيديو بأن الضحايا كانوا جواسيس، مشيرة إلى أن «داعش» كان يواجه ضغوطا قوية من جراء الغارات الجوية التي يشنها الائتلاف الدولي عليه. وأعلن داونينغ ستريت أن طائرات سلاح الجو الملكي شاركت في 11 غارة جوية ضربت أهدافا تابعة لـ«داعش» في سوريا منذ موافقة البرلمان على تمديد عملياته العسكرية من العراق. وتضمنت تلك الغارات ضرب أهداف «داعش» جنوب قاعدته في الرقة بسوريا يوم أعياد الميلاد (الكريسماس). وذكرت المتحدثة أن طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني ركزت في الأيام الأخيرة على الجهود الرامية لطرد «داعش» من مدينة الرمادي بالعراق. وقالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء البريطاني: «نحن ندرس محتوى الفيديو، ويتابع رئيس الوزراء بنفسه كل ما هو جديد في تلك القضية. ويذكرنا الفيديو بوحشية داعش وما يواجهه العالم مع هؤلاء الإرهابيين. إنه أيضا أداة دعائية واضحة، وينبغي التعامل معه على هذا النحو». وشككت المتحدثة في الادعاءات الموجودة في الفيديو أن الرجال المقتولين هم جواسيس يعملون لصالح المملكة المتحدة. وأردفت بالقول: «إنها أداة دعائية على ما يبدو. ولم تكن كافة دعاية داعش في الماضي حقيقية».