دعا رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى مطاردة من وصفهم بـ«العصابات المجرمة» التي نفذت عدة هجمات منسقة ضد ثلاثة مساجد تعود لأهل السنة في محافظة بابل (مائة كم جنوب بغداد) مما أعاد إلى الأذهان حرب المساجد في بغداد عامي 2012 و2013. وفيما عدت وزارة الداخلية مثل هذه الأعمال بأنها محاولات يائسة لاستعداء الطوائف العراقية، فقد أصدر العبادي أمرا إلى قيادة عمليات بابل «بمطاردة العصابات المجرمة من دواعش وأشباههم التي اعتدت على المساجد». وأضاف العبادي في بيان صدر عن مكتبه أمس أن «هذه العصابات تهدف لإثارة الفتن وضرب الوحدة الوطنية». وهز انفجاران مسجدين سنيين في مدينة الحلة، مركز محافظة بابل، كما اغتال مسلحون إمام مسجد ثالث شمال المدينة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر أمنية أن مجموعة من المسلحين الذين يرتدون زيا عسكريا قامت ليل الأحد الاثنين بتفجير عبوتين ناسفتين محليتي الصنع في المسجدين السنيين في مدينة الحلة (80 كلم جنوب بغداد). وقال ضابط برتبة نقيب في الشرطة إن «مسجد عمار بن ياسر في حي البكرية فجر بعد منتصف ليلة أمس (الأحد)». وأضاف «بعد سماعنا صوت الانفجار تحركنا نحو المصدر، وتبين أنه تم زرع عبوات ناسفة في المسجد». وأضاف أن «عددا من أهالي المنطقة ذكروا أن مجموعة يرتدي أفرادها ملابس عسكرية نفذت العملية ولاذت بالفرار» مشيرا إلى تعرض نحو عشرة منازل قرب المكان إلى أضرار جراء التفجير. وقال شاهد عيان يسكن قرب المسجد إن «المسلحين اقتادوا أحد النازحين من الأنبار، يسكن في المسجد مع عائلته، إلى مسافة قريبة وقتلوه بالرصاص». وأكد طبيب في مستشفى الحلة تلقي جثة الضحية. كما قامت مجموعة من ثلاثة أو أربعة أشخاص يستقلون سيارة صغيرة، بتفجير مسجد الفتح المبين الواقع في قرية سنجار في الجانب الغربي من مدينة الحلة، وفقا للمصدر. وذكر مصدر طبي أن ثلاثة أشخاص أصيبوا بجروح جراء التفجير. وفي حادث منفصل، اغتال مسلحون مجهولون مساء الأحد طه الجبوري، إمام ومؤذن جامع محمد عبد الله الجبوري، في ناحية الإسكندرية (40 كلم جنوب بغداد)، وفقا لمصدر في الشرطة. وفي هذا السياق أكد المدير العام للعلاقات والإعلام في وزارة الداخلية، إبراهيم العبادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأجهزة الأمنية تتابع هذا الموضوع بدقة، وقد عززت أمن الجوامع هناك من أجل تفويت الفرصة على هذه الجهات التي تسعى للعبث بأمن البلاد من خلال استغلال بعض الظروف الاستثنائية»، مشيرا إلى أن «المعلومات الأولوية لدى شرطة بابل التي تتابع هذا الأمر تفيد بأن من قام بهذا العمل عصابات إجرامية حاولت استغلال التوتر الموجود حاليا في المنطقة، وهو ما جعلنا نتخذ إجراءات سريعة للحيلولة دون أن تحقق مثل هذه الجهات أي هدف مما تنوي تحقيقه». وكانت وزارة الداخلية أعلنت في بيان لها أن «هذه الاعتداءات محاولات يائسة لاستعداء الطوائف العرافية ضد بعضها، وثمة جهود تبذل لإحياء الاحتقانات المذهبية على خلفية أحداث تشهدها المنطقة». وأضاف البيان أن «تلك المحاولات تقوم بها عناصر مدسوسة لزرع الفتنة واستغلال الظروف الراهنة». واعتبرت الوزارة أن «القوى العراقية المختلفة أثبتت وحدتها وتضامنها وتجلت إرادتها بشكل واضح في الإصرار على وحدة النسيج الوطني العراقي وحماية المجتمع من كل أشكال التصدعات». من جهته استنكر رئيس جماعة علماء العراق خالد الملا تفجير المساجد السنية. وقال الملا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا العمل يستهدف زرع فتنة جديدة بين العراقيين»، مبينا أن «استهداف المساجد والحسينيات والكنائس وكل دور العبادة إنما يشكل استهدافا مضادا لكل ما هو إنساني». في السياق نفسه، عدت مديرية الوقف السني في الفرات الأوسط، أن تفجير الجوامع في محافظة بابل يهدف لـ«زعزعة اللحمة الاجتماعية بين أبناء المحافظة». وقال مدير الوقف السني في الفرات الأوسط مؤيد عبد الجبار في تصريح إن «الأجهزة الأمنية تقوم منذ حادثة التفجيرات بإجراء تحقيقات متكاملة لمعرفة المسببين لهذه الجريمة». وأكد عبد الجبار، أن «المديرية ستعمل على إعادة إعمار تلك الجوامع من جديد»، مشيرًا إلى، أن «الوقفين السني والشيعي يعيشان في دائرة واحدة وهما متآخيان ومتحابان لا يفرقهما أي شيء، وجميع مسؤولي المحافظة اتصلوا بنا ونددوا بهذه العمليات الإجرامية». على صعيد آخر، وردا على سؤال بشأن تضارب الأنباء حول مصير المختطفين القطريين ما بين إطلاق سراحهم مرة وإعدامهم مرة أخرى، قال المدير العام للعلاقات والإعلام في وزارة الداخلية إن «الفريق المكلف بالبحث بالتحقيق بشأنهم يؤكد أن لا صحة لكلا الأمرين، وأن العمل جار بكل جدية من أجل معرفة مصيرهم، تمهيدا لإطلاق سراحهم، وأن الجهود التي تبذل بهذا الخصوص أستطيع أن أؤكد أنها جهود مضنية».