يعد التحكيم قضية موسمية في منافسات كل دولة كروياً، جرت العادة أن صافرة الحكم تتحمل الخسارة، ومن النادر أن يخسر أي فريق ويغادر الملعب صامتاً، أو يخرج المدرب ليحمل نفسه هدر النقاط، أو يظهر رئيس النادي ليعتذر عن سوء اختياراتهم في التعاقدات وغيرها، فالمدان الأول وسط الملعب حين الخسارة هو الحكم، ربما لأنه أسهل وسيلة تصرف غضب الجماهير عن الإدارة واللاعبين والمدرب، وهذا الأمر ليس حصراً على الدوري السعودي بل ممتد إلى بقية الدوريات الخليجية والعربية والعالمية، فالحكم هو خصم الفريق الخاسر وصديق الكاسب. في الدوري السعودي لا أحد يعجبه الحكم، إذ يبقى أسيراً لتصريحات الفريق الخاسر، تحاصره سهام جماهيرهم وتوجهه إليه الاتهامات من إعلامييهم، ومنذ زمن ليس بالقصير اتجه الاتحاد السعودي إلى فكرة الاستعانة بالحكم الأجنبي، لتخفيف الضغط على المحلي، وتطوير أدائه وفق المبررات التي ساقها اتحاد الكرة آنذاك، ولا شيء اختلف عما سبق، الحكم المحلي أداؤه يتراجع والضغوطات تزداد عليه والمستفيد هو الحكم الأجنبي من جميع النواحي. بداية الموسم الجاري أعلن اتحاد الكرة، استعانتهم بالحكم الإنجليزي المعتزل هاورد ويب، وقدموا له بتاريخه الطويل وإدارته لعدد من المباريات العالمية وغيرها، لكن اتحاد الكرة أغفل أن هذا الحكم مثل بقية الحكام، كان أداؤه مختلفا عليه ووجهت له الانتقادات كثيراً، بل كان محسوباً على مانشستر يونايتد في الدوري الإنجليزي، فبعد إدارته مباراتهم ضد ليفربول في كأس الاتحاد عام 2011، وضعت صحيفة "ديلي ستار البريطانية" صورته بقميص مانشستر الأحمر تعبيراً عن انتمائه لهم، لكن هذا الجدل لم يشرخ ثقة اتحاد كرة إنجلترا بإمكاناته فحتى بعد اعتزاله استعان به مشرفاً فنياً على الحكام. الثقة التي نالها ويب في بلاده منذ أن كان حكماً حتى بعد اعتزاله، هي أهم ما يفقده الحكم السعودي في رياضتنا الحالية، فحين يحرم الحكم المحلي من إدارة مباريات جماهيرية ك "الديربي" و"الكلاسيكو" ويحرم التواجد في النهائيات، وتسند هذه المباريات التي هي حلم كل حكم سعودي إلى طاقم أجنبي، تعبيراً عن نزع الثقة من المحلي بأعذار واهية وغير منطقية، فأي تطور ننتظره من حكم لا يثق به أحد؟ فبيان اتحاد الكرة قبل أيام وإشادته بتركي الخضير بعد نجاحه بقيادة "ديربي" جدة لا ثمرة منه، لأن هذه الإشادة لا يرافقها ثقة في إسناد المباراة النهائية للخضير أو أحد رفاقه. علاج صافرة الحكام في الكرة السعودية، يبدأ من اتحاد الكرة أولاً في منع تواجد "الأجنبي" مطلقاً ومنح الثقة الكاملة ل "المحلي" ورفع المكافآت المادية، ومن ثم حل اللجنة الحالية وإبعاد هاورد ويب والاستعانة بالدولي السابق خليل جلال رئيساً للجنة، فالتاريخ الذي يملكه يؤهله لهذا المنصب مع منحه الصلاحيات كافة، لأن استمرار الحال مثلما هو عليه اليوم فإننا نعمل على تطوير الحكم الأجنبي.