يظهر في الأفق بريق أمل بارتفاع أسعار النفط العالمية خلال العام الحالي، بعد تراجعها من 66 دولارا للبرميل إلى أقل من 38 دولارا خلال عام 2015. ويتوقع معظم المحللين تحسنا تدريجيا في عام 2016 مدعوما بتباطؤ الإمدادات، وسط تكهنات بتأخر وصول النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية، فضلا عن تراجع الاستثمار العالمي في صناعة النفط. وبعد أن أعطى اجتماع أوبك في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أملا ضئيلا في تحسن أسعار النفط، مع إعلان المنظمة عن استمرار الإنتاج عند مستويات تفوق حاجز الـ30 مليون برميل يوميًا، وهو السقف الذي سبق الاتفاق عليه في ديسمبر عام 2011، يبدو أن إيران لن تتمكن من العودة إلى الإنتاج الكامل في العام الحالي، في ظل تهالك البنية التحتية وتباطؤ الاستثمارات النفطية. وتأتي تلك التكهنات في وقت صرح فيه مسؤول في قطاع النفط الإيراني لـ«رويترز» بأن زيادة صادرات إيران من النفط الخام بمجرد رفع العقوبات المفروضة عليها تعتمد على الطلب العالمي على الخام في المستقبل، مما يحول دون هبوط أكبر للأسعار. كما قال محسن قمصري، مدير عام شركة النفط الوطنية الإيرانية، لوكالة أنباء «شانا» التابعة لوزارة النفط، السبت الماضي، إن تحديد كميات التصدير سيعتمد بشكل كبير على وضع السوق في المستقبل، مُضيفًا: «سنكون حذرين للغاية لتفادي مزيد من الهبوط في الأسعار العالمية، وسنتبنى وسائل واستراتيجيات معينة في هذا الشأن». لكن تلك التصريحات تبدو في رأي كثير من المراقبين والمحللين من قبيل «جس نبض» السوق، ويوضح بعضهم أن قدرة إيران الحقيقية على التأثير في سوق النفط العالمية أقل كثيرا مما تحاول إظهاره من «قدرة وقتية على ضخ كميات مؤثرة على الأسعار العالمية». وكانت العقوبات قد قلصت صادرات إيران النفطية بنحو النصف إلى نحو 1.1 مليون برميل يوميا من 2.5 مليون برميل يوميا قبل عام 2012، وتتطلع إيران إلى تصدير النفط إلى آسيا وأوروبا، وحددت الصين والهند كمشترين محتملين بعد رفع العقوبات. وعلى جانب آخر، قال مايكل ويتنر، المحلل في «سوسيتيه جنرال»، في مذكرة بحثية صدرت في يناير (كانون الثاني) الحالي، إن عوامل العرض والطلب ستبدأ في إعادة التوازن خلال العام الحالي حتى تتحسن الأسعار. وتُشير توقعات «سوسيتيه جنرال» إلى أن الأسعار ستتجه إلى مسار أعلى تدريجيًا في بداية النصف الثاني من 2016 لتصل إلى 50 دولارا للبرميل لخام برنت في النصف الأول من العام الحالي، ثم إلى 55 دولارا للبرميل في الربع الثالث، و60 دولارا في الربع الرابع. ويتوقع كثير من المحللين انتعاش الأسعار في نهاية عام 2016، وسط تراجع الفائض من المعروض النفطي في الأسواق العالمية خاصة في الولايات المتحدة، التي تعاني حاليًا من تباطؤ أنشطة الحفر والإيرادات النفطية المنخفضة. وقد نشر المنتجان الأميركيون «شيفرون» و«كونوكو فيليبس» خططا لخفض ميزانياتهما لعام 2016 بمقدار الربع. وتُدعم تكهنات ارتفاع أسعار النفط في العام الحالي التوقعات بانخفاض استثمارات النفط والغاز العالمية إلى أدنى مستوى لها منذ ست سنوات لتصل إلى 522 مليار دولار في 2016، بعد أن تراجعت بنحو 22 في المائة إلى 595 مليار دولار في عام 2015، وفقًا لبيانات شركة «Rystad» لاستشارات الطاقة، ومقرها أوسلو. وقال بنك الاستثمار الأميركي «مورغان ستانلي»، في أحدث مذكراته البحثية، التي نشرت قبل عيد الميلاد وتحت عنوان «رياح معاكسة لأسعار النفط في 2016»، إن «الأمل في إعادة التوازن في عام 2016 لا يزال قائما رغم إمكانية تعرض النفط لنكسات خطيرة». وأظهر المسح الأخير لـ«رويترز»، الذي استطلعت خلاله آراء 31 محللا، أن متوسط توقعات سعر برنت للعام الحالي يصل إلى 57.97 دولار للبرميل، أي أكثر بنحو 20 دولارا فوق القيم السائدة في السوق الفورية.